رمزي المضرحي
هناك من يقول "تستغرق مناقشة المسائل التافهة وقتاً طويلاً لأن بعضنا يعرف عنها أكثر ما يعرف عن المسائل الهامة" وهذه في واقع مسؤولينا وشعبنا في اليمن للأسف الشديد، فكل يوم أتطلع في الصحف وأشاهد التلفاز وأسمع في الراديو عن الكثير من الإشكالات والإنجازات في مجلس البرلمان ومجلس الحكومة في شتى الوزارات للوطن والمواطن، فينفقون أوقاتهم في مناقشة الأمور أو الإشكالات البسيطة ولا أقول التافهة لأني سأجرح في حكمة وإخلاص قلة من النواب الشرفاء والمخلصين للوطن، ومن هنا سأشرح لكل قارئ حر وفطين كارثة وأي كارثة بل مصيبة كنت أجهل تفاصيلها وملابساتها فلم أعيرها اهتماماً كما تعودت من مجلس البرلمان ومجلس الوزراء من التطنيش واللامبالاة في الأمور الهامة والاهتمام بالصغائر، وهناك وبالأمس كنت أطالع صحيفة "أخبار اليوم" قرأت في إحدى الصفحات وليتني لم أقرأ، فما قرأته أثار ما تبقى في جوفي من غيرة وحسرة على الوطن المنهوب والمسروق وعلى الشعب المسلوب والمغلوب على أمره والجاهل للكثير مما يدور حوله من نهب وسرقة وبيع ثروات الشعب والأجيال القادمة التي ستخلق على أرض اليمن فتلعن أجدادها وأرضها القاحلة والمنهوبة والمبيوعة فهي ستنشأ على بقايا أجدادها من ثروات وطننا ووطنهم المستنزفة من مياه ونفط وغاز فيضطرون إلى التسول في دول أوروبا وأمريكا كما تعمل حكومتنا في الوقت الحالي وهناك مثل يقول "عندما تبكي السماء تعيش الأرض" وأنا أقول "عندما يبكي ويصمت الشعب.. يعيش الفاسدون والسرق والعملاء" فهذا هو حالنا مع مسؤولينا نحن نصمت ونتجاهل إيرادات ثرواتنا ومعدومو الضمير يساومون في ثرواتنا وحقوقنا وكأنها ملكهم، يبيعونها متى ولمن يشاؤن وبالسعر الذي يرضونه.
فعلاً هذا أمر بل كارثة يجهلها الكثيرون من أبناء الشعب، فهل تعلمون أن خسارة الوطن الغني بثرواته من المعادن والنفط والغاز وغيرها في صفقة الغاز المسال المبرمة قبل أشهر قليلة تقدر بحوالي "60" مليار دولار؟ وهل تعلمون أيضاً أن مسؤولينا الفاسدين باعوا المليون وحدة حرارية بـ"13" دولار لماذا؟ وهل تعلمون الكارثة العظيمة أيضاً أن نسبة الاحتياطي اليمني يقدر بحوالي 10 تريليون قدم مكعب وأن صفقة الخونة والعملاء تقضي ببيع 9 تريليون قدم مكعب فيتبقى لنا ولأجيالنا تريليون قدم مكعب فقط متجاهلون بهذه الصفعة من أين سوف نتسول بعد نفاذ هذا الاحتياطي؟ فهل تعرفون ماذا يخططون؟ أنا لا أستبعد أي شيء من شرذمة خائنة كهذه فاليوم باعوا ثرواتنا "بيعة سارق" كما يقول المثل وغداً سوف يبيعوننا نحن، وليس بالمستحيل أنهم يساومون حالياً على بيعنا في صفقة طويلة الأجل سرية، فنجد أنفسنا ذات يوم عبيداً نباع ونشترى في أسواق أميركا وإسرائيل وأوروبا وإحدى دول الخليج الشقيقة.
فنعود إلى عالم الرق والجواري، ولم لا فمن يبيع أرضه وثرواتها يسهل عليه بيع مبادئه أو ضميره وشعبه وعرضه وشرفه ودينه والأرض هي الأم والأب والعرض وبعد هذه التساؤلات هناك سؤال يطرح نفسه حالياً؟ وسوف يطرح على حكومتنا يوم الحساب والعقاب؟
س/ أين الحكومة من هذه الصفقات اليمنية الخارجية؟ وما دورها في هذه الصفقات؟ فهل كانت تعلم بخطورة الصفقة القاتلة الكورية اليمنية؟ وإذا كانت تدري فهل يعني ذلك أنها شريكة في بيع ثرواتنا وبيعنا؟ فكما قال الشاعر"إن كنت تدري فتلك مصيبة.. وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم"؟ وإن كانت تعلم فلماذا تبيع ثرواتنا "بيعة سارق"؟ وآخر سؤال سوف أطرحه أين ستهرب قبل أن نباع؟ هذا إذا لم تكن قد ابتيعت.
أتعرفون أنكم أرخص من أبناء كوريا؟ وأن السلعة تباع للخارج بأقل من الداخل فما لا تعلمونه أن الخونة يبيعون "7" ملايين طن من الغاز المسال لكوريا بحوالي"79" مليار ريال، بينما يبيع"79" ألف طن من الغاز المسال لأبناء الوطن أصحاب الغاز أصلاً بحوالي "84" مليار ريال، فأي كارثة تحدث ونحن لا نعلم وأي جريمة اقترفها هؤلاء الجبناء وكأنهم يذكروني بالمثل القائل "اللي يجمعه العصفور بسنة يأكله الجمل بلقمة" فأي لقمة هذه التي ستجعل أبناء شعبنا قريباً شحاذين في دول الخليج وأوروبا؟.
على العموم لسنا هنا لكي ننوح ونولول ونشكي ونبكي على ما جرى ؟ بل يجب أن نقف وقفة جادة صادقة منبثقة من شعورنا بأن الثروات ملك الشعب أولاً وأخيراً.
وهناك مثل يقول" أن تمنعه من السقوط أفضل من مساعدته بعد السقوط" ويجب أن نقف ونثبت لأنفسنا أولاً ولكل الشعوب أننا لم نسقط ولن نسقط ما دام فينا قلب ينبض ويجب أن لا نعترف بهذه الصفقة ونرفضها ونعمل على حماية ثرواتنا ولو بدمائنا ونطالب من قيادات ومسؤولي ونواب اليمن أن يستخدموا كل صلاحياتهم الداخلية والخارجية لإفشال هذه الصفقة الدنيئة التي ستفقد ما تبقى للشعب من ثرواته بل ونحملهم المسؤولية الكاملة أمام الله تعالى وأمام التاريخ الذي سوف يلعن المتآمرين والمتخاذلين منهم حتى تقوم القيامة، فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، واحسبوها جيداً ونأمل من الله أن يوفقكم في معاقبة منفذي صفقة الغاز الكورية اليمنية، وأن تفكروا في مستقبل اليمن لا بحاضره.
إخواني القراء إن المخزي بل من قلة ماء الوجه أن المتآمرين والمنفذين لهذه الصفقة ما زالوا يصرون على إتمام هذه الصفقة ويكابرون وهم خونة لوطنهم وشعبهم ولا يعرفون أن المجنون عندما يعرف أنه مجنون يقترب من العقل.
إن كاتب هذه السطور يتمنى أن تتخذ الحكومة قراراً صارماً في حق المرتزقة والخونة ويتمنى من كل أبناء الشعب أن يستشعروا الكارثة التي يقلل الكثير من أهميتها إما لجهلهم أو لأن مصالحهم وعائداتهم مستمرة، وأنا أنهي مقالي بحكمة تقول "أن تضيء شمعة صغيرة خير لك من أن تنفق عمرك تلعن الظلام".