كثر الكلام حول الوسطية والاعتدال، والوسطية والاعتدال هي الإسلام وبصريح القرآن، وصحيح السنة" إن هذا الدين يُسر فأوغلوا فيه برفق ولن يشاد أحد هذا الدين إلا غلبه" وإجماع الأمة الذين ما ذهب الناس مذهبين متضادين إلا ذهب المسلمون المذهب الوسطي، وقد عبر الشاعر عن ذلك في قوله:
خير الأمور الوسط الوسيط***وشرها الإفراط والتفريط
وعد الإسلام الغلو في العقائد والعبادات أو الأحكام في الأشخاص أو الأفكار أو الأحجار أو الأشجار أو القبور أو النار أو التوغل في المادة أو الروح أصل الانحراف ، فنهى أهل الكتاب من اليهود والنصارى عن الغلو فقال تعالى:"يأهل الكتاب لا تغلو في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق" وبين أن سبب ضلال اليهود والنصارى هو مضاهاة وتقليد الأمم الكافرة من قبل كالهندوس والبوذيين والمجوس في غلوهم في مخلوقات (الكرشنة عند الهندوس) و(بوذا عند البوذيين) "وأما في عند المجوس" وقولهم "إنهم أبناء الله" .
وان ضلال المسلمين سيكون بمضاهاة أهل الكتاب وتقليدهم في غلوهم وفي كبريائهم فقال – صلى الله عليه وسلم - :"لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه وراءهم قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: فمن غيرهم".
الوسطية هي الإسلام والذي هو دين الأنبياء كافة قال تعالى" يأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون" فهو دين واحد " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصى به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا كبر على المشركين ما تدعوهم إليه " ويؤكد ذلك النبي في قوله " الأنبياء إخوة لو أن أمهاتهم شتى ومراتبهم واحدة " وهو الدين الذي ورثه النبي وأمر بإتباعه كما قال تعالي" إنا جعلناك على شريعة من الأمر فأتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون " وحمله منه الصحابة ثم التابعون ثم تابعوا التابعين خير القرون كما في قول النبي" خيركم قرني ثم الذي يلونهم ثم الذين يلونهم " ولا يزال يحمله من كل خلف عدوله ، ولا تزال طائفة منهم ظاهرين على الحق لا يغرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ، لا تخفى أثارهم ولا تاريخهم ولا مؤلفاتهم ولا انتصاراتهم ولا بلدانهم الذين يحبون ما أفاق الناس من سنتي" ،والأدلة النقلية والعقلية كثر على إن الوسطية هي الإسلام ومن ذلك "
1- التعريف بالإسلام هو الاستسلام والخضوع والتذلل والانقياد لله ، والإنسان حينما يستسلم لله سبحانه وتعالى فهو وسطي لأنه صاحب الصراط المستقيم والطريق القويم كما قال تعالى "إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتعبوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلك وصاكم به لعلكم تعقلون ".
2- تسميته بـ"السلم" في قوله تعال "أدخلوا في السلم كافة " والسلم بمعنى الإسلام وبمعنى السلام لقوله تعال " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها".الدين عند الله " إن الدين عند الله الإسلام " الذي رضيه الله تعالى كما في قوله " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" ولن يقبل من احد سواه فقال تعالى" ومن يبتغِ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه".
3- الصراط المستقيم ، صراط المنعم عليهم من النبين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقا وهو دين الأنبياء جميعاً وكل نبي .. قال تعالى على لسان إبراهيم" وأنا أول المسلمين" أو " وأنا من المسلمين" " وأمرت أن أكون من المسلمين" وإبراهيم وإسماعيل يدعوان الله فيقولان" ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك " وأولاد إبراهيم ويعقوب سألهم أبوهم "ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله أبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون" وموسى وهارون يقولان "وأمرنا لنسلم لرب العالمين" وفرعون حين أدركه الغرق قال" آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين " لأنه يعلم أن الدين الحق الذي يدعو إليه موسى وهارون وآمنت به بنو إسرائيل هو الإسلام ، والحواريون يقولون حينما يسألهم عيسى من أنصاري إلى الله "قال الحواريون نحن أنصار الله أمنا به وأشهد بأنا مسلمون ".
4- هو الحنيفية السمحاء التي وضح الله أن من يرغب عنها فقد سفه نفسه قال تعالى" ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه" وفسر الحنيفية بالإسلام فقال " بل ملة إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين" وقال" ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلما".
5- أمر الله لنا فقال:"قولوا أمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون".
6- الكلمة السواء التي أمرنا الله أن ندعو الناس إليها كما قال " قل يأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون ".
7- الدين الوحيد المستقل بسند تاريخي إلى مصدره لا يرقى إليه شك.
8- الدين الوحيد الذي يوازن بين الروح والمادة والدنيا والآخرة والعقل والتاريخ .
9- الدين الذي يوافق الفطرة .
د/ محمد أحمد عبدالله الزهيري
الوسطية هي الإسلام 1914