;

السلطة في حراسة الدين وسياسة الدنيا ..الحلقة الـ«31» 1154

2010-04-05 03:34:38

صفحه من
كتاب


من المسلّم به أنه لا يمكن الفصل
بين الاقتصاد والسياسة خصوصاً في هذه الأيام، ومن المسلم به أيضاً أن القضايا
الاقتصادية والسياسية لا توجد في فراغ ولكنها تنشأ في مجتمع إنساني منظم ينتسب إلى
مثالية معينة، فكلا النظامين الاقتصادي والسياسي في أي مجتمع بشري يشتق مبادئه من
هذه المثالية ولا يمكن قط أن ينجح أي نظام يخالف ما يؤمن به الشعب من مثالية، سواءً
أكانت ليبرالية حرة أو ماركسية إشتراكية أو إسلامية..

أشرنا في حلقة سابقة من هذا الكتاب إلى أنه لا
يسمح لنفر أو لقله من المسلمين أو لطائفة أن يعطوا لأنفسهم حق استبدال الحاكم من
دون الناس بل، الأمر موكول للقيادات الشعبية التي عليها في هذه الحالة إعلان سقوط
الشرعية وضرورة النداء إلى العصيان المدني، وحتى إلى الثورة الشاملة إذا لزم الأمر،
فتكون هي أهل الصدارة والإمارة والمسلمون جميعاً من خلفها يمتثلون لأمرها حتى لا
ينقلب الزمام ولا يتحول الأمر فوضى، ولا يحدث فراغ في السلطة ومجرد ما يتحقق عزل
الحاكم تتولى السلطة الجماعة التي قامت بالخروج وأمسكت بزمام الأمر ثم تعرض الأمر
العام على الشورى ليختار الشعب قيادته ويعقد معها على حراسة الدين سياسة الدنيا
فالخروج على السلطة حسب هذا الرأي ليس عمل فئة قليلة، وإنما هو تعبير عن إرادة
شعبية عامة على رأسها زعماء مخلصون يتولون خوض غمار المجابهة مع الطاغوت بما يناسب
ويكافئ من الوسائل، والعنف إذ يمارس حسب هذا الرأي لا تمارسه قله معزولة وإنما
تمارسه الجماهير ضد نظام معزول الأمر الذي يخفف من التضحيات ويسارع بالتغيير تلك هي
مجمل الآراء التي بلورها الفكر السياسي الإسلامي طالما أحترمت الشريعة ولم تتورط في
الكفر البواح أي التصادم الصريح مع تعاليم الإسلام، والزج بالأمة في أتون
الدكتاتورية والتذيل الأجنبي وإشاعة الفواحش والعبث بأرزاق الشعب، أو العمل على نسف
أسس الدين وإشاعة الإلحاد ومطاردة الدعاة إلى الله وأهل العلم وأحرار
البلاد.
البعد الاقتصادي المال وظيفة اجتماعية إتمن عليها الفرد لتنميتها
إصلاحاً لحاله بالاستعفاف والاستغناء وخدمة للجماعة ((يسألونك ماذا ينفقون قل
العفو)) أي ما زاد عن الحاجة عند الاقتضاء.
إن حفظ المال وتنميته مقصد أساس من
مقاصد الشريعة فالله لم يتعبدنا بالإعراض عن الدنيا، ولكن تعبدنا بامتلاكها،
وتطويرها، واستثمارها ولكن هذا المقصد يأتي تريبه في قائمة مقاصد الشريعة بعد حفظ
الدين والنفس أي أنه في خدمتها فما يحل لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يضن بمال
أو نفس من أجل إقامة الدين ولا يمسك ماله وفي الناس من يجوع ولا أن يتكاسل ويعطل
طاقاته أو طاقات الطبيعة.
الحياة وظائف مترابطة إن منع الاستبداد بالقرار
السياسي وإحلال المشاركة في تقرير الشئوون العامة أي الشورى ما ينبغي أن يكون عملاً
معزولا عن جملة توجهات المجتمع واختباراته، لأن الشورى ليست أسلوباً في إدارة
الشئوون السياسية فحسب وذلك هو الموضوع الأساسي ليحثنا، بل هي نهج عام في الحياة
ينطلق من الاستخلاف العام للبشر ووحدة الأصل البشري والمصير وأولوية ا لجماعي على
الفردي، وإعتبار الفرد ضعيفاً بنفسه قوياً بأخيه خطاء بنفسه مهدى إلى أرشد أمر
بأخيه، فالحياة الاجتماعية في التصور الإسلامي، هي كالعضوية ترتبط كل وظيفة فيها
بجملة الوظائف الأخرى تقوم بقيامها وتختل باختلالها فمن الوهم إذن أن نتصور إمكان
قيام مشاركة سياسية في السلطان السياسي مع استمرار السلطان المالي دولة بين صفوة من
الفوارس في شكل احتكارات كبرى صناعية وزراعية وخدمية سرعان ما تفرز على الصعيد
الاجتماعي نمطين متناقضين من ا لعمارة وأساليب العيش عامة، يغدو معها الحديث عن
الأخوة والوحدة الوطنية، والقومية، والمشاركة السياسية في شكل انتخابات، أو حريات
سياسية عامة نوعاً من العبث وغسيل المخ اليومي الذي تقوم به أجهزة الإعلام في
الأنظمة التابعة.
إن اتساع الشورى في المجتمع بشكل جاد يقتضي ضرورة إتساع نظام
المشاركة في الحياة المالية والتكافل في المغنم والمغرم وشكل السلطة في الدولة
ينبغي أن يوازيه شكل إدارة الشركات بحيث لا احتكار في قرار الإدارة ولا ظلم في
أنصبة الربح والخسارة.
مواجهة الاحتكار إن الظلم الاجتماعي في شكل احتكار تداول
المال في فئة قليلة، وما تستدعيه من تمزق للنسيج الاجتماعي والعلاقات البشرية هو
الهدف الأول الذي يجب ضربة في إطار الالتزام الإسلامي إذا كنا جادين حقاً في بناء
أخوة إسلامية حقيقة تقوم على المحبة في الله والمشاركة في المغنم والمغرم وفي العسر
واليسر أي على الشورى فلقد كان أو كان أول شيئ أدانه النبي بعد الإشراك بالله منذ
بداية رسالته يتمثل في أثرياء مكة المستغلين القساة ذلك إن إشباع الحاجات المادية
للأمة يعتبر جوهر الإدارة الإلهية وثم جوهر الدين إن أول عمل النبي وهو يرسي أول
مجتمع للشورى في التاريخ تمثل في بناء المسجد وإصدار الدستور وإقامة المؤاخاة دلاله
على الترابط بين الحياة التربوية والثقافية من جهة والحياة السياسية من جهة ثانية
والحياة الاجتماعية الاقتصادية من جهة ثالثة وكانت الروح الجماعية الشورية أساساً
في كل منها لحياة الأخوة والحرية والعدل ولذلك يحق لنا أن نشك عظيم الشك في كل شعار
ديمقراطي يرفع ضمن هذا المجتمع المتفجر الذي يتجاور فيه الحرمان والبؤس والبطالة
والمرض مع الترف الفاجر والاستطالة على الله وعبادة...
الأمر الذي يجعلنا نوقن
أن كل بناء اجتماعي يقوم على مثل هذه الأسس لا محالة مهما ارتفع، مهدوم وهو ما يفرض
على دعاة أبناء التجديد أن تكون دعوتهم هدماً.
وبناء في مستوى شمول الإسلام وفي
وحدة لا تنقصم بين معاني التوحيد إن لم تثمر مجتمع الشورى ومجتمع الأخوة والتكافل
والمشاركة في مصادر الرزق الأساسية، والأرض وضعها للأنام "سواء للسائلين " الناس
شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار" أي مصادر الرزق الأساسية.
ويكفينا هنا
التأكيد على أن المشاركة السياسية تقتضي ضرورة مشاركة اجتماعية وأن الشورى والعدالة
هما وجهان لعملة واحدة هي التوحيد ودعوة الإسلام المتكررة للأفراد أن ينفقوا في
مصالح الجماعة ابتغاء وجه الله سبحانه يفترض ضرورة إباحة التملك الفردي إذا الإسلام
يستهدف الارتفاع بالجميع من خلال التشجيع على إعمار الأرض وإلى المساواة في الفناء
لا التردي بهم جميعاً في منكر الفقر .
إشكالية البرنامج الاقتصادي في المجال
الاقتصادي لو قامت له سلطة أو ساهموا فيها؟ هل لديهم حلول واقعية لمعالجة الوضع
الاقتصادي ومشكلاته المتعددة؟ أو بعبارة أخرى ما هي إضافات المشروع الإسلامي في
المجال الاقتصادي وإمكانات تطبيقاها؟ تاريخياً اقترنت الإجابة عن هذا السؤال -
إشكالية البرنامج - بالمشروع الإسلامي منذ ظهور الصحوة الإسلامية المعاصرة خاصة على
مستوى العالم العربي والإسلامي وازدادت تلك الإشكالية حدة وتعقيداً منذ دخل
الإسلاميون المعترك السياسي واقتربوا من مناطق السلطة في العديد من الحالات وحدهم
طولبوا بالبرامج التفصيلية ولم يتحقق لهم ولا للشعب الحد الأدنى من الحريات
الأساسية بما فيها الأمن على الحياة ولعله من الطبيعي أن يطالب الإسلاميون ببرامج
أو رؤية واضحة لمعالجة معضلات الواقع الاقتصادي وكيفية مواجهة إخطار الأزمة
الاقتصادية الخانقة، سيما وأنهم أصبحوا يشكلون رقماً سياسياً مهماً في الحسابات
السياسية المحلية الدولية، لكن جوهر الدائر يتعدى مسألة البرامج البدائل
والسياسات.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد