السؤال الذي يطرح نفسه في تتالى ازدواجية السياسات وتقاطع التوجهات هو هل نهج العداء للآخر بات سياسية رسمية تبشر بها أعلى مراجع الحكم؟.. وهل تقطيع اللحمة الوطنية ونسف السلم الاجتماعي هما القضيتان المركزيتان الأولى في برنامج الحكم فيما مشى وما سيأتي؟؟!!
ومجموع المؤشرات في أدبيات النظام.. في أفعال وأحاديث مرجعياته العليا وأجهزته المختلفة.. تؤكد هذا المعطى بما تقوم به من أفعال إرهابية وقمعية واستفزازية وتنكيلية.. بما أشهرته من خناجر التمزق في وجه وقلب صناع الوحدة الحقيقيين، المدافعين عنها وشرفاء هذا الوطن ومناضلية، الغيورين على مصالحة الوطنية والسيادية، دعاة التراص ولملمة جراحه الغائرة النازفة، والمثال "الطازج" على لذلك ما حصل يوم أمس الأول للمناضل الجسور الصلب الهامة الوطنية السامقة الأستاذ/ محمد غالب أحمد السقلدي ـ الفعاليات السياسية الإعلامية، لرموز الحكم وأجهزته ومنابره..تتوعد الشعب المثخن بطعنات سياسات الإفقار الجماعي، ونوازل محو الحقوق والدوس على المواطنة وأفكار العدل والمساواة بوسائل، وأساليب أشد وطاة وفتكاً من ذي قبل.. تتوعد هذا الشعب بل تسعى للحفاظ على جذور الأزمات ملتهبة قابلة للاشتعال والتجدد.. متى ما أراد الحكم النفخ في جمرها المتواري خلف رماد قرار أخرق قبل أن يختبر في ميدان الممارسة.. ويكتب له النجاة من محاولات الاغتيال في وطن ينوء كاهله بأرزاء ونكبات.. تمد خيوطها من الخبز والأمن والكرامة.. وحتى دورات العنف والاحتراب الأهلي... وهي خيوط تصل بنسبها بمسبباتها ، إلى بيت الحكم ونهجة القائم على سياسية تغذية الحروب ودعاية الفتن.. وتعزيز كل مشترك حاضن لجينات العنف والكراهية وبذور الاقتتال.
ولا نعتقد أن الحصافة بشيء.. أن يدرج الحكم على ذلك الجراح واستحضار محطات العنف السياسي.. وليس من الحكمة بشيء وأد صيص الضوء الخافت الذي بدأ يلوح لحين في سياسات النظام.. ثم سرعان ما أطفىء عمداً وأخمدت كل الآمال والمراهنات على إحتصان ومضاته وإمكانية البناء عليه كنهج جديد يساعد على إخراج البلاد من عنق الزجاجة وفم الأزمات..
وهي آمال باتت اليوم عرضة للتآكل بعد أن تعدى خطاب الحكم كل الخطوط الحمراء المدانة وطنياً .. ومضى يوزع الاتهامات دون ترو أو استبصار لمخاطر نهج يصعد لغة العداء ضد الآخر ويدفع قسراً الوطن إلى حافة انهيار واحتراب تؤسس مبرراته على قاعدة خطاب وفعل يجتر صور مشاهد المحطات الدامية ويشيع في المجتمع ثقافة الكراهية والعنف وحوار السلاح.
والحال هكذا لم يعد من العسير وضع اليد على مكامن ازدواجية خطاب الحكم "النظام" وعدم اتساق سياساته.. وهو الذي لم يجد حرجاً من الجمع بين دعاة السلم الاجتماعي والاصطفاف الوطني من جهة وملاحقة الخصوم السياسيين بتهم كيدية وملفقة والزج بهم في غياهب السجون من جهة ثانية.. وهو طوراً مع التسامح والعفو وطي صفحات الماضي وإشاعة روحية التعايش في المجمع.. وطوراً آخر مع تأجيج نيران الخصومة وفتح أبواب الوطن على مصراعية أمام خيارات العنف والاضطرام وعدم الاستقرار.
إنه التداخل بين السمو فوق الجراح السقوط المفاجئ إلى قعر الأزمات.. أنه الاضطراب اللحظي بين ذورة الإحساس بالمسؤولية تجاه الوطن والشعب.. ومن ثم نسف في الآن كل جسور التواصل والاندماج الوطني بين فئات المجتمع.. ولعل كل هذه الإشارات الصادمة وحدها القادرة على اختزال التعريف بجوهر حكم مختصم مع ذاته، محترب مع الآخر..نظام مأزوم يمضي صوب المجهول بقدم واحدة وعكاز وعصابة تعوقه عن إبصار السطحي العابر في تحديد مكامن السياسة المتغير.. ومحظور الثابت الوطني وخطوطه الحمراء.. خط إدانة التخوين والإفتاء السياسي بالأهلية الوطنية!!
وفي هذا السياق.. سياق الثابت الوطني تتقدم الوحدة الوطنية وفي دورات العنف السياسي على ما عداها من ثوابت.. كما أن تخوين الآخر واحتكار صكوك الوطنية هي الأخرى لا تقل فتكاً بالمجتمع من فتاوى التكفير والقتل الجماعي.
وعليه وأمام هذا التصادم في المواقف في حكم واحد وفي مدى زمني يعد بالأيام.. فإننا نكون أمام حالة جديرة بالدرس والتأمل.. درس يتصل فيه النفسي بالسياسي.. والمصح القعلي بإدارة شؤون الوطن.
ترى هل نحن أمام ازدواجية واضطراب حكم؟.. هل نحن أمام "شيزو فرينيل" خطاب؟ أم نحن أمام سياسية تتكيء على لعبة الموت.. لعبة إعادة إنتاج الأزمات صناعة الخصوم؟
بن غالب المقدام رمزي والمثل
سلام خصوابه رهين المعتقل دي ماتلين للسيف الصارمة
بن غالب المقدام رمزي والمثل العاد بخضع الأيادي الظالمة
مهما يجو الجور أو طال الأجل أو تغتلي تلك القلوب الناقمة
هيهات ياطوفان يتهز الجبل مهما تكن موج السيول العارمة
Alhaimdi@gmail.com
محمد الحيمدي
سياسة لعبة الموت!! 2051