عدن المدينة اليمنية الساحلية التي ذاع صيتها منذ القرون الغابرة وتزاحمت الروايات والأساطير عنها وعن جمالها وسحرها وشمسها ومينائها وتجارتها ورملها الذهبي وبركانها الثائر دائماً وأبداً.
لذلك كانت المدينة ذاتها محل أطماع الدول الاستعمارية القديمة والجديدة ...وبفضل تنوعها حضاريا وثقافيا أصبح لها دورا ومكانة كبيرة في السياسات الإقليمية والدولية في مختلف العصور قديماً وحديثاً ,والتاريخ مليء بتلك الشواهد ،فهناك من قال إنها مدينة هاروت وماروت وهابيل وقابيل ومر بها الإسكندر الأكبر .
وهي المدينة الأولى التي حدد منها خطوط الطول والعرض في العالم وهي المدينة ذاتها التي بني بها أقدم الصهاريج لحفظ المياه, ومنها بدأت الحياة وستنتهي بها وتاريخها مليء بالأسرار والألغاز وتحت جبالها وصخورها كنوزاً لا تقدر بثمن وفي عمق بحارها وجزرها قوتها وعظمتها , وتحت رمالها الذهبية سر وجودها , فلا غرابة في استهدفها بالزيارة والمكوث بها من قبل العشاق والشعراء والأدباء ورجال الدين والرحالين الذين كتبوا عنها في أسفارهم وكتبهم بكل اللغات .
إنها مدينة التنوع الإنساني والتنوع الحضاري والثقافي وتلك مقومات الحرية وهي بوابة الحرية بلا منازع!! ولا غرابة في الأمر أن تكون هذه المدينة هي أغلى هدية يقدمها الملك الرسولي لزوجته الملكة أروى بنت احمد الصُليحي عند اقترانه بها , وبالعصر الحديث كانت هذه المدينة عدن مركز التنوير والتجديد والتطور والتحديث بل إنها كانت الحضن الدافئ لكل الأحرار والشرفاء ومنها انطلقت الحريات العامة في الصحافة والإعلام والتعلم والعلم والإبداع والحريات السياسية والنقابية, وفي هذه المدينة عاش الإنسان في ظل حق العيش المشترك أكان بوذيا أم هندوسيا أو مسيحيا أو مسلما الخ... وازدهرت المدارس الأهلية والخاصة وتنوعت الطرق الصوفية والدينية في ظل حماية حق الإنسان في الحياة والاختيار والعيش المشترك...
أدعو كل الذين لا يعرفون ذلك أن يقرءوا تاريخ عدن من أمهات الكتب العديدة التي سجلت تاريخ هذه المدينة وما أكثرها ويتركوا حكايات الجدات...وروايات مجالس القات وصحف الإثارة والتهميش والتجهيل وثقافة العصبية السياسية والمذهبية والمناطقية المقيتة...فهواء هذه المدينة لا يقبل إلا الحالمين بنهضتها وعمرانها وتقدمها وازدهارها...الراغبين المؤمنين بالتنوع الحضاري والثقافي والإنساني والعيش المشترك .
د/ مازن احمد عبدالله شمسان الذبحاني
عدن بوابة الحرية 1987