في البدء لابد الاعتراف بأن النظام الرسمي العربي قد وصل الى حد من الخرف والعجز ما لا يمكن تصوره.. وما زال يراهن على البقاء بذات النهج والسياسة الخرقاء التي بحسب قول الأشقاء في مصر (ما عاد تؤكل عيش او الكبير كبير والنص نص والصغير ما يلزمناش).
والكبير الأميركي الذي يتقرب إليه النظام الرسمي العربي بتقديم القرابين وأبدأ الولاء والطاعة لسادة البيت الابيض لم يعد مجديا للبته والدليل ان الدولة العظمى في العالم الحر (امريكا)بكل قوتها وقدرتها الاستخباراتية الهائلة تصبح بين عشية وضحاها ضحية لموقع اكتروني استطاع صاحبه الرجل البسيط أن يحصل على معلومات بهذا الكم الهائل من الوثائق بأي طريقة كانت.
ما يهمنا هو المسلسل الهيوليدي الذي استطاعت واشنطن أن تجعل منه قضية العصر في الوقت الذي يعلم الجميع أنها بدأت بتخريجات كثيرة ربما لم تؤتي أكلها مثل حوادث الطرود البريدية المشبوهة التي سبقت حادثة وثائق ويكليكس بفترة ليست طويلة وقبلها طبعا قضايا كانت محل جدل واخذ ورد الوقت لا يتسع لاستعراضها حالياً.
لكن ما يثير الاستغراب هو هذا الاهتمام الدولي والعربي بهذه التسريبات التي نزعم ان واشنطن ترمي من وراء ذلك لهدف بعيد لا نعلمه وكما هو دأبها فقبل غزو العراق بفترة وجيزة كنا نسمع عن طرود جرثومية وأسلحة دمار شامل و ...إلخ، وبعد اجتياح العراق بأيام أو أشهر قليلة ثبت كذب ودجل الإدارة الأميركية.. واليوم نعود لذات السيناريو الأخرق الذي نظن أن واشنطن تحضر لما بعد الوثائق.
وحقيقة أعجبني تحليل أحد الكتاب العرب وهو يقدم فرضية جميلة ورائعة عن تسريبات "ويكليكس " فيقول اميركا تعلن عن أداة جديدة للضغط، والعبث بالعقول، والرغبة في إعادة صياغة الرأي العام، والكل فيها مستهدف بحسب ابتعاده أو اقترابه من الموقف الأميركي.. فبعدما تهافتت نتائج القدرة العسكرية ولم يعد ممكناً الاستمرار فيها إلى أبعد من ذلك، بل ربما لم تعد وحدها قادرة وكان لا بد من أداة إضافية تكتسب مستوى من التأثير يفوق التأثير الإعلامي التقليدي، ليصل إلى الضغط بالتشهير من خلال وثائق سرية تفصح عن فضائح من نوع الجرائم والإساءات والتحالفات السرية والتآمر.. ربما لتضع زعماء الدول المستهدفة أمام حالة تشهير تفقدهم هيبتهم واحترامهم أو تصنع منهم أعداءً جدداً لآخرين تحددهم الوثائق ـ الفضائح.
ومن ثم يمكن إعادة التلميع أو تصعيد الضغط بالتشهير تبعاً للأثر الذي تحدثه الوثيقة على الضحية المستهدفة).
وحسب اعتقادي إن ما اورده الرجل لم يبعد كثيراً عما ذكرناه لكن تبقى الحقيقة غامضة ولوقت ربما لن يطول لكن المؤسف له حقا ان الصغار بأفعالهم وتصرفاتهم يظلوا صغاراً ولا يمثلون أي رقم عند الكبار وان تقربوا وتوددوا وللحديث صلة
abast66@hotmail.com
عبدالباسط الشميري
ويكليكس والضحية المستهدفة ! 1888