تتعدد الاحتمالات وتختلف الآراء لكنها تتفق على أن الكائن لا بد أن يكون وأن الحبلى لا بد أن تضع حملها وأن تعسرت ولأدتها ومهما صاحبتها إرهاصات المخاض ومهما كان نوع المولود، القطار يسير بسرعة قاطعاً مسافات من الزمن وعلى وشك أن يتوقف، معلناً للعالم مصير شعب وميلاد وطن.
ففي التاسع من الشهر الحالي شهدت الفاتنة السمراء ـ سلة الغذاء العربي كما يسمونها استفتاء مصيرياً يحدد الجنوبيون مصيرهم ومستقبلهم في ظل دولة واحدة إذا اختاروا الوحدة أو الانفصال والفرقة ولعل الواقع المشهود يقول ذلك ويسير باتجاهه كسياسة خبيثة تمارسها الدول الاستعمارية ممثلة بالدولة العبرية الاسرائيلية وحلفائها من الغرب الأميركان وأذيالهم من العملاء والمرتزقة وضعفاء النفوس من العرب الحالمين بتولي المناصب والجلوس على الكراسي وإن كان ذلك على حساب تمزيق شعوبهم وتقريهم دولهم.
فالسودان الذي قرر مصيره وطرد الاستعمار وكان السباق عربياً وإفريقيا في تقرير مصيره وإعلان دولته الموحدة في العام 1956م، يتعرض لهجمة صليبية استعمارية شرسة تستهدف النيل من وحدته وقوته، لتلحق بالركب الأميركي وتسير في المجرة الإسرائيلية لتحرك بالريموت من البيت الأبيض، تنفيذاً لمخططات مرسومة سلفاً، تستهدف العديد من البلدان العربية بداءً بفلسطين وبعدها العراف ثم السودان في مسلسل درام يرمي إلى تقسيم عدد من الدول العربية تحت ذرائع عدة وبأساليب متعددة منها الاستفتاء وتقرير المصير وحماية المطالب الحقوقية التي استغلها والمواطنة المتساوية وغيرها من المطالب الحقوقية التي استغلها الأعداء لتبرير سياساتهم الاستعمارية.
ولعل السودان بمساحته الكبيرة ومصادره الاقتصادية المتنوعة يعد من البلدان المهمة عربياً وإفريقيا لما تحويه من ثروة نفطية وأراضي زراعية ومساحات خصبة تقدر بـ"80" مليون هكتار، المستغل منها لا يمثل ربع الرقم المذكور، كما أن وفرة المياه وطوال العام وقربها من منابع النيل ومنطقة البحيرات يزيدها أهمية لأهمية الغذاء للشعوب الدول العربية والذي يشكو أغلبها من التصحر والجفاف، فلو اتجهت الاستثمارات العربية إليها لسدت الفجوة الغذائية العربية ووفرت الأموال العربية التي تذهب إلى المصارف الأوروبية لشراء الغذاء والدواء.
إن قلبي يقطر دماً خوفاً على وحدة السودان، فماذا لو تم انفصال السودان بلا شك مسلسل الاستثناء سيشمل العديد من الدول العربية، فيما بعد وبالأخص الدول التي توجد فيها شظحات انفصالية وستصبح سنة خبيثة لن يسلم منها قادة العرب إلا القليل.
ولن ينفع الندم ولسان الحال يقول أكلت يوم أكل ا لثور الأبيض فهل، تعقل الزعامات العربية وتتصالح مع شعوبها وتعمل من أجل امتصاص النزعات القبلية والانفصالية بإرساء مبدأ العدل والمساواة بين جميع فئات الشعب وعدم احتكارها في فئة محددة أو قبيلة معينة، حتى لا تشعر باقي الفئات بالغبن فيتولد الميول الانفصالي لديها وأخيراً أتمنى للسودان الرخاء والوحدة وللحكام العرب أن يتعظوا ويعتبروا مما يدور في السودان ويعلموا أن الأعداء يحيكون لنا المؤامرات ويتربصون بنا الدوائر وينتظرون منا ساعة غفلة.. فهل يعلمون أتمنى ذلك.
خالد البذيجي
الفاتنة السمراء هل يقصم ظهرها؟ 1782