;

الوهـــابية بين الحقيقة والزيف !! (1) 1360

2010-05-15 03:20:54

بقلم /
أبو زيد بن عبد القوي


ابتلينا في اليمن بجماعتين الأولى
تتهجم على الزيدية دون رؤية أو حجة قوية وتسعى لزيادة الفرقة ويسعدها الاختلاف مع
احترامها للإمام العظيم زيد بن علي - رحمه الله تعالى - شخصياً والثانية تتهجم على
من تسميها ب "الوهابية" حتى إذا أعيتها الحيلة ولم تجد من يسمي نفسه بالوهابي في
اليمن تهجمت هذه الجماعة على الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى شخصياً
وافترت عليه
الأكاذيب !! ولما كنت قد
نافحت عن الزيدية مبيناً عظمة المذهب الزيدي كحقيقة لا زيف ورددت على صولات الجماعة
الأولى الظالمة للزيدية فقد آن الأوان لرد العدوان الذي تصبه الجماعة الثانية على
الإمام محمد بن عبد الوهاب دون دليل أو برهان ولنشرع في البيان : قصة البداية عدم
الإخلاص لله عز وجل في العبادة وانتشار البدع والخرافات والشركيات وإشاعة المنكرات
والتمزق بحيث كان لكل مدينة حاكم أو أمير - بل كانت لبعض المدن والقرى أكثر من حاكم
!!! - كانت من سمات المجتمع النجدي قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه
الله تعالى - المولود سنة 1115ه - وقد نشأ الإمام محمد بن عبد الوهاب في بيئة
علمية ساعدته على التحصيل العلمي في فقه المذهب الحنبلي وكان البعض يتوقع أن يكون
الإمام محمد مجرد فقيه كغيره من الفقهاء وهم بالآلاف في العالم الإسلامي
حينها.
لكن الإمام ابن عبد الوهاب رأى أن القضية ليست قضية فقهية بل قضية
عقائدية تحتاج إلى النهوض بدعوة التوحيد ونشر السنة وقمع البدعة وكان والده يشاطره
هموم الدين والإصلاح لكنه بحكم الإشفاق عليه يأمره بالتؤدة والأناة وبعد وفاة والده
عام (1153ه) شرع الإمام محمد بن عبد الوهاب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وينكر البدع والخرافات التي ألصقها الكثير من سدنة القبور بالدين وشرع في الدعوة
إلى توحيد الله عز وجل ونشر السنة النبوية وقد ذاع صيته واشتهر أمره والتف حوله
الكثير من طلاب العلم لا سيما حين شرع في قطع الأشجار التي كان يقدسها الناس في
العينية التي وافقه أميرها عثمان بن معمر في البداية على كل ما قام به من أعمال
لكنه وفي ذروة النجاح اعتذر عن حماية ومناصرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب فيا ترى ما
هي الأسباب ؟! ( بتصرف كثير من "إسلامية لا وهابية" للدكتور ناصر العقل ) من
العينية إلى الدرعية ( فحينما قطعت الدعوة مرحلة لا بأس بها في العيينة، جاءت عقبة
خارجية لتقف في وجه استمرار تطبيق مبادئ هذه الدعوة، وذلك من قبل حاكم الإحساء
سليمان بن محمد آل حميد ألخالدي الذي تدين له العيينة بشيء من الولاء السياسي،
وتؤكد المصادر أنه قد ضاق ذرعاً بذلك التطبيق الأولي لمبادئ الدعوة وتأييد ابن معمر
لذلك، فضلاً عن ذلك فإن سليمان هذا قد خاف بطريقة أو بأخرى أن يؤدي التأييد إلى
عدم اعتراف ابن معمر بسلطته عليه، وربما تهديده في بلده، فما كان من هذا الحاكم
إلا أن شدد على ابن معمر المرة تلو الأخرى بإخراج الشيخ من العيينة اعتقاداً منه
بأن هذا الإجراء سيؤدي إلى فقد الشيخ للناصر الأقوى بين حكام البلدان النجدية، عل
ذلك يدفعه إلى التقليل من الحماسة في تطبيق ما يدعوا إليه، لكن الشيخ قد صمم على
المضي في طريقه غير آبه بما قد يعترضه من مشاق وصعاب، حتى خطرت له فكرة الذهاب إلى
الدرعية، وهو أكثر إيماناً بالله - سبحانه - أن يكون التوفيق حليف دعوته في هذه
المرحلة من مراحل انتشارها ) ( الإمام محمد بن سعود ص69-70 للدكتور عبد الرحمن
العريني ) إذا فبمقدار النجاح الساحق للإمام محمد بن عبد الوهاب في العينية أجمع
أهل الأهواء وسدنة القبور وأصحاب المصالح على معاداته والإجهاز على دعوته الإصلاحية
في العينية لا سيما أمير الأحساء ( ولما وقعت عليه - ابن معمر - تلك الضغوط من حاكم
بني خالده المرة تلو الأخرى كاشف الأمير الشيخ بذلك قائلاً له : " إن سليمان أمرنا
بقتلك، ولا نقدر إغضابه ولا مخالفة أمره ؛ لأنه لا طاقة لنا بحربه، وليس من الشيم
أن نؤذيك في بلدنا مع علمك وقرابتك " - كان الشيخ متزوج من عمة هذا الأمير - فطلب
منه ابن معمر أن يخرج سنة أو سنتين حتى ينجلي الخطر القائم عليه من زعيم بني خالد،
) ( المصدر السابق ص100) وعندما خذله أمير العيينة ابن معمر بسبب التهديدات التي
تلقاها من جهات عديدة نظر الشيخ نظرة ثاقبة إلى حكام نجد وغيرها فوجد بغيته في
الأمير محمد بن سعود بن مقرن - المولود سنة 1100ه- ألذي اشتهر على وجه الخصوص بحسن
السيرة ورجاحة العقل والحنكة وسداد الرأي والاستقامة والتدين والعبادة مع قوة
العزيمة والشجاعة لذلك فعندما وصلته رسالة الإمام محمد بن عبد الوهاب طالباً
الحماية وافق على الفور دون تردد فهل كان يعرف تبعات قبوله لمحمد بن عبد الوهاب ؟
إعلان الحرب !! ذاع صيت الإمام بن عبد الوهاب في العيينة وفي نفس الوقت كثر خصومه
وأعداءه وانتشر خبر ابن عبد الوهاب في نجد والأحساء وغيرها وأدرك الأمير محمد بن
سعود أن قبوله لحماية محمد بن عبد الوهاب هو بمثابة إعلان حرب من الجميع ضده !! وقد
حاول البعض أثناءه عن قبول الإمام بن عبد الوهاب دراءً للمشاكل وخوفاً على الدرعية
من التعرض لهجوم الخصوم لكن صفات وشمائل الأمير محمد بن سعود التي ذكرت بعضها
سابقاً وعزيمته التي لم تكن تعرف الهزيمة جعلته يعرض عن هؤلاء ويقبل بمناصرة الإمام
محمد بن عبد الوهاب الذي قدم إلى الدرعية عام 1157ه - وبعث معه الأمير عثمان بن
معمر فرقة من فرسانه تحرسه من قطاع الطرق حتى يصل إلى الدرعية - لتبدأ مرحلة جديدة
تعاون فيها الأمير والإمام تعاونا مذهلاً وبتفاهم منقطع النظير.
الأمير محمد بن
سعود من يطالع سيرة الأمير محمد بن سعود - رحمه الله تعالى - بإنصاف يجد فيه ميزات
عجيبة ونادرة عند الحكام في نجد تلك الأيام فقد اتصف بحسن السيرة والوفاء وحسن
المعاملة لغيره وتقديره للرجال وحسن اختياره للقادة وبعد نظره الذي جعله يوافق على
حماية دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية دون تردد أو وجل بل سارع إلى
مناصرته وحمايته وحتى ندرك بعد نظره وصواب اختياره نلقي نظرة على فترة حكمه حيث (
امتد حكم الأمير محمد بن سعود مدة أربعين سنة تقريباً من سنة 1139ه / 1727م إلى
وفاته في أواخر ربيع الأول سنة 1179ه / 1765م.
ومن خلال الأحداث التاريخية
والمعالم البارزة فقد قسمت هذه المدة الطويلة فترتين : 1- الفترة الأولى التي تسمى
بفترة الإمارة أو الحكم المحدود الذي يمتد من 1139ه / 1727م إلى بيعة الدرعية، مع
بعض النفوذ على بعض البلدان الصغيرة القريبة من الدرعية، وبعض القبائل الموالية
لآل مقرن.
2- الفترة الثانية وهي ما تسمى بفترة الإمامة أو الحكم الأشمل
والأكثر نفوذاً والمتنامي تدريجياً، وهذه الفترة تمتد من بيعة الدرعية سنة 1157ه
/ 1744م إلى وفاة الإمام محمد بن سعود سنة 1179ه / 1765م ؛ أي إحدى وعشرين سنة
تقريباً، وهذه الفترة من تاريخ الإمام محمد بن سعود هي التي بدأت فيها قواعد
الدولة تستقر بتكوين نواتها الأولى، وأخذ نفوذها يتسع تدريجياً بضم بعض البلدان
لها ) ( المصدر السابق ص53 ) أمير العيينة كان عثمان بن معمر رحمه الله تعالى أمير
العيينة رجلاً عظيماً أدرك منذ الوهلة الأولى نباهة وذكاء وإخلاص الشيخ محمد بن عبد
الوهاب فناصره وحماه لكنه استسلم للضغوط والتهديدات من قبل أمير الأحساء وغيره فطلب
من ابن عبد الوهاب الخروج من العيينة - كما ذكرنا التفاصيل سابقاً - لكنه أدرك
فداحة خطبه ( فقدم هو الآخر إلى الدرعية مع مجموعة من كبار أهل العيينة، وطلب إلى
الشيخ العودة معه إلى بلده مؤكداً أنه سيحميه ويؤيد دعوته غير آبه بأي مؤثر خارجي
أو غيره، لكن الشيخ التزاما منه بالعهد الذي قطعه لابن سعود في عدم خروجه من
الدرعية، وإدراكا منه لالتزام ابن سعود بهذا الأمر كذلك، لكل هذا، فقد أحال
الموضوع إلى ابن سعود مؤكداً لابن معمر بأن كل شيء في يده، وإثر مفاتحة ابن معمر
لابن سعود في هذا الأمر رفض هذا الطلب ) ( المصدر السابق ص89 ) وبحلول العام 1158ه
وصلت ابن معمر رسائل تدعوه للالتحاق بركب الدعوة الجديدة من الإمام ابن سعود والشيخ
ابن عبد الوهاب فبايع لمعرفته السابقة بالشيخ محمد بن عبد الوهاب واغتنم الفرصة حتى
لا تضيع منه مرة أخرى كما ضاعت في السابق عندما أخرج الشيخ ابن عبد الوهاب من
العيينة وقد أكرمه الإمام محمد بن سعود فعينه قائداً عاماً للجيوش العسكرية مع
احتفاظه بإمارة العيينة وهذا من ذكاء ابن سعود وفطنته وحسن تقديره للرجال وهذا
العمل سيشجع الآخرين على الالتحاق بالركب دون أي عمليات حربية لكن بقيت المشكلة
الكبرى مع دهام بن دواس أمير الرياض حينها - رحمه الله تعالى - الذي مثل شوكة في
حلق الدولة والدعوة التي انطلقت من الدرعية !! والتفاصيل غداً إن شاء الله تعالى
.
منظمة الكرامة لحقوق الإنسان خالص الشكر والتقدير للأستاذ / سلمان العماري
ومنظمة "الكرامة لحقوق الإنسان" على تفاعلهم النبيل والصادق مع قضية اعتقال الشيخ
العلامة جمال الدين أحمد عبد الرحيم مع العلم أنه لا زال معتقلاً في سجن الأمن
السياسي حتى هذه اللحظة وكلي أمل وثقة ورجاء بأن يقوم المعنيون بسرعة إطلاقه
تقديراً لعلمه ولدوره المشهود في الوقوف مع الدولة في فتنة التخريب
والتمرد.
writerw1@hotmail. com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد