كم يؤلمني حال التعليم في بلادنا وكم يحز في نفسي عندما أرى تدني مستوى التحصيل العلمي والتلاعب العلني بالعملية التعليمية والتخبط في رسم الخارطة الصحيحة لمساره .
في الحقيقة ومن خلال متابعتي المتواضعة لاحظت أن ثمة كارثة تتربص بأجيالنا لتقذف بهم في مستنقع الجهل والتخلف في ظل سياسية الهدم التي يتبناها المسئولون عن التعليم في بلادنا .
نحن نقف على مشارف النصف الثاني من العام الدراسي 2010ـ 2011م وما زال الكتاب المدرسي غائباً عن بعض الطلاب ولم نعلم مبرراً حقيقياً يخرجنا من حالة الضيق التي علقت بصدورنا بسبب هذا الغياب القصري الذي.. مازال نفحته بعيدة عن مداركنا المتوشحة بالحزن .
مطابع الكتاب المدرسي تسلمت العام الماضي شهادة تقدير وفي هذا العام تم الإعلان عن الانجاز الذي يعتبر بمثابة الإعجاز والمتمثل بتوفير الكتاب المدرسي بنسبة 99% كما أن القائمين على المؤسسة يفاخرون باعتبارها من أكبر مؤسسات مطابع الكتاب المدرسي في المنطقة والعالم العربي بأكمله وأن أسطول الآلات الذي أنضم إلى الخدمة في المؤسسة هذا العام يعتبر الأضخم في المنطقة ، غير أن الكتاب المدرسي ما زال غائباً عن متناول بعض الطلاب ومسجوناً في غيابة الجب ولا أظن أن الواحد في المائة هو هذا الذي نبحث عنه وتبحث عنه بعض مدارس أمانة العاصمة فضلاً عن المدارس المترامية في الريف اليمني بطوله وعرضه بل أن المفقود يتعدى هذه النسبة بأضعاف مضاعفة مما يعني أن خلف الكواليس قضايا لا يستطيع فك شفرتها وتفسيرها للعامة سوى القائمين على التعليم في هذا البلد ، وأقول القائمين على التعليم وأنا أعنى وزارة التربية والتعليم "بعظمة قدرها" ممثلة بالأستاذ/عبدالسلام الجوفي والذي ينبغي عليه تفسير هذا اللغز الذي عجزنا أن نستوعبه ، فمؤسسة مطابع الكتاب تحدث مديرها عن أن الكُتب المدرسية التي تطبع بالنسبة المعلن عنها 99% تُسلّم بأكملها إلى مخازن وزارة التربية والتعليم وبسندات رسمية تأكد صحة التسليم ، فما دامت الأمور كذلك أين تذهب هذه الكتب بعد أن يتم توريدها إلى مخازن الوزارة سالفة الذكر ..؟
ولماذا يوجد عجز في الكتاب المدرسي لدى بعض المدارس ..؟ وكيف يجد طريقه إلى الأرصفة ليباع على مرأى ومسمع من الجميع ..؟
من المسئول عن هذه الإشكاليات التي تؤرق أبناءنا يا معالي الوزير ..؟
أتمنى عليك إيلاء هذه المواضيع بالغ جهدك كما أتمنى عليك النزول الميداني إلى عدد من مدارس أمانة العاصمة - لن أطلب منك النزول إلى المدارس البعيدة ــ دون إشعار مدرائها بموعد الزيارة لترى بأم عينك مدى الإهمال الذي تعاني منه هذه "الصروح العلمية الشامخة" وكيف أن أيادي بعض الطلاب فارغة من الكتاب المدرسي الذي كادت نسبة طباعته تصل ال 100% حسب "أصحاب المؤسسة !!!" ، كما أود أن تطلع على المدارس التي تعاني من نقص الكادر التعليمي رغم أن هناك عدد كبير من الخريجين الذين مضى على تخرجهم عشرات السنين ــ أصابهم فيها الملل وطحنتهم البطالة ، لماذا لا يتم توظيفهم ما دامت هذه المدارس بحاجة إليهم حتى لا ينهار المسلك التعليمي فيقضي على بصيص الأمل الذي نستنير به في ظلمة الجهل الحالك ..؟؟!! أم أن هنالك فائض في سجلات المعلمين بوزارة التربية والتعليم ولا يوجد فراغ لإضافة أسماء جديدة كما يقوله غالبية الخريجين ولا "أصدقه" كوني اسألني أين يعمل هؤلاء ما دامت أسمائهم محشورة ــ بالحبر الأسود ــ وعلى مقربة من الجرح ..؟؟!! ولا أجد إجابة لأنها قد تكون مصلوبة على كشوف المرتبات . أجارنا الله وإياكم من "الصلب والكلفتة" .
* * *
وكيلة إحدى مدارس مديرية السبعين بأمانة العاصمة ، في سن جدتي إن لم تكن تكبرها بقليل ، يبدو أن قانون التقاعد مر من أمام نظارتها السميكة دون أن يأخذها إلى منزل أحفادها لتقوم على تربيتهم وتترك المجال لمن هم أكثر إدراكاً وفهماً بالعمل التربوي منها ، سألتها عن المشاكل التي يعاني منها الطلاب في المدارس الحكومية فأجابت وهي تلفت إلى كرسيها الذي لا ترغب في فقده أن لا وجود لأي مشاكل مطلقاً وأن العملية التعليمية تسير بأفضل حال ، غير أن الورقة التي قدمتها لها إحدى المدرسات أثناء سماعي لإجابتها والتي كان فيها جداول توضيحية بعدد الكتب الناقصة التي يحتاجها طلاب المدرسة وكذلك أولياء الأمور المتزاحمون أمام بوابة المدرسة والذين يشكون تأخر صرف المناهج كاملة لأبنائهم ، كل ذلك كان بمثابة القشة التي قص54فل54فلمت ظهر مداراتها للأخطاء الواضحة للعيان . فمع هؤلاء على التعليم السلام .!!!!