تمكنت كافة القوى السياسية في الساحة الوطنية اليمنية ، من إبراز رؤيتها الوطنية بشكل واضح لا لبس فيه ، إن خليجي "20" استحقاق وطني ،يتوجب على الجميع أن يكونوا في مسار واحد باتجاه العمل الجاد لما من شأنه نجاح البطولة الرياضية ، التي لا شك أن المستفيد منها الوطن والمواطن اليمني على امتداد الخريطة اليمنية.. وتجلت هذه المواقف الايجابية من تصريحات قادة هذه الأحزاب السياسية وكذلك الاحتفاء الإعلامي من إصداراتها الصحفية الورقية والالكترونية والفضائية ، ازدادت مواقفها وضوحاً مع قرب هذا الحدث الرياضي الكبير ، وتأكدت مع بدأ فعاليات خليجي "20"، ولم نسمع حتى اللحظة من يقف أو يشكك أو حتى يتجاهل هذه الفعالية الإقليمية التي أصبحت مؤشرات نجاحها جلية وواضحة.
ويصعب تجاهل هذا النجاح خاصة مع تفاقم حملة التشكيك بعدم مقدرة اليمن على تنظيم خليجي "20"التي سبقت هذه البطولة ، وتعددت الأحاديث المحذرة من إقامتها في محافظتي عدن وأبين.
تلاشى كل هذا الضجيج الإعلامي الذي لا نقدر أن نقول إنه مفتعل ولكن كان يستند إلى معطيات الحوادث الأمنية التي شهدتها المحافظات الجنوبية وخاصة محافظة أبين وحتى محافظة عدن ، وان كان حتى الآن يصعب تقييم الفشل أو النجاح من انجاز هذه الفعالية لكن المؤشرات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن ثمة نجاح رافق هذا الحدث الرياضي الإقليمي.. الكبير ، الحديث عن عيوب آو سلبيات هنا أو هناك أمر طبيعي وعادي وعادة ما يرافق أي مشاريع عمل أو برنامج فعل وانجاز أي حدث .. لكن الذي استوقفني بصراحة هنا ، هذا التوحد السياسي النبيل بين كافة القوى السياسية في الساحة الوطنية ، بشأن الدعوة للوقوف مع المنتخب اليمني والدعوة لأنصارهم لبذل الجهود والمشاركة الفاعلة فيما من شأنه إنجاح إقامة البطولة في اليمن.
تأتي هذه المواقف الخلاقة من مختلف القوى والأحزاب السياسية ، بعد تعثر كبير وتراجع مخيف في قضايا الحوار بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة.. ورغم كل مؤشرات التقاطع بين هذه الأحزاب مجتمعة في قضايا تتعلق بالوطن ومستقبله السياسي ، إلا أن حدث خليجي "20"، كان بمثابة محطة استراحة محاربين بين هذه القوى السياسية مما يؤكد أن ما لم تقدر السياسة في تجميعه ، تمكنت الرياضة من تهدئة النفوس ليشترك جميع اليمنيين في التوافق والاحتشاد في نجاح هذه الفعالية ، وتجاوز الجميع كل مفردات التشكيك والنيل من سمعة اليمن بعدم قدرتها على تنظيم هذه الفعالية الرياضية الإقليمية الكبرى ، عدا بعض الآراء الشاذة وممن لا يروق لهم الوطن ولديهم حسابات أخرى تتجاوز الثوابت الوطنية والوحدة والمصلحة العليا للوطن ، وهذه الأصوات ذهبت أدراج الرياح ، رغم كل ما افتعلته من مشكلات.. حاولت من خلالها تصوير الوضع في اليمن على أنه خارج السيطرة..
صحيح أن الاهتزاز الأمني الواضح في المحافظات الجنوبية كان يشير إلى استحالة إقامة البطولة الخليجية في اليمن ، إلا أن اليمنيين كافة حتى بعض ممن بقي تحت وطأت الجوقة الإعلامية المضادة والمروجة لاستحالة تنظيم بطولة خليجي 20 في اليمن ، تراجعوا إلى حيث تقتضي المصلحة الوطنية.. ولن أبالغ إذا ما قلت حتى أن عناصر الحراك التي كانت تبدي نشاطاً ملحوظا في محاولة لعرقلة سيرورة الاستمرار في نجاح البطولة على الأرض اليمنية ، تراجع الكثير منه إلى حيث يجب أن يكون عليه اليمنيون.. موحدين في القضايا المصيرية مهما مزقتهم السياسة ، وبددتهم في أودية التشضي السياسي.
وفي اعتقادي أن الأحزاب السياسية جميعها وكافة اليمنيين سيكونون على ذات المستوى من المسؤولية في قادم الأيام لإخراج اليمن من النفق المظلم الذي يسعى البعض جرها إليه ، وأن تكون عقولهم رياضية ومرنة في التعاطي مع القضايا الوطنية، السياسية والاجتماعية والاقتصادية لتجنيب اليمن المزيد من الخسائر ، وويلات التصدع والنزاعات السياسية.
ساورني شعور طاغ بالفرحة وأنا ارقب وأتابع قادة الأحزاب السياسية وكافة وسائلهم الإعلامية وقد تخندقت لصالح الوطن ، وتمنيت ولا زالت الأمنيات تساورني أن هذه المواقف ستنتقل من الإجماع العام في ترسيخ أصالة اليمن واليمنيين وقدرتهم على تنظيم فعاليات رياضية كهذه ستدفع باليمن إلى مزيد من تحسين واقعه وعكس صورته الحقيقية تجاه مواقفه الإقليمية والدولية والذي للأسف كدرته السياسة بأقذارها ونزق سياسيها. وأمنياتي وأمنيات كل اليمنيين اليوم ، أن يعود الجميع منهم في هرم السلطة السياسية والأحزاب الوطنية إلى الرشد السياسي ، وفتح مساحة خلاقة من الحوار والتدافع بالتي هي أحسن ـ بعيداً عن أي حسابات ، أو تفكير خارج المصلحة الوطنية التي تقتضي من اليمنيين قاطبة الوصول إلى نقاط اتفاق.. يلم من خلالها شمل الأمة ويعاد لليمنيين أحلامهم في حياة كريمة وعادلة وفق مواطنة متساوية لا تكدرها السياسة.
فهل تقدر السياسة على تجنيب الوطن مخاطر الأزمات المحدقة؟ كما تمكنت الرياضة من توحيد الرؤى والمواقف لليمنيين كافة؟
أتمنى ان يبدأ السياسيون في اليمن مشواراً وكرنفالاً سياسياً يوحد ولا يفرق.. نعيد من خلاله التأكيد أننا قادرون على إدارة خلافتنا بذات الحنكة في إدارة مشاريعنا الإقليمية بنجاح.. وإنا لمنتظرون.