بعد إجباري على ترك وظيفتي القيادية والجلوس في البيت من قبل رئيس مؤسستي لأسباب لازلت أجهلها رغم يقيني الأكيد بأنني لم أرتكب أي جريمة أو مخالفة يعاقب عليها الدستور أو القوانين واللوائح المختلفة، وإشعاري من قبله

شخصياً بأن ألزم بيتي إلى حين استدعائي.. وتم وعدي بأنه سيتم إعادة ترتيب وضعي الوظيفي مرة أخرى.. وقد حاولت المتابعة في البداية ولكن دون جدوى وتحت إصرار بأن أظل في البيت إلى حين استدعائي وتلا ذلك

حرماني من جميع الحوافز والامتيازات حتى علاوة قيمة البترول والتي كنت أحصل عليها أسوة بزملائي شاغلي المناصب القيادية في نفس المؤسسة ثم حرماني منها ولم يبق أو يترك لي سوى راتبي الشهري الذي لا يتبقى منه سوى

"40" ألف ريال فقط.
 المهم اعتقد بأنني لن أظل في البيت كثيراً نظراً لما قدمت سياسية سوى عضويتي في حزب المؤتمر الشعبي بمؤسستي منذ أكثر من عشر سنوات والذي خذلني من خلال الموقف السلبي لما اتخذ ضدي ولم يحرك ساكناً حتى

بالسؤال عن أحوالي وصحتي.. رغم مواقفي الوطنية العديدة.
 وهكذا وإلى الآن ـ أي مرت علي ما يقارب السنتين وأكثر وكرامتي لا تسمح لي بدق الأبواب مرة أخرى بعد مقابلات الجفاء والنسيان لما قدمت من خدمات بكفاءة يشهد لها الكثير من الزملاء والأصدقاء وإلا لما صدر قرار مجلس

الوزراء بتعيين بعد خمس سنوات من التكليف والذي ألغي من رئيس المؤسسة.
أرجوا أن يعذرني القارئ الكريم على هذه المقدمة عن نفسي وأحوالي خاصة المادية، الصعبة والتي أوجزتها بشكل كبير وتطرقت لها لأنها كانت السبب الرئيسي الذي قادني لموضوع اليوم.
المهم أمام ظرفي المادي الصعب قررت أن أبحث عن مصدر رزق آخر وأنا في الخمسين من عمري وقد اقترح علي صديق أن أعمل معه في إحدى المدارس الابتدائية الخاصة.. ورغم أن تخصصي صحافة.. وأمام

ظروفي الصعبة وافقت أن أعمل تحت مبرر أن الصحافة أيضاً ذات علاقة باللغة العربية وقد عملت مدرساً لهذه المادة بمبلغ "10" ألف ريال في الشهر ولكني تركت التدريس للمادة والمدرسة بعد شهرين فقط، بعد أن أزعجني

وضع التدريس وأسلوبه وأسفي على التلاميذ الصغار وضياع سنوات من عمرهم دون تحصيل معرفي بسبب أساليب لا تغني من جوع.
والواقعة التي كانت سبباً لتركي التدريس هي أنني أتذكر في إحدى المرات أنني دخلت فصل سنة رابعة وطلبت من أحد الأطفال أن يكتب على السبورة قعطة من كتاب القراءة، كان خطة جميلاً، طلبت منه أن يقرأها، نظر إلي في

عجز وحيرة وهو عاجز عن قراءتها، كانت صدمتي كبيرة، لم أفهم ما حدث.. كيف يكتب الإنسان كلمات بهذا الخط الجميل ويعجز عن قراءتها؟ قال لي صديق أكثر علما وسناً إنها الطريقة الكلية في تعليم اللغة العربية التي

يسميها بعض الناس "طريقة الكلمات بوصفها صوراً ومعان كلية وليست حروفاً فقط، ولكني عجزت عن التحمس لها، لقد تعلمنا في البداية الحروف مفردة، ثم أخذنا أشكالاً منها الكلمات فما معنى هذه الطريقة الكلية التي تمنح أطفالاً

يعجزون عن قراءة ما كتبوه بعد أربعة أعوام من الذهاب إلى المدرسة. يبدو أن نظرات العجز والتعاسة في عيني الطفل قد حفرت في ذاكرتي وها هي منذ أن تركت المدرسة تراودني كما لو أنني قد عجزت عن التخلص منها

وإرسالها إلى مخزن اللاوعي البعيد.
 هناك خدعة في الأمر وطريقتنا القديمة "وزن ـ زرع" كانت كلية بالفعل وكانت برنامجاً للحرف والكلمة والمعنى.. أكثر من ذلك فقد كانت تتميز بأنها حمل نتحمل به العقل تماماً كما نحمل الكمبيوتر ببرنامج جديد أي أنها

كانت تزوع في الوعي أفعالاً ستلازمك وتلتزم بها في المستقبل.
لقد تربت الأجيال الماضية وتربينا على الأفعال "وزن ـ رزع ـ حصد" لم نعرف الأشكال والصور عند تعليم القراءة والكتابة فقد تفهم أن شمروخ قفز عن الوز" غير أن ذلك لن يدفعك لاتحاد موقف ما أو فعل ما في

المستقبل، بل ربما يدفعك لاتخاذ مواقف عبثية، لأن عقلك يرفض أصلاً فكرة أن يوجد طفل اسمه شمروخ، كل من هم حولك لهم أسماء لها أصل ومعنى وإن وجد فمن المستحيل أن تهتم به ، ولما ذا يقفز عن عند الوز إلا بدافع من

السخافة أو العبط؟
أخيراً أرجوا من القائمين على المناهج في بلادنا إعادة النظر في مثل تلك الأساليب والطرائف التدريبية خاصة في المدارس الابتدائية، وإلا فما هي الأسباب أيضاً فيما يعانيه خريجوا وخريجات الثانوية العامة من ضعف في اللغة

العربية قراءة وكتابة وللتأكد أسألوا عن ذلك القائمين والأساتذة في الجامعات أو المعاهد لما بعد الثانوية العامة وستعرفون الإجابة: أن الغالبية أو حتى البعض من خريجي الثانوية العامة ضعفاء في اللغة العربية، وإذا عرف السبب

بطل العجب.. والله من وراء القصد.