تعيش مستشفياتنا الحكومية واقعاً مؤلماً ومؤسفاً ومزرياً جراء افتقارها إلى أبسط الإمكانيات والمتطلبات الضرورية المطلوب توافرها والتي غابت عن هذه المستشفيات وغابت معها آمال المواطن البسيط .. المريض الذي أصبح اليوم يرى هذه المستشفيات ..أسقام تضاف إلى أسقامه الجسدية ؟!
الزائر لكثير من هذه المستشفيات سيرى واقعاً ووضعاً محزناً لها وهي على ماهي عليه في ظل غياب أبسط المقومات التي تغيب عنها والتي تجعلها مجرد مباني لا توفر خدمات صحية لهذا المواطن المسكين المحدود الدخل المثقل بالديون وبظروف الحياة المعيشية والغلاء ونحن هنا نتساءل .. متى يتم الاهتمام بهذه المستشفيات ومتى يتم التوجه الجاد والعاجل بتوفير متطلباتها لتؤدي رسالتها الإنسانية السامية التي وجدت من أجلها والتي تتمثل في علاج المرضى والتخفيف من آهاتهم وأوجاعهم ؟! لا يعقل ومن غير المنطقي أو المقبول أن نرى مستشفى حكومياً لا تتوفر فيه خيوطاً للعمليات ولا يعقل كذلك أن نرى مستشفى آخراً يسعف إليه أحد مرضى ضيق التنفس ويقال في هذا المستشفى " لا يوجد أكسجين ،شلوا مريضكم إلى أقرب مستوصف خاص" ؟! .
ولعلنا نرى أن هناك حاجة ماسة وملحة وضرورية لإعادة تأهيل المستشفيات الحكومية والوحدات الصحية في عموم محافظات الوطن .. وإن كانت هناك من مستشفيات تتوفر فيها الأجهزة والمعدات الطبية وتؤدي مهامها على أكمل وجه ،فهي قليلة ومحدودة أما الغالبية العظمى من مستشفياتنا الحكومية فهي خارج نطاق التغطية وحالها لا يسر ولعل الكثيرون يتفقون معي ويوافقوني الرأي .
موضوع آخر نتطرق إليه حول المستشفيات الحكومية ألا وهو موضوع الغذاء الذي يقدم للمرضى وتحديداً إلى أولئك المرضى المتواجدين على أَسرة هذه المستشفيات .. فالناظر لهذا الغذاء سيرى بأن أولئك المرضى لا ينالون التغذية المناسبة وإن كان هناك من تغذية فهي تغذية " مخارجة " -مثلما يقولوا -ولعل الأدهى في هذا الموضوع أحاديث وأخبار تشير إلى أن هناك مبالغ كبيرة تعتمد لتغذية المرضى في هذه المستشفيات والسؤال الذي يطرح هنا هو : لماذا لا يغذى مرضانا تغذية صحية تتناسب وحالتهم المرضية؟ وهل يعقل أن الفساد قد بلغ حتى مخصصات التغذية في المستشفيات الحكومية .. الله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
كنت سألت أحد الأصدقاء الذي قدر الله عليه بمرض ونزل في أحد هذه المستشفيات عن التغذية وشؤونها فأجابني بابتسامة ساخرة " ومن قال لك بأني آكل من أكل المستشفى أكلي كان يأتي أما من البيت أو من المطعم " .
حديثنا عن المستشفيات الحكومية وأحوالها وشؤونها وأوضاعها لا نقصد به إلا توجيه رسالة إلى جهات الاختصاص المسؤولة لننقل معاناة المواطن وما يواجهه في هذه المستشفيات ،التي نرى بأنها بحاجة عاجلة وماسة إلى إصلاح أوضاعها وأحوالها وتوفير متطلباتها واحتياجاتها خدمة لهذا المواطن البسيط الذي يعجز عن التداوي والعلاج بالمستشفيات والمستوصفات الخاصة ،باعتبار أن اليد قصيرة والعين بصيرة ،فهل سنرى توجهات عاجلة وجادة وحقيقية تجاه مستشفياتنا الحكومية؟ .. نتمنى ذلك وللموضوع بقية وإلى لقاء آخر إن شاء الله .