;

كـيف تحدينا الـكــبرياء الإمبريالي؟ ..الحلقة الـ«44» 1013

2010-04-22 04:47:45

صفحه من
كتاب


إن الحديث عن الحريات السياسية في
العصور الحديثة لا يكاد ينفصل عن النظم الديمقراطية على اعتبار أن الديمقراطية تقدم
أفضل آلية أو جهاز للحكم، يمكن المواطنين باستعماله من ممارسة الحريات
الأساسية.

إن
النظام الديمقراطية ليس بناءً مصطنعاً من طرف منظرين أو قانونين أو مفكرين سياسيين،
إنه نتيجة تطور تاريخي بعيد المدى. .

خطة البحث: إن البحث في الحريات
العامة جزء لا يتجزأ من البحث في النظام السياسي الإسلامي وهو بحث يفترض التسليم
سلفاً بشمول نظام الإسلام لحياة الإنسان فرداً وجماعة وترابط أجزائه من عقائد
وشرائح وشعائر وأخلاقيات ومقاصد على نحو لا يقبل التجزئة، وهذه المسألة ننطلق منها
كمسلمة لأنها قد حسمت لدى كل المعنيين بالفكر الإسلامي سواء كانوا مسلمين أو غير
مسلمين بعد أن انقشع ما أثير حولها من ضباب في النصف الأول من هذا القرن المسيحي
على يد خصوم الإسلام الحاقدين أو الجاهلين، قادة الغارة على العالم الإسلامي من
مستشرقين ومبشرين، فتأثرت بهم طائفة من أبناء المسلمين خاصة ممن خضعوا لمناهج
التعليم الغربي وحتى من خريجي المعاهد الدينية وإن كان معظم هؤلاء قد ثاب إلى رشده
وأعترف بخطأه.
لصحوة الإسلامية: ولعله مما ساهم مساهمة فعالة في طي صفحة جدل
الضياع حول مدى أصالة الدولة في الإسلام ما منيت به التيارات التغريبية بمختلف
أنواعها من انحسار بفعل هزائمها المتكررة مقابل الانطلاقة السريعة للصحوة الإسلامية
وتوسع المدى الإسلامي واستقطابه المتزايد للفكر ولآمال الجماهير في التحرر والتطهر
ومواجهة التحدي الغربي والتصدي لهجمة الامبريالية ورأس حربتها إسرائيل وعملائهما في
المنطقة، وقد تدعم هذا المد خاصية بعد انتصار الثورة الإسلامية واندلاع الثورة
الأفغانية وما أنجزتاه من تحدٍ للكبرياء الامبريالي الأمريكي والروسي وبعد تنامي
المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية وإقامة الحكم الإسلامي فكانت حجة الواقع أبلغ من
كل جدل في الرد على دعاوى العلمانيين وفي التأكيد على أن الإسلام دين ودولة أو دين
الدولة بعد من أبعاده، هذا دون الغض من قيمة الجهود الكبرى والمباركة التي بذلها
علماء الإسلام ومفكروه في التصدي لتيار العلمانية ودحضه بحجة المنطق وفي تجلية
معالم النظام الإسلامي والدولة الإسلامية وتليها جهود علماء باكستان في الطليعة
جزاهم الله عن الإسلام وأهله كل خير.
الإسلام في التاريخ: إذا كان الإسلام قد
اكتفى في مسألة تنظيم الدولة بتقعيد جملة من القواعد والتأكيد على جملة من المقاصد
غير عامدٍ إلى التقنين التفصيلي إلا في نطاق ضيق، تاركاً للعقل المسلم مجالات واسعة
للتفاعل مع اختلاف وتنوع ظروف الزمان والمكان، الأمر الذي ينتج منه تنوع في صور
الحكم الإسلامي، فإن على الباحث في النظام أن يتنبه دوماً إلى ضرورة التمييز في
التجربة التاريخية للحكم الإسلامي بين الأصول الثابتة في الكتاب والسنة وبين ما
أثمرته تلك الأصول متفاعلة مع ظروف الزمان والمكان من تجارب وتصورات وإجتهادات إذ
ليس ملزماً للباحث في النظام الإسلامي غير تلك الأصول الثابتة وتلك هي الشريعة، أما
التاريخ الإسلامي لما أثمره من تجارب في الحكم ومن إجتهادات في الفقه فليس له من
قيمة غير قيمة الاعتبار والاستنارة والاستئناس، إن تلك الأصول القطعية لا تعني أكثر
من الأحكام الواردة في القرآن بشكل واضح لا التباس فيه.
إذا كانت السياسة
الشرعية تهدف إلى إقامة العدل ومطاردة الجور وكان الإسلام قد اكتفى في شؤون الحكم
بتقعيد الكليات ثقة بعقل الإنسان وتأسيساً لحريته وتحقيقاً لخلود الإسلام وصلاحه
لكل زمان ومكان كان من الطبيعي أن تتفتح السياسة الشرعية على كل التراث البشري في
الفكر السياسي تفيد منه أشكالاً ووسائل تتساوق مع مقاصد الإسلام وقيمه ولا تتناقض
مع مقصده الأعظم في إقامة العدل ولا تتقاطع مع حكم جزئي منصوص عليه، فعلى حين أنه
لا يليق بالباحث المسلم في النظام الإسلامي أن يقف موقف المأخوذ المنبهر أمام أي
إبداع حضاري يحطب منه كحاطب ليل حلوه ومره ما يليق به، وفي الآن نفسه لا يتحرج أو
يستنكف من الأخذ منه بكل حكمة تفتق عنها عقل بشري وأثبتت جدواها تجربة حضارية حتى
يندرج في سلك أولي الألباب، ولقد غدت في الأدبيات الإسلامية شائعة كلمات نورانية
لامعة للعلامة السلفي ابن القيم في أن السياسة الشرعية مدارها العدل ولو لم ينص
عليه وحي ذلك، إن الله أرسل رسلاً وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط وهو العدل الذي
قامت به السموات والأرض، فإذا ظهرت أمارات الحق وأسفر وجهه بأي طريق كان فثم شرع
الله ودينه، وعرف السياسة بأنها "ما كان فعلاً يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح
وأبعد عن الفساد وإن لم يضعه الرسول ولا نزل به وحي، فأي طريق استخرج بها العدل فهي
من الدين، أما إذا تجاوز الأمر الأشكال والوسائل والإجراءات وتعلق بعالم الأفكار
والقيم فإن موقف الشك والتثبت في زمن التبعية والاستلحاق الحضاري الذي تعيشه أمتنا
هو الموقف المناسب والضروري مع حضارة المتغلب، وفي هذا الصدد لا غيره ترد توجيهات
الإسلام في الحرص على مخالفة الكفار حتى عد شيخ الإسلام ذلك مقصداً من مقاصد
الشريعة.
ثورة تقتلع الطواغيت: في علاجنا إشكاليات الحرية في النظام الإسلامي
سنحاول جاهدين لوضع كل إشكالية في إطار الواقع القائم ثم نعمد إلى إيراد النصوص
والسوابق التاريخية ومختلف وجهات نظر علماء الإسلام ومدارس الفكر عامة، مرجحين ما
استقام لنا الدليل وترجحت المصلحة موقف جمهور العلماء الإسلاميين محاولين ألا
تأخذنا سنة غفلة عن الواقع الإسلامي الذي يتنزل فيه هذا الخطاب كأداة من أدوات
تغييره وترشيده ومعالجة مشكلاته إذ ليس رائدنا لذة معرفية بل ثورة إسلامية تقتلع
الطواغيت والتبعية من أرض الله وتنتصر للمستضعفين من الرجال والنساء والشباب حتى
تورف شجرة الحرية والعدل في كل مكان وقد سقيت بدماء الشهداء ومداد
العلماء.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد