وإن أشتد الحال وكثر العيال وإن هزل الراتب وقل دعم الأقارب وخذلك الصاحب وإن زاد الفساد وعاث أصحابه في البلاد وإن عادت طبقة الأسياد تظل بلادي بسهلها والوادي مسقط رأسي بها يطيب مقامي ورقادي، نعم وجاع عليها آبائي وأجدادي.
يا عازماً أنى الرحيل بلا خليل أو دليل بلا أمل أتسأل الجار البخيل وتسقط بين أقدامه راكعاً ذليل ترجوه أن يصير لك كفيلاً أو يجدد الكفالة رفقاً بأهلك والعيال.
أراك ترجو المستحيل.. قالها من قبلنا الحكماء: ما في النار للضمأن ماء".
هناك للهندوس ماء للبنجال ماء ، لكن ليس لك ، لا يعنيهم من أمرنا شيئاً يعيش من عاش ومن يهلك هلك، وفوق كل هذا يعنيهم الذليل المقيد بالصنيع أو الجميل من يلحس النعال يفترش الرمال يحمل في العراء لا يعرف الظلال.. يقنع بالمهن الحقيرة كمساعد للسائس الهندوسي لشؤون نظافة الخيل والحظيرة.. فهلا عدلت عن الرحيل.
ـ توجه للرب بالدعاء إشخص ببصرك للأعلى نحو السماء.. واجهش بالبكاء: أسئل أن يرفع عنا الغلاء والوباء، أن يرفق باليمن وأهل اليمن وأن يجنبهم الكوارث والمحن والفتن.. قل: ربي قد جار القريب وتركني الصاحب والحبيب وأذلني الغريب ، ربي قد قل الزرع وجف الضرع وأنكر الأصل الفرع، ربي كثيرة العيال وقلت بركة المال والريال، وأنت أعلم بالحال.. ربي بارك بيمننا ولا تجعل حاجتنا لغيرنا ولا لأحد سواك، فإننا نكره الرحيل عن أرضنا ونكره أن نسأل أحداًُ إياك.
ـ إن اعتقدت بالغير واجهدت نفسك بطول السير تمنِ نفسك بعظم الخير فقد أشركت مع الرب أرباباً فلم تجد غير سراباً ويباباً، فلا تذهب.
أما أنا فسأظل هنا أزرع ما بقي من أرضنا سأظل في بلادي أرض آبائي وأجدادي وإن جارت علي.. إنني جالس لا تهزني الفتن والدسائس أنتظر بركات السماء لأني أعتقد بالله فأدعوه ولن يخذلني فسوف يستجب للدعاء، إن عاجلاً أو آجلاً.
ـ سأظل أكره الظلم والظلام وأيقض النيام.. أردد على أسماعهم مآثر الأجداد وجلادة الأجداد وأكلهم أوراق الشجر وقصة الجراد.. كذلك وقصة الجلاد وظلم الجلاد وثورة الأجداد.. ا لمهم أن أيقضهم من السبات والرقاد.
أراهن على تغير الحال وتجدد الآمال.. أراهن أن يذهب الظلم والظلام إلى زوال وتتحسن الأحوال.. وإلى ذالكم الحين أياماً أو شهوراً أو سنين سأظل في بلادي أغالب رقادي حراً أو سجيناً لايهم.. المهم أنني في بـ"بلادي".