أكثر ما يستفز مشاعري كامرأة هو أنه عندما نناقش قضيه حقوق المرأة نجد عادة ردود أفعال الرجال تكون مبنية على السخرية ، فهم يعتبرون مناقشه مثل هذه القضايا بأنها مضيعة للوقت وأن هذه المواضيع تافهة لا تستحق طرحها ولا تستحق أن تكون نقطة حوار.
أما الوجه الآخر لهذه السخرية يتجسد بقولهم.. إن مناقشة حقوق المرأة في المجتمع الإسلامي يعتبر محاولة لتطبيق أجندة الغرب بواسطة منظمات المجتمع المدني التي تتلقى الدعم من الغرب فتدعوا إلى تحرر المرأة وتجسد مبادئ العلمانية.
طبعاً ردود الأفعال هذه تجعلنا لا نستغرب عندما نسمع عبارات المنّ من الرجل على المرأة في أي شيئ تصل إليه المرأة.. فإذا تفوقت في أي مجال سواءً كان في دراستها أو عملها فهذا بفضل الرجل ويجب عليها أن تقدم له فروض الطاعة والولاء لكونه المتسبب، حتى لو تعبت واجتهدت لتصل إلى ما وصلت إليه وهذا أحد الأسباب الذي كان له التأثير المباشر على وضع المرأة ومكانتها في المجتمع لأن المرأة عندما تكون مقيدة الإرادة والفكر لا تستطيع أن تثبت وجودها وإبداعها في أي مجال تشغله.
ومن هنا سأضع نقطة توقف لإحاول فيها تذكير الرجل الذي يحارب المرأة باسم الدين الذي كفل للمرأة كافة حقوقها وكرّمها تكريماً يضمن لها أن تعيش وهي متمتعة بمكانة مساوية لمكانة الرجل دون أي انتقاص أو تحقير فهذا معناه أن الرجل عندما ينكر هذا التكريم ويستكثر أن تحصل المرأة على حقوقها فإنه ينكر أحد مبادئ ديننا الإسلامي وهو المساواة بين الجنسين من منطلق قول الرسول الكريم ( النساء شقائق الرجال ).
ولكن المشكلة أن الرجل يحاول أن يتجاهل نماذج هذا التكريم الذي جاء في المنهج الرباني و في كثير من أحاديث الرسول ليسخر جهود تفكيره في بعض الآيات وهو لا يعي مدلولاتها فيبدأ بمهاجمة المرأة بقوله تعالى: {وقرن في بيوتكن } ويختمها بقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ { النساء ناقصات عقل ودين }.
ونحن نرد على مثل هذه الشعارات بأن ما جعلنا نطالب بحقوق المرأة هو ثقتنا وإيماننا بأن المعوقات والصعوبات التي تواجه المرأة للحصول على حقوقها هي معوقات اجتماعية ساهمت في إيجادها عادات وتقاليد متوارثة.. فليس هناك أي معوقات دينية بل بالعكس فالدين الإسلامي أعطى المرأة مكانة عظيمة وأفتخر بها في مواطن كثيرة في القرآن الكريم.
لذلك يجب على الرجل أن لا يحارب المرأة باسم الدين لأنه سيكون خاسراً وما يجب على المرأة هو أن تفتخر بأنها في مجتمع إسلامي وهي بيدها أن تثبت لهذا المجتمع بأنها تستحق التكريم الإلهي لها.
هذا التكريم الذي أعطى للمرأة فرصاً حقيقية وكثيرة لتحقق دورها كعضو فاعل ومساهم في بناء المجتمع فنحن لا نطالب بالمساواة من منطلق إيماننا بأن المساواة المطلقة ستكون مستحيلة لأننا لا نستطيع تجاهل أن المرأة تختلف في تكوينها الجسماني والعاطفي والعقلي عن الرجل ولكن نطالب بالعدالة التي تعطي للمرأة فرصة أن تشغل مجالات تتناسب مع طبيعة تكوينها.
وهذه المجالات كثيرة جداً فأتمنى أن تستعيد المرأة ثقتها بنفسها ولا تتأثر بكل الشعارات التي يرفعها الرجل لمحاربة وجودها فبيدها أن تتخلص من جميع المعوقات وتثبت للرجل بأنها تملك طاقة وقدرات تؤهلها للإبداع في أي مجال تشغله وهذه الثقة تستمدها من ديننا الإسلامي ومن نصوص الدستور والقانون اللذان كفلا للمرأة كافة حقوقها مساواة بالرجل أقصد بالمساواة هنا العدالة كما وضحت آنفاً..
*بقايا حبر:
يجب أن تتسم نظرة الرجل إلى المرأة كشريكة حياة بالشمولية حتى لا يحصر وجودها الإنساني بالجزء السفلي من جسدها.