استغرب كثيرا تهليل الأخوات نساء اليمن وفرحتهن الكبرى بتخصيص (44) دائرة انتخابية مغلقة لهن دون الرجال على مستوى اليمن الموحد، تفصلهن عنهم وتضمن لهن الجلوس على (44) مقعداً في مجلس الأمة
المنتظر الذي سيضم (44) عضوا من النساء، عقب عبورهن أسوار التعديلات الدستورية إلى تحت قبة البرلمان من غير تعب (!!).
استغرب واستغرابي لا ينبع من معاداتي للمرأة - لا سمح الله – فليس بيننا من يجرؤ على معاداتها وإن أدعى ذلك، لأن المرأة هي الأم والمربية والمعلمة، وهي أيضا الزوجة والأخت والابنة، والطبيبة التي يذهب إليها الرجال
(المرأة) على حساب الأطباء (الرجال) لأنها كفؤة في المقام الأول، ولأن قلبها رحيم وعاطفتها تدفعها إلى العناية الجيدة واللائقة بالمريض بعكس بعض أو أغلب (الإخوة) الرجال الذين يتسمون بالإهمال، وكثرة العيوب
المهينة كما أنهم يتصفون بنهش الجيوب على حساب ضمائرهم ومهنيتهم.
وأسجل استغرابي على هذه الحالة الباذخة في الفرح التي اجتاحت عاطفة (بعض) النساء قصيرات النظر،ولاسيما الحالمات منهن بالبرلمان القادم (!!!)، وقد ملأن الدنيا ترحيباً وفرحاً بالـ(44)، النقمة التي يقدمها (
الحاكم) في هيئة نعمة.. نعم نقمة لأنها من وجهة نظري تقضي على المساواة بين الرجل والمرأة التي يضمنها الدستور حاليا، فمن حق النساء أن يكن في البرلمان بنسبة 100%، ولكن التعديل يحول النساء إلى مجرد رقم
بسيط وهامشي، مع إنهن (النساء) الأكثر في تعداد سكان اليمن، وهو – أي التعديل المنتظر - يقيدهن في عدد محدود من الدوائر مع إن بإمكانهن أن يحصلن على أكثر فقدراتهن تمنحهن الحق وتجيز لهن أن يسعين على
الأقل للمطالبة بالمساواة مع الرجال في المجلس التشريعي المقبل طالما والعملية أصبحت تفصيل ومقاسات.
هذا أمر .. والأمر الثاني يؤكد أن الـ (44) نقمة قد جعل الحلم النسائي بالمساواة يتمخض ليلد (44) كرسياً فقط، في بلد يذهب إلى المستقبل بروح تبحث عن التطور الذي لا شك أن دور المرأة فيه سيتعاظم
وسيكبر، وإن الأيام كفيلة بأن تجعل من تواجدها في كل مفاصل السلطة أمر حتمي ليس شفقة من الرجال أو محاولة استدرار عواطف، ولكن بجدارة ستثبتها الأيام التي ستثبت أيضا أن (44) كرسيا ستتحول إلى لعنة لتقيد
طموح النساء اليمنيات وهن كثر، في اقتحام سدة البرلمان للمشاركة في إدارة شئون الدولة اليمنية عبر النافذة الأهم، وهي التشريع والرقابة، وبما أن باب التشريع والتعديل مازال مشرعا أبوابه فإني أرى أن تحذير النساء من نقمة (
أم 44) واجب حتمي على كل ذي عقل من الرجال، ومن النساء أيضا لأن الحصر والتحديد بمثل هذه الأمور ما هو إلا تقييد وحرمان، وسيأتي يوماً تناضل فيه النساء لأجل إلغاءه، وقد لا يحصلن على ما يطالبن به !!.
فرحان المنتصر
النساء.. وال(44) كرسياً 1993