من السهل علينا نحن من ولد في خضم ميلاد الثورة والاستقلال ولم يذوق المعاناة وقسوة سلطات الاحتلال البريطاني بـأنه البغيض أن نعتبر يوم 30 نوفمبر العام 67م يوماً عادياً أو كما يروجه بعض العملاء المأجورين قد جاء هبة من البريطانيين لاستقلال الجزء الجنوبي من اليمن العزيز على خلفية صفقة سرية تمت بين الجبهة القومية وبريطانيا.
وخاصة إذا لم نقرأ التاريخ الكفاحي وحقائق النضال المرير لأبطال جيش التحرير والعمل الفدائي طوال أربع سنوات من الكفاح المسلح ضد قوات الاحتلال من ردفان الانطلاقة الأولى لشرارة ثورة "14أكتوبر" المجيدة بعد استشهاد المناضل الشيخ /راجح بن غالب لبوزة إلى جبهة الضالع بقيادة الشهيد/ علي عنتر والبيشعي والمناطق الوسطى بمحافظة أبين بقيادة/ ناصر السقاف والمجعلي ومحمد علي هيثم وعلي ناصر والفقيرية وزنجبار برموز النضال سالمين ومقبل وأبوخالد.
وحضرموت بقيادة باقيس وعلي البيض وخالد عبد العزيز وأبو رامس وإلى شبوة والمهرة والحواشب والصبيحة ويافع وحتى مدينة العمود العظيم عدن بقيادة فيصل عبداللطيف وعبدالفتاح وقائد الفدائيين عبدالنبي مدرم وإلى الزعيم قحطان الشعبي وسيف الضالعي ورتل طويل من أسماء النضال اللامعة في صميم المعركة الوطنية لشعبنا وإلى جانبهم القوى الحية من طلائع النضال التواقة إلى الوصول ليوم العزة والحرية والاستقلال والكرامة .
إن استقلال جنوب اليمن المحتل آنذاك لم يتحقق من قبيل الصدفة أو دعوة الوالدين أو كما تروج له أبواق الزيف والتضليل ودعاة النضال الزائف والأفاكين الموتورين عن طريق الصفقة مع السلطات البريطانية المحتلة ..
بل الاستقلال أنتزع في"30نوفمبر" 67م بقوة السلاح والعمل الفدائي المسلح وتحرير مناطق الريف إلى مناطق وأحياء عدن وفي ملاحم بطولية نادرة تكبدت قوات الاحتلال خسائر كبيرة بشرية ومادية لم تكن في الحسبان وأمام تلك الأداة الشعبية الفذة أذعنت بريطانيا للأمر الواقع وأعلنت التفاوض مع زعماء الجبهة القومية وصولاً إلى التوقيع على إعلان الاستقلال الوطني الناجز في "30نوفمبر" 67م.
إننا نحتفل اليوم بالذكرى الـ43 للاستقلال الوطني "30نوفمبر" والكثير من أبناء شعبنا من جيل الشباب لا يدركون أهمية وقيمة هذا التاريخ في ظل الحملات المسعورة على رموز النضال والمساس بتاريخ أمة بسب موجة الفوضى والعشوائية ومراحل الصراعات السياسية منذ بعد الاستقلال وحتى في سنوات العهد الوحدوي وحتى في اللحظة التاريخية التي انشغل بها اليمنيون بالمشهد الرياضي لمونديال بطولة الخليج العربي"20" التي تستضيفها بلادنا ورغم أن الحدث الرياضي بنجاحه المتميز الذي أبهر ضيوف اليمن الأشقاء كمنجز كبير .. لكن على الأرجح أن السقوط المدوي لمنتخبنا وخروجه المبكر من مسرح التنافس على كأس الخليج وهو يجر الهزائم المخجلة في أرضه وبين جمهوره قد كشف بؤرة الفساد المدمر للقائمين على الشأن الرياضي بإهدار "6" مليار من موازنة الدولة والنتيجة وصمة عار في تاريخ الرياضة اليمنية ولتوضيح هذه المليارات التي أكدت المعلومات الصحيحة أنها أنفقت للمنتخب الذي ظهر كفرق الحارات .. حسنا نجح خليجي"20" في اليمن التي تمر بأزمة خانقة لا يستطيع أن ينكرها إلا المنافقون المتاجرون بقضايا الوطن ووحدته المصيرية .. وهم الذين يعيثون ويفسدون ويستفيدون من موجة الأحداث ومصائب قوم عند قوم فوائد .. والخلاصة أن "30نوفمبر" عنوان لبطولات وتضحيات شعب حتى صار عنوان للعزة والحرية والكرامة والتاريخ سيسجل في أنصع صفحاته كل المجد لصانعيه ولكن يقبل بدعاة النضال الانتهازيين وتلك الوجوه التي فقدت الأمانة والضمير كونها لم تلفح وجوهها حرارة الشمس حسب وصف الفقيد الكبير : عوض الحامد .. والله المستعان .