;
عبد العزيز المقالح
عبد العزيز المقالح

أجيال بلا هوية أو أمل 1764

2010-10-25 01:38:14

لا أظن أن مواطناً راشداً في هذا الشعب لا يدرك أنه ينتمي إلى بلد فقير في موارده المتاحة حالياً، وأن ميزانية الدولة السنوية في هذا البلد لا تزيد على الميزانية المخصصة للأنشطة الرياضية في بلد شقيق أنعم الله عليه بالخيرات الواسعة.

ومع الإجماع بأن ميزانية هذا البلد محدودة فإن الجانب الأكبر منها يذهب في مواجهة الكوارث والحروب والانشقاقات، ولا تسلم كذلك من البذخ الرسمي في إنشاء المباني الحكومية التي لا حاجة للبلاد بها في هذا الوقت بالذات.

shape3

لكن ما ذنب الوطن وأبنائه إذا كانت العقول الاقتصادية بعبقريتها الفريدة لا تنظر إلى أبعد من يومها، ولا ترى واقع الناس وتدني الخدمات والوصول بالحال إلى درجة لا يجد معها تلاميذ المدارس المقاعد التي يجلسون عليها فيضطرون إلى أن يفترشوا الأرض بالإضافة إلى ما يعانونه من ازدحام غير مسبوق.

وكأني بالاقتصاديين الذين يوجهون مسار السياسة المالية في هذا الوطن لا يدركون أبعاد هذا التزايد السكاني الذي يرفد المدارس كل عام بمئات الآلاف، ويرفد مكاتب التوظيف بأرقام مماثلة . وما دفعني إلى كتابة هذه الكلمات المؤلمة ما شعرت به من حزن في أثناء قراءتي لتحقيق صحفي يتناول واقع المدارس في العاصمة نشرته صحيفة "الثورة" في ملحقها الخاص بالأسرة (السبت 30 شوال 1431هـ، الموافق 9 أكتوبر 2010م ) ولو كان ذلك التحقيق قد نشر في صحيفة حزبية أو خاصة لعددته من باب المبالغات الصادرة في مناخ الصراعات السياسية الراهنة، أما أن يكون منشوراً في ملحق تابع لصحيفة الدولة الرسمية فذلك ما يستحق أكثر من وقفة، وأكثر من لفت الانتباه، مع الإشارة إلى أن وزارة التربية والوزارات الخدمية الأخرى قد تخلت أو أخليت مسؤولياتها للمجالس المحلية كآخر خطوة في تخلي الدولة عن المركزية.

وأعترف أن ما آلمني وأحزنني ليست العناوين المثيرة في التحقيق الصحفي المشار إليه، وإنما الصورة الفوتوغرافية أو بالأصح مجموعة الصور التي رافقت التحقيق وهي لفتيات صغيرات يفترشن الأرض وأيديهن مرفوعة نحو السماء في انتظار النجدة إما من الحكومة أو من القادرين الأثرياء، وهم والحمد لله يتكاثرون عددا ويتناقصون في مجال المسارعة إلى الخدمة العامة باستثناءات لا يمكن إنكار دورها أو سخائها في بناء المدارس والمساجد والقاعات الجامعية.

وأتذكر بالمناسبة أنني ذهبت – قبل سنوات – مع عدد من الزملاء إلى واحد من أثرياء هذا الوطن وطلبنا منه بناء قاعة في جامعة صنعاء التي كانت قد ضاقت بطلابها وطالباتها قبل التوسع في إنشاء الجامعات، فكان رده حاسماً وساخراً: وأين الحكومة ؟ كدت أقول له إن الحكومة مشغولة بالمحافظة على ثروته وأمثاله من أن تمتد إليها أيدي الجياع والمحرومين الذين يتزايدون عاماً بعد عام!

إن بلادنا غنية، وغنية جداً، غنية بشواطئها وجزرها وبوديانها، وبما تختزنه أرضها من ثروات تفوق ما لدى الآخرين، لكنها لعنة الخلافات والصراعات السياسية التي رافقت هذا الوطن عبر القرون فأرهقت ذاكرة أبنائه وكانت هي المسؤولة عن انصراف الشعب عن مصادر ارتقائه إذ كان وما يزال من الواضح أن تلك الصراعات التي تتسبب في ضياع الأرواح قبل الأموال لا تتوقف وأنها تتم لمصلحة قوى خارجية لا تريد لهذا البلد أن ينعم بالاستقرار وأن يتجه إلى بناء نفسه بعيداً عن حاجته إلى الآخرين.

ولا اعتقد أن العقلاء وقادة الفكر وزعماء السياسة في هذا الوطن لا يدركون هذه الحقيقة، ولا يقرؤون آثارها على الواقع لكن أنانية بعضهم تجعلهم يتجاهلون لعنة الخلافات والانقسامات وما تسببه من تعميق صورة اليمن الفقير المتسول الذي يأكل بعضه بعضا.

ولا استبعد إذا استمر الحال على ما هو عليه أن تنشأ الأجيال الجديدة جرّاء هذه المواقف بلا هوية ولا أمل.

نقلاً عن الراية القطرية

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد