عندما نذكر موضوع المسيحية والنصرانية وعلاقتها باليمن وأهل اليمن فإننا نرجع بالتاريخ لأكثر من 1400سنة إلى الوراء وبالتحديد إلى عصر ما قبل الإسلام حيث كانت اليمن وأهل اليمن يدينون بهذه الديانة خلال تلك الحقبة ومنذ أن انتشر الإسلام في اليمن ودخل إليها أهل اليمن أفواجاً وقال عنهم من لا ينطق عن الهوى (أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة ) مشخصاً الإيمان في أهل اليمن بقوله ( الإيمان يمان والحكمة يمانية ) والله سبحانه وتعالى يقول ( ومن يؤتِ الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ) , ومنذ تلك اللحظات لم نسمع أو نعلم ونعرف شيئاً عن المسيحية وأهل اليمن إطلاقاً لا من قريب ولا من بعيد باستثناء بعض الكنائس التي بناها مستعمرو جنوب اليمن البريطانيين لتكون مراكزاً لطقوساتهم الدينية ولكن أن يرتد يمني واحد ساكن في أرضها ويعود إلى ظلمات الحياة بعد أن كان منعماً بنورها فهذا المستحيل بعينه لأن النور الإسلامي وانتشاره للعالم أجمع كان لليمنيين فضل كبير , ما دفعني للإبحار والخوض في غمار هذا الموضوع هو ما أنتشر مؤخراً وحديثا في بعض الأقطار الإسلامية والعربية والتي تعيش حالة غليان سياسي كاليمن والعراق وأفغانستان وغيرهن من حاله تبشير بالنصرانية وانتشار رهيب لمجاميع التبشير هنا وهناك , حيث تستغل هذه المنظمات المنظمة كل المشاكل العالمية هنا أو هناك أو تزرع الفتن هنا وهناك لكي تشتعل المنطقة بالمشاكل السياسية وما يترتب عليها من مشاكل اقتصادية مالية مادية ومن خلال بطون الجياع تبدأ هذه المجاميع التحرك للوصول إلى عقولهم وإمالته يمينا وشمالا للوصول إلى أهدافهم وأغراضهم , وقد يقول قائل هذا أسلوب واضح وفاضح للعيان ولكن عندما تتكلم عن القارة الأفريقية ولكن مستحيل يحدث هذا في اليمن وأرض الإيمان والحكمة !!! أقول له ولغيرة كنت أنا أفكر وأقول ما تقولون بل وكنت أرفض فكرة الحديث عن التبشير بالنصرانية في اليمن على الإطلاق ولكن مع مرور الوقت والبحث المستفيض في هذا الموضوع وأيضا من خلال الاتصال والتواصل من خلال الشبكة العنكبوتية هنا وهناك أجد ما لا تحمد عقباها , أجد وأستكشف أشياءً ترعب القلوب وتجمّد الفرائص وتضعنا جميعا أمام تحدٍ يجب أن نتفطن إليه, تحدٍ من نوع آخر , تحدٍ لا يمس أرضنا , تحدٍ لا يمس سيادتنا , تحدٍ لا يمس مناصبنا واقتصادنا , تحدٍ يمس عقيدتنا واعتقادنا وديننا , تحدٍ رغم تأخرنا في الانتباه إليه إلا أننا مازلنا كما هم مازالوا في البداية ,وجميع المنظمات التبشيرية لا تدخل أي بلد للتبشير بالنصرانية مصادفة أو عشوائية أو مجازفة , بل تسبق كل تحركاتها هنا وهناك بدراسات مكثفة لكل جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية والاقتصادية وغير ذلك , فإن رأت الأرض والإنسان مناسبة لها تتحرك بسرعة البرق وتضرب ضربتها وإن رأت غير ذلك تبدأ في إعداد الخطط لتهيئة كل الظروف ومن ثم تباشر تحركاتها وأعمالها , وفي بلادنا الحبيب رأت هذه المنظمات التبشيرية أن هناك عدة عوامل تسمح وأخرى لا تسمح , ومن هذه الظروف التي تسمح للتحرك التبشيري دخل الفرد اليمني المتدني جداً والذي يصنف تحت خط الفقر غير أن بقية العوامل كانت وأقول كانت غير مناسبة لها خاصة حتى نهاية القرن الماضي وخاصة جانبها الديني والاجتماعي فبدأت هذه المنظمات في العمل في هذا الجانب وبمساعدة ودعم الدول العظمى كالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من خلال توصيات الكنسية الكاثوليكية , فنظرت هذه المنظمات نظرة إلى اليمن من جانبها الديني فوجدت أن اليمن يمثله ثلاث مذاهب دينية رئيسيه كالتالي ( الزيدية – الشافعية – السلفية ) , فعدت العدة ودرست وحللت كل هذه الطوائف والمذاهب فجرجرتهم جميعا إلى مهب الصراعات الدنيوية بعد أن كان كل مذهب يصارع إلى تثبيت أفكاره الإسلامية السمحاء , فكانت الزيدية تمثل أجزاءً كبيرة من اليمن الحبيب وكانت لها مدارس نوريه دعوية هنا وهناك ورأت في رجالها المتذهبون بهذا المذهب قوة وصلابة وتمسكاً بهذا المذهب وبأنه يشغل أجزاء كبيرة من اليمن خاصة في أجزائه الشمالية وأيضا الغربية وكان الحكم السياسي في شطر اليمن الشمالي قبل ثورة 1962م حكم إمامي زيدي , فهذا مذهب ديني له علاقة كبيرة بالسياسة , ثم حولت مسارها للمذهب الكبير الآخر وهو الشافعي ودرسته دراسة مستفيضة ورأت أنه يشغل أجزاء كبيرة في اليمن وبأن معظم منتسبية يشكلون حزباً سياسياً معارضاً كبيراً منبثقاً من حركة الأخوان الإسلامية ومسماه اليمني (حزب الإصلاح ) وهو أكبر حزب سياسي معارض يمني , فهذا جانب ديني مندمج في الجانب السياسي , ثم انتقلت وبشكل مبسط للجانب الديني الأخير السلفي ومحاولاته الانتشار في اليمن وعرفت أن تعاليمه مشددة وبأنهم أكثر الناس معارضين لمعظم الجوانب الحياتية الاجتماعية في اليمن ويعارضون جزءاً كبيراً من الجوانب السياسية , وعملت دراسة شاملة ومستفيضة لكل هذا وكيفية التغلب على هذه المذاهب جميعا وكيفية العمل على إشغالها في أمور بعضها وفي أنفسها بعيدا عن الإنشغال في الدعوة وكيفية زرع الفتن والصراعات مع بعضها البعض لتتهيأ لهم الساحة اليمنية وتسهل عليهم العملية التبشيرية في أرض اليمن والإيمان , وبالفعل استطاعت الوصول لمبتغاها وفي فترة قياسية وجيزة جداً , سنتطرق إليها في مقال الغد إن شاء الله .
yalhadree@yahoo.com
يوسف الحاضري
التبشير بالنصرانية وأساليبه في اليمن (1) 1826