تشتهر محافظة إب منذ القدم بمناخها البارد إلى المعتدل وأرضها الخصبة الزراعية وبيئتها النقية ومناظرها الخلابة وجبالها الشاهقة المكسوة بالرداء الأخضر الساحر ووديانها العذبة والجذابة وأهلها الطيبين والمسالمين أيضاً .
وهذا مما يميزها عن نظيراتها من بقية محافظات الوطن، وهذا هو إبداع الله عز وجل في مخلوقاته ولكن مخلوقاته البشرية تأبى إلا أن تشوه وتلوث إبداع الخالق، بإهمال وتخريب هذه الطبيعة الساحرة وبالمحاولات المتكررة للتحرش بمحاسن وجمال الطبيعة المهداة أصلاً للإنسان .
نعم ..هناك من يعملون بلا ضمير لتلويث بيئتنا هذه المدينة الخضراء ويستخفون بأهلها المساكين، إن ما سأسرد عليكم ليس حلماً أو كابوساً رأيته في المنام بل هي حقيقة أو جريمة لا تغفر للغشاش والمجرم المرتكب بها ولا للجهات المسؤولة الحكومية المشاركة أصلاً في هذه الجريمة .
أتعلمون هذه الجريمة والكارثة ؟! لقد صادفت هذه الكارثة وأنا في طريقي لإحدى أسواق القات داخل المحافظة، فما إن مررت بالأرض أو الحقول الزراعية المؤدية إلى السوق، كان على جانبي الأيسر أرض زراعية تسحر اللب بخضرتها ،فسألت أحد المزارعين عن هذه النبتة ،فقال لي أنها بطاط فواصلت المسير على جوانب مزارع البطاط الكثيرة، بينما أنا على مقربة من السوق قابلت مزارع آخر فقدمت له الشكر وكنت أحثه على استغلال هذه الأراضي الخصبة في الزراعة ونفع البيئية والشعب بمنتجات هذه المحافظة من بطاط وغيرها .
وماهي إلا خطوات وأصل إلى السوق فاشتممت رائحة كريهة لم أعرف مصدرها وكلما تقدمت في المسير ازدادت قوة هذه الرائحة، فتفاجأت بل أصبت بصدمة كادت تودي بي طريح الأرض ،نعم لقد تفاجأت بأن أصحاب هذه المزارع الغذائية، التي تمول المحافظة بأكملها بالبطاط يقومون بري أو سقي هذه المزارع بمياه الصرف الصحي أو المجاري بتصريح أكيد من مؤسسة المياه والصرف الصحي وموافقة وتشجيع ومساعدة مكتب الزراعة بالمحافظة ومباركة مكتب الصحة بالمحافظة، إنها كارثة بل جريمة رأيت الكثيرين لا يعيرونها أي اهتمام سواء من الشعب أو من الحكومة أو السلطة المحلية؟! .
فما إن رأيت من مصيبة وفاجعة مكشوفة ،هرعت إلى منزلي وأخذت ما فيه من بطاط وقمت برميها فوراً خوفاً من أن تكون ملوثة وقاتلة من هذه المزارع .
فبدلاً أن تكون هذه البطاطة الغذاء التي لجأ لاقتنائها الأكثرية من الفقراء بدلاً من اللحمة الغير قادرين على شرائها أصلاً ، تصبح هذه البطاطة هي الداء والسم القاتل لهذا الفقير وغيره، إن ما يثير الدهشة والاستغراب فعلاً هو صمت الجهات المعنية والمواطنين جراء هذه الكارثة المكشوفة ،نأمل من الجهات المسؤولة الحد من هذه الظاهرة .
رمزي المضرحي
في إب .. البطاط بنكهة المجاري موضة أم فوضى؟ 1894