لن نتفاجأ إذا ما كانت حادثة اختطاف العقيد /علي الحسام -نائب مدير الأمن السياسي بمحافظة صعدة - موثقة ضمن وثائق ويكيليكس ؛حيث جاء في إحدى برقيات وثائق ويكيليكس "أن قيادة الأمن السياسي قد شاخت".. هذه الوثيقة أو العبارة المقوسة بالأصح جعلتني استرجع في ذاكرتي المشاهد التي تابعتها في إحدى الأعمال السينمائية المصرية في منتصف السبعينيات وتتمثل في فيلم "كشف المستور" الذي تدور أحداثه عن الصراع بين أجهزة " ......" .. وخلاصة هذا العمل السينمائي الجميل تمثلت في الحوار القائل " ليه بيعملوا كده بنا ".. فكانت الإجابة "إن الحصان لما يكبر ويشيخ تكون مكافأة نهاية الخدمة هي " ......" .
وأمام أحداث الفيلم المصري وتجاهل السلطة لحادثة اختطاف العقيد/ الحسام يجعلني أتساءل ، هل الدولة عاجزة عن إطلاق سراح أحد كوادرها وضباطها وهو العقيد/ الحسام الذي مضى على اختطافه قرابة نصف عام والتي لم تحرك-أي الدولة- ساكناً سوى محاولة إقناع أولاد العقيد الحسام أن ثمة صعوبات وعقبات جمة تحول بينهم وبين إطلاق سراح ابن الدولة والدهم المختطف ،في حين بذلت جهودً حثيثة لإطلاق سراح العميد السعودي / ظافر الشهري الذي تم اختطافه من قبل العناصر نفسها .
ففي الوقت الذي صدق أبناء وأهالي وأقرباء العقيد /الحسام الذين ينتمون لمحافظة المحويت البطلة والوفية والمسالمة -صدقوا تلكؤآت السلطة وأعذارها .. أراد الله أن يكشف زيف هذه الحجج الواهية ،فكانت حادثة الاختطاف التي تمت بعد خمسة أشهر تقريباً من حادثة اختطاف العقيد الحسام والتي طالت مدير مستشفى السلام بصعدة العميد الدكتور/ ظافر الشهري "سعودي الجنسية"، وتم الإفراج عنه من قبل الخاطفين ذاتهم الذين يحتجزون العقيد/الحسام، مع العلم أن مطالب خاطفي الحسام هي شبيهة بالمطالب التي طرحت لإطلاق سراح العقيد علي الحسام.. مع الوضع في الاعتبار أن ثمة فارقاً في الحادثتين رغم واحدية الجهة والهدف من العملية ،وهو أن المختطف ضابط سعودي .. هذا الفارق جعل من الحادثة الثانية الطامة الكبرى ،حيث أن العالم بأكمله وليس اليمن فحسب ،اكتشف أن هناك دولة في اليمن يمكن أن تجعل من المستحيل ممكناً متى ما أرادت ومن الممكن مستحيلاً أيضاً متى ما أرادت، دونما مبالاة بأن يصفها المجتمع الدولي أو اليمنيون بـ"العاجزة" ولا تملك القدرة على تطبيق سيادة القانون .
فكانت عملية إطلاق المختطف السعودي العميد/ ظافر الشهري في أقل من أربع وعشرين ساعة ،نقطة تحول لأداء أجهزة الدولة التي لم تستطع إطلاق المختطف العقيد/ الحسام الذي مر على اختطافه حتى الآن أربعة وعشرون أسبوعاً ،الأمر الذي يضع الدولة وأجهزتها الأمنية في مأزق شديد إن كان ثمة شعور بالمسؤولية .. حيث سيتساءل الجميع لماذا تحركت الدولة بكافة أجهزتها المعنية وغير المعنية وكذا رجال القبائل والمشائخ للإفراج عن الضابط السعودي –وهذا أفضل ما عملت طبعاً وواجبها - لكن التساؤل يكمن لماذا تغافلت وتتغافل وتتقاعس عن أداء واجبها تجاه أحد مواطنيها ،عوضاً عن كونه رجل أمن وكان يؤدي عمله ؟.. الإجابة على هذا السؤال من الجهات المعنية والوجاهات الاجتماعية والمشائخ الذين يجب عليهم القيام بتحرك عملي سريع للإفراج عن العقيد/ الحسام ولو من باب حفظ ماء وجه الدولة في صعدة، لكي لا نصدق وثائق ويكيليكس بأن اليمن دولة فاشلة ولم تعد تسيطر إلا على العاصمة فقط !.
عبدالكريم علي
العقيد المختطف/ علي الحسام ووثائق ويكيليكس 2688