;

العدل أو الطوفان 1868

2010-08-12 12:59:57

عمار بن
ناشر العريقي


بالعدل قامت السماوات والأرض، ولأجله خلق إليه
الكون والإنسان وبعث الرسل وأنزلت الكتب وشرع الحدود والأحكام "لقد أرسلنا رسلنا
بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط" "والسماء رفعها ووضع
الميزان * ألا تطغوا في الميزان * وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا
الميزان".

العدل قيمة إنسانية
نبيلة تتشوق إليها كل المجتمعات الإنسانية ومازالت تبذل لأجله كل الثورات والتضحيات
وما قام سوق الجهاد في الإسلام إلا لأجله "أذن للذين يقاتلون بأنهم
ظلموا".
وتحقيق العدالة الإنسانية من أعظم مقاصد الشرعية الإسلامية فيما لخصتها
هذا ا لآية الجامعة "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذوي القربى وينهى عن
الفحشاء والمنكر والبغي. . " حيث أنه طالب بها حفظ مصالح الناس وحقوقهم وحرياتهم
العامة الشرعية وكرامتهم الإنسانية "ولقد كرمنا بني آدم".
وفي المقابل فإن الظلم
من أعظم أسباب سقوط الدول وهلاك الأمم "وتلك القرى أهلكنهم لما ظلموا وجعلنا
لمهلكهم موعدا" وفي الصحيحين"إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيه الشريف
"المتنفذ الفاسد" تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والله لو أن فاطمة
بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها".
وهو ما يؤكد حقائق التاريخ في سقوط
الإمبراطوريات قديماً وحديثاً وشواهد الواقع وذلك من خلال المقارنة بين أوضاع
الأنظمة العربية والغربية وشعوبها "بئر معطلة وقصر مشيد".
فرح هناك وهنا يقوم
المأتم بيت ينوح وآخر يترنم.
حيث حققوا بالعدالة النسبة وقيمهم الإنسانية في
العدالة الاجتماعية والحرية وتقديس النظام والقانون والتوزيع العادل للثروة وتكافؤ
فرص الدراسة والوظيفة ونزاهة الانتخابات وفصل السلطات واستقلالية القضاء والتداول
السلمي للسلطة واحترام كرامة الإنسان ونحوه، مزيداً من التقدم والترخاء والتنمية
ومنه أدركنا تقدموا وتأخرنا وتطورنا وتخلفنا؟ وكانت أحولنا يعجز عنها الوصف
والعبارة ذلك لأنا لم نتمسك لا بقيمهم الإنسانية ولا بقيمنا الإسلامية والتي تضمن
لنا أكمل وما أجل وأصدق قول الشاعر في المقارنة بين عدل الفاتحين المسلمين الأولين
وخبث ومكر العلوج الصهاينة والصليبين حيث قال: حكمنا فكان العدل منا سجين فلما
ملكتم سال بالدم أسطح وحللتمو قتل الأسرى وطالما بقينا على الأسرى نمن
ونصفح فحسبكموا هذا التفاوت بيننا فكل إناء بالذي فيه ينضح إن العدل
وهو يعني وضع الأشياء مواضعها اللائقة بها وفق القسط والميزان وإعطاءها حقها من غير
بخس ولا نقصان هو في الإسلام فريضة شرعية كما هو ضروري واقعية وينبغي أن يكون في
حياتنا ظاهرة ميدانية وطبيعة وصلة إنسانية وذلك في كل حال ومجال ومع كل الناس
ولوجبت مصالحة للأعداء وعلى حساب الأهل وذوي القربى وذلك ينقض التقوى ومخالفة
الأهواء كما قال تعالى" كونوا قوامين بالقسط "صيغة مبالغة من كثيرة ملازمة القسط
وهو العدل "كونوا شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والآخرين". . .
وفي آية
أخرى "ولا يجر منكم شنآن قوم" ومعنى ذلك عداوتهم وبغضهم على ألا تعدلوا أعدلوا هو
أقرب للتقوى" وقال تعالى "وإذا قلتم فأعدلوا ولو كان ذا قربى" كما هو واجب شرعي
مع الأعداء الكفار غير المحاربين" أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب
المقسطين".
كما أن العدل على عظيم فضله إلا أنه أقل الواجب الذي ينبغي أن يتعامل
به الإنسان مع أخيه الإنسان لأنه يعني المعاملة بالمثل أما المعاملة بالأفضل
والأحسن فهو الفضل والإحسان كما هو حق الوالدين "وبالوالدين إحسانا" وهو صلة
الأرحام كما في الصحيح "ليس الواصل بالمكافئ ولكن من إذا قطعت رحمه وصلها".
ومن
مجالات العدل ما يكون مع الزوجة قال تعالى ((ولهم مثل الذي عليهم بالمعروف" ومع
الأولاد كما في الصحيحين "اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم" أي في النفقة والعطية
ومع عموم الناس كما في مسلم "المقسطون على منابر من نور على يمين الرحمن الذين
يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا" وذلك في سائر الولايات العامة والخاصة والولايات
العامة أعظم أثراً وشمولاً وجلياً للمصالح الكبيرة ودفعاً للمفاسد الكثيرة ولذلك
ذكر صلى الله عليه وسلم " الإمام العادل" على رأس السبعة الذين يظلهم الله في ظله
يوم لا ظل إلا ظلة كما في الصحيحين وقال تعالى "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات
إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل".
وأما الظلم فلا أخوف منه
لقوله تعالى كما في الحديث القدسي "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم
محرماً فلا تظالموا" وقوله صلى الله عليه وسلم "واتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينه
وبين الله حجاب" وأخوف من قوله تعالى " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" اللهم
أهدي ولات أمر المسلمين لإقامة العدل والإحسان وإرساء الخير والأمان قبل أن تغرق
السفينة ويبتلعها الطوفان وبارك لنا في شهر رمضان يا رحيم يا رحمان

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد