حكاية الطرود التي أهتز لها العالم واظهرت اليمن من خلالها كانه شيطان إرهابي هدفه إرهاب العالم... حكاية الطرود اليوم تكاد تكون قد انتهت أمورها و تفاصيلها بعد أن وصل إلى اليمن مجموعة من الخبراء الأمريكيين والبريطانيين لمراقبة الحركة في المطارات اليمنية وكذلك تنظيم حركة المرور في بعض المدن الرئيسية كما هو حاصل في م/عدن بالإضافة إلى تدريب مجموعات أمنية يمنية متخصصة.
حكاية الطرود المشبوهة التي هزت العالم وأرعبته انتهت إلى لاشيء... كل التحقيقات اليمنية والأمريكية والبريطانية والسعودية لم تعلن حقيقة الطرود المشبوهة أي لم تعلن نتائج التحقيق الذي تم بعد حكاية الطرود.
معظم دول العالم أصبحت تنظر إلى اليمن كأنه طرد مشبوه أو مشروع إرهابي وأي حالة طوارئ في بلد ما فاليمن يقف وراء التهديد الإرهابي لذلك البلد. هكذا من غير أحم ولا دستور... شيطنة عيني عينك ... لقد أراد الغرب شماعة جديدة كي يشيطونها ويلعبوا على أنغامها خصوصاً وأن السلام بالنسبة لهم هو دليل على تراجع أرباح مصانع الأسلحة العالمية، وبالمقابل هناك شركات صناعية متخصصة في إنتاج آلات ومعدات الفحص والتحليل والكشف والابتزاز لابد أن تخوض غمار التجربة العالمية في توتير العالم بالإرهاب كي تحقق هي أرباحا مالية على شاكلة مصانع الأسلحة وبارونات تجارة السلاح.
إن القوى العالمية المحبة للسلام مازالت على أمل في معرفة الحقيقة أي حقيقة الطرود المشبوهة التي أرادت شيطنة اليمن وربما العرب، وهنا ينبغي على حكومة اليمن والسعودية بدرجة أساسية أن تفصح عن تحقيقاتها لا التكتم عليها والسماح للقوى الباغية والطامعة في التوغل بالشأن العربي والتمعن في سياسة تقسيم البلدان العربية وضياع أي فرص أمل من المارد الصهيوني الغاصب الذي يتلذذ في رؤية المشهد العربي وهو يتجه بصورة تنازلية نحو التباعد والتشرذم وربما التقاتل ولنا في تصريح أخير لرئيس المخابرات الأسرائيلية عبرة ودروس ان اردنا أن نتعلم ونفهم.
فهذا المارد الصهيوني الغاصب يمكن القول أن أطراف النظام العربي الرسمي هو الذي ساعد على تمكنه من التمرد على الجميع بمن فيهم أمريكا بسبب الضعف في الموقف العربي الرسمي الذي لم يتوافق مع الموقف الشعبي العربي، وبسبب الضعف العربي الرسمي توغلت إسرائيل وأصبحت توجه السياسة العالمية على الرغم من عدم شرعيتها وعيشها الدائم في قلق وخوف من الموقف الشعبي العربي.
دويلة إسرائيل الصهيونية الدخيلة على أرضنا وجغرافيتنا العربية أصبحت اليوم أكثر معرفة بخبايا الأمن القومي العربي الذي تحول إلى قوة مرهبة للأمة العربية لا لدويلة إسرائيل.. أذكروا لي اي نظام عربي أصبح يشكل مصدر قلق لهذه الدويلة العدوانية الإرهابية؟ ومعرفة إسرائيل بالطرود المشبوهة ومهما حاولنا البحث عنها فلن تكون بعيدة عنها.. ويبدو أنها قد حققت بعضاً من أهدافها وأولها إضعاف إدارة الرئيس الأمريكي أوباما وممارسة الكثير من الضغوط عليها وعلى بقية دول العالم بسبب أو بدون سبب، وإبلاغ العالم أجمع أنها مستهدفة من العرب بينما الحقيقة هي العكس. والغريب أن العالم لم يجرؤ على التساؤل أو مجرد التساؤل الإعلامي عن سبب صمت إسرائيل وإمتناعها عن إبلاغ أمريكا وأوروبا بحكاية الطرود المشبوهة، ونتحدى لو أن هناك من يجرؤ على مساءلتها أو طلب التعاون معها في معرفة الحقيقة؟
ولو افترضنا أن الطرود المشبوهة بُعثت من إسرائيل وأرسلت إلى دول عربية معينة وإلى أمريكا وأوروبا فسوف نجد الجميع يطالب بالتريث ورفض التصديق وأيضاً المطالبة بتحقيق دولي سترفضه إسرائيل ولن يكون هناك من يجرؤ على معاقبتها وباي صورة كانت، ومازالت تجربة السفينة التركية (مرمرة) حية في ذاكرة العالم وقبلها جريمتها في فلسطين واستخدامها كل أنواع الأسلحة المحرمة دولياً لإبادة شعب فلسطين..!
إن من حق اليمن أن يطالب العالم بالدور الإسرائيلي في حكاية الطرود، وإذا اليمن قد قبل بتعاون خارجي فعليه أن يطالب بالتحقيق مع إسرائيل وبقية الدول ذات العلاقة بموضوع الطرود كي لا يبقى اليمن فريسة أو ضحية لأطماع خارجية واما أن يلتزم اليمن الصمت ويقبل أفعال الآخرين مقابل أبعاده عن المخططات الإقليمية والدولية فهذا ما لا يمكن القبول به إنطلاقاً من قناعاتنا بأن اليمن بموقعه الجغرافي والاستراتيجي هو محط أطماع لتلك القوى شئنا أو أبينا، ولكن طبيعة أهل اليمن وبكل فخر واعتزاز ستظل لهم بالمرصاد. ولا نقبل أن تمارس الضغوط على اليمن وبأي شكل كان ولا يمكن القبول بأن نبقى مطيةً للآخرين فنحن أكثر حضارةً وعراقةً منهم ولا نقبل أي اعتذار ليس فيه تعويضاً مشرفاً لليمن. ولا نقبل أن نفرح ونرحب بإجراءات لا تمس إعادة الاعتبار لليمن ونعتبر الأمر منتهيا عند هذا الحد فما يخطط لليمن أكبر مما نتصوره.
وإذا كان من حق الدول الأخرى أن تراجع سياساتها وعلاقاتها مع اليمن فلماذا لا يحق لليمن أن يراجع مثلها؟... هذه تساؤلات نوجهها للحكومة اليمنية أن كانت تحس وتشعر كما يحس ويشعر رعاياها.
لقد اتهمت حنان السماوي واعتقلت أقل من 48 ساعة ونطق باسمها الرئيس الأمريكي أوباما وأتضح فيما بعد أنها بريئة.. فلو كان هذا حصل في أمريكا أو أوروبا لسقطت إدارات وحكومات ورؤوس فهل ستتولى الحكومة لرد الاعتبار لمواطنتها حنان والدفع لتعويضها من الإدارة الأمريكية وغيرها، أم أن مسؤولية الحكومة اليمنية تمنعها من القيام بذلك حرصاً على عدم أغضاب ماما أمريكا والأشقاء؟
وعلى الحكومة اليمنية أن تثبت في مواقفها الرافضة لشيطنة البلد وتأليب الرأي العام اليمني والعربي في صفها ضد ما يخطط لليمن.
لقد سعت قوى إقليمية ودولية ولخدمة مصالح سياسية معينة وآنية إلى شيطنة اليمن ولكن تلك القوى لم تنتبه للمخاطر المترتبة عن تلك العملية (الشيطنة) التي ستعود عليها بنتائج عكسية أولها فشل مقولاتهم عن الإرهاب العالمي الذي تتشكله تنظيم القاعدة، وهذا يعني أن كل الإرهاب العالمي أساسه القاعدة دون أن يفكروا بسياساتهم الأخرى التي تعتبر أكثر إرهابية وعدوانية.
واليمن وبعد افتضاح أمر الطرود وخفوت لمعانها المزعج يعاني من الشيطنة الأمريكية والأوروبية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً...اليمن معني بهمومه وأزماته ثم أن إمكانياته المالية لا تساعده على منافسة الآخرين في تمويل وتصدير الإرهاب الذي يعاني منه.
اليمن معني اليوم أكثر من اللازم في لملمة جراحاته رغم التدخلات الإقليمية والدولية التي تعمق من تلك الجراحات لأهداف وأغراض يدركها كل يمني، يتمنى اليمنيون من تلك القوى أن تكف يدها وتوقف حشر أنوفها في الشأن اليمني وسيصبح اليمن أكثر أماناً وطيبةً وكرماً.
وقدم اليمن الكثير والكثير كي يعيش بسلام، قدم الأرض مقابل السلام والأمن ومع ذلك فإن هذا يبدو أنه لم يكن كافياً ولا نعرف ماذا يريدون أكثر من ذلك؟
ولو اعترف اليمن بأنه المصدر الأول للإرهاب العالمي فلا أعتقد أن ذلك الاعتراف سيروي من ظمأ وعطش أمريكا وبعض حلفائها من الأشقاء.
ومن يمكنه إقناع أمريكا أنها بسياساتها هي السبب والنتيجة في زرع الإرهاب وانتشاره؟ من يقنع أمريكا أنها تفكر خطأ وأعمالها خاطئة تجاه الشعوب والأمم الأخرى؟ ومن يقنع أمريكا بان محاولتها صناعة تاريخها وحضارتها على حساب الشعوب والأمم الأخرى بهدف سيادة حضارتها وسياساتها لن تدوم ولها في الإمبراطوريات الغابرة عبر ودروس أن أرادت أن تفهم وتتفكر؟
نقلاً عن القدس العربي
د. عبدالله الشعيبي
اليمن... وماذا بعد الطرود؟ 1816