كنت قد كتبت في مقال سابق عن فقداني البيان الجمركي الخاص بسيارتي وها أنا اليوم أبدأ موضوعي بالشكر الجزيل للمقدم/ أحمد الماربي – نائب مدير عام الإصدار الآلي ـ لجهوده المبذولة وسعيه لتمكيني من الحصول على بدل فاقد لبياني الجمركي وأنا أحييه على تلك الروح الطيبة وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على نبل أخلاقه ورقيه في التعامل مع الآخرين.
مقال اليوم عبارة عن رسالة من طالب دكتوراه وقد كانت رداً على مقالي الذي كان بعنوان "مستشفيات في أزمة" ويقول في رسالته "بعد السلام والتحية أحب أن أقول أني لست طبيباً ولكن حال المستشفيات في بلدنا واضح ما هي عليه من سوء حال وسوء إدارة ، لكن لي ملاحظة أرجو أن يسمعها الجميع وهي أن حال الطبيب الذي يعمل في المستشفيات الحكومية ليس أفضل من حال المواطن بالريف، كيف للطبيب أن يخلص في عمله ويتفانى في خدمة مرضاه وهو مشغول بهم تدبير لقمة العيش لأولاده .
هل تعلمين أن بعض الأطباء والذين ليس باستطاعتهم فتح عيادات خاصة ولم يجدوا فرص عمل أخرى في مستشفيات، يعملون كدلالين في بيع وشراء المنازل والسيارات ، وكما يقال في المثل الشعبي "أطبخي يا جارية تكلف ياسيدي".. بمعنى إذا أردنا أن نبني وطناً حقاً يجب أن نبني ابن البلد أولاً ، لا أن تتسلم الممرضة الهندية أو الأجنبية بشكل عام ما يزيد على راتب الطبيب اليمني ويتم تأمين سكن لها أيضاً.
هل تعتقدي ينظرك أن الوطن سينهض إذا استمرت هذه الحالة ؟!!
المدرس يعطي دروساً خصوصية ليغطي المصاريف المعيشية له ولأسرته وربما يعملون سائقي تاكسي بعد الدوام "طبعاً العمل ليس عيباً".
والسؤال الآن الذي يبحث عن إجابة هو هل تعتقدي أن الطبيب أو المدرس سيخلص في عمله وهو يرى أولاده جياع ؟!!.. وهل جندي المرور سيتوقف عن أخذ الرشوة وهو يرى أنواع السيارات الفارهة تمر من أمامه يقودها أطفال وهو لا يملك في جيبه ما يكفيه مواصلات للعودة إلى منزله ؟! وهل تعتقدي أن رجل الجيش أو الأمن الذي يدافع عن البلد سيضحي بحياته وهو يعلم أنه إذا مات فأقصى ما ستقوم به الدولة هو إعطاؤه كرتون فول ومعاش لأسرته في أحسن الأحوال لن يتجاوز الـ100 دولار؟.
لذلك قبل أن نلوم المواطن اليمني علينا أن ننظر إلى بقية الدول ولن أقول الغربية، فقط، فابن البلد يستلم أكثر من الأجنبي سواءً كان الأجنبي غربياً أم عربياً .
هل يعلم الجميع أن الأطباء والأساتذة الأجانب "العرب" يستلمون في اليمن أضعاف ما يستلمه الدكتور اليمني؟.
إذن الخلل ليس خلل طبيب في مستشفى أو مريض لم يجد سريراً، الخلل في كيفية الاستفادة من أبناء البلد وحثهم على العمل داخل الوطن بدلاً من أن يستفيد الغير منا، فكم من أستاذ جامعي وطبيب ممتاز ومبرمج حاسوب وغيرهم من أصحاب الخبرات هاجر وإلى خارج الوطن لتوفير لقمة العيش الكريمة لهم ولأولادهم.
عزيزي القارئ أنا أتفق تماماً مع كل ما قيل وكتب في الرسالة ولكن لي أيضاً تعليق بسيط جداً، نعم يعاني الطبيب بل الكل يعاني من قلة الراتب مقارنة مع ازدياد الأسعار الذي أهلك المواطن اليمني ولكن هل هذا الأمر يكون السبب في عدم التفاني في العمل خصوصاً الأطباء؟ طبعاً غير معقول!، لأن الطبيب سواءً كان راتبه ضئيلاً أو كثير عليه أن يؤدي عمله بإخلاص وتفانٍ، لأن تقصيره يكون سبباً رئيسياً في عملية إزهاق الأرواح البريئة التي لا ذنب لها إطلاقاً، فالمسألة من وجهة نظري مسألة ضمير، فمن لديه ضمير صاحي سيعمل بضمير وسيتفانى في عمله.
عموماً أتمنى أن تصل هذه الرسالة إلى الجهات المسؤولة لتتدارك الأخطار قبل أن يفوت الأوان
كروان الشرجبي
نحن.. وذوو الضمائر الحية 1777