لقد أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض عن خيبة الأمل تجاه عودة البناء في مستوطنات الضفة الغربية، وهو البناء الذي لم يتوقف سوى حالات جزئية مع استمرار البناء في القدس المحتلة وهدم منازل المواطنين الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم، تحت سمع وعين ما يسمى بالمفاوضات المباشرة ومع وجود وسيط أمريكي ومشاركة وزيرة الخارجية الأمريكية .
وإذا كانت الخدعة قد جازت على السلطة الفلسطينية، وعلى بعض الدول العربية، فإن الشعب الفلسطيني أولاً، ومعه الشعب العربي والرأي العام العالمي ثانياً، في حالة من الرفض المطلق للمفاوضات مباشرة أو غير مباشرة تتم تحت استمرار تمدد الاستيطان والاستيلاء على الأرض الفلسطينية ووضع الجميع أمام الأمر الواقع .
إن السلام المطلوب لا يأتي عن طريق الوسطاء، ويستحيل أن يكون مع فرض الأمر الواقع، وإنما يأتي من توافر إرادة حقيقية بالسلام، داخل النفوس ومن اقتناع العدو بأنه لكي يحصل على السلام عليه أن يقتنع من داخله بأن هذا السلام ضرورة له وليس يمنحه إياها من سُلبت أرضه وتم الاستيلاء على وطنه، والغريب أن ما يسمى بوزير خارجية هذا الكيان يطلق قبل أيام قليلة شروطه لإقامة ما يسمى بدويلة فلسطين، وتلك الشروط تقوم من وجهة نظر الصهيونية العنصرية على موافقة الفلسطينيين على إعطاء الأرض والسلام مقابل الموافقة على قيام الدويلة التي ستكون تحت حراسة صهيونية براً وبحراً وجواً . ولم يكن هذا "الوزير" في تصريحاته يعطي أدنى أهمية للوسطاء ولا للرأي العام العالمي ولا للدول التي تشعر بخيبة أمل علماً بأنها هي التي ساعدت الكيان على الوجود وكانت وما تزال تحيطه بحمايتها المادية والمعنوية .
ولم يعد تعنت قادة الكيان والصلف الذي يبدونه تجاه كل المحاولات والمبادرات موضع حيرة أو استغراب عربي وعالمي وإنما موقف السلطة الفلسطينية هو موضع هذه الحيرة والاستغراب، فهي التي بخضوعها المستمر للأوهام واستجابتها للوعود الكاذبة قد أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، ولعل أغرب وأعجب تصريحات هي تلك التي أدلى بها رئيس السلطة والتي يناشد فيها قادة الكيان أن يوافقوا على التجميد الجزئي للعمل في بناء المستوطنات لمدة أربعة أشهر أو ثلاثة . ولا أحد يدري ما الذي يأمل فيه رئيس السلطة أن يتحقق خلال هذه الشهور القليلة؟ وما المعجزة التي ينتظر حدوثها في هذا الوقت القصير بعد أن تواصلت المحادثات والمفاوضات على مدى سبعة عشر عاماً هو عمر اتفاقيات أوسلو المشؤومة؟!
نقلاً عن الخليج الإماراتية