;

حريات شكلية في مخاض ديمقراطية الغرب ..الحلقة «الثانية عشر» 1204

2010-03-09 05:18:54

صفحه من
كتاب


إن الوضوح الذي قدمه دستور دولة
المدينة الدولة الإسلامية التي تجسدت في عهد خاتم الأنبياء والمرسلين وظلت في عهد
خلفائه الراشدين هذا الوضوح في دستور المدينة يدحض ما ذهب إليه بعض المستشرقين
وتبعهم بعض رجال القانون الدستوري لدى العرب من أن الأمة ليس لها كيان واضح
ملموس، وإنما هي تصور غامض، وذلك فلا يمكن أن تكون لها إرادة، ولا يمكنها أن تعبر
مباشرة عن نفسها وإنما الذي يعبر عنها هو فئة الارستقراطية التي تحتكر السلطة
والعلم. .

* الدعوات اللائكية في
الصراع مع الحركات الإسلامية كانت الأنظمة التي حكمت المنطقة العربية وغيرها من بعض
الدول، كانت في غالبيتها المطلقة متأثرة بالمعركة التي اندلعت نارها في العشرينات
بين حركات "لائكية ليبرالية ماركسية قومية" تحاول توثيق الصلة مع
الغرب. .
وبين حركات إسلامية تجاهد وسط محن متواصلة لتحرير الأفكار مما حاولت تلك
الحركات الإلصاق بها من دعوات مجافية لروح الدين. .
كان الصراع في أعماق الدعوات
اللائكية دائراً بين أنصار التبعية للغرب وأنصار استقلال أمة العرب والإسلام وحدتها
وعزتها وتواصل حركة التحرر والاستقلال وكانت أهم الأدلة التي استند إليها دعاة
الوصل بين الإسلام والسياسة تبدأ بالدليل التاريخي ويتمثل في أن أحداً لم يعد
قادراً على إنكار حقيقة أنه قد قام بعد الهجرة من المدينة مجتمع سياسي متميز مستقل
برقعته الترابية وبنظامه القانوني الموحد وقيادته. .
تربط أفراده ومشائخه ومواثيق
وأهداف مشتركة وأن ذلك المجتمع قد قام بكل وظائف الدولة من دفاع وقضاء وإبرام
معاهدات وإبتعاث السفارات وأنه ما كان أحد من بناة ذلك النظام يشك في طبيعته من حيث
أن سلطة التقنين العليا فيه لله ورسوله "الكتاب والسنة" وأن المصادر الأخرى للتقنين
إنما هي مصادر ثانوية تعمل في إطار المرجعية والمشروعية العليا أي الوحي
ومقاصده.
* دليل الإجماع: فلقد ثبت أن علماء المسلمين وعقلاءهم لم يساورهم في كل
عصورهم ريب في ضرورة نصب الحكم الإسلامي لإنقاذ الشريعة وخدمتها عملاً بقاعدة أن ما
لا يتم الواجب إلا به فهو واجب فإذا كانت الأمة متكفلة بإقامة الشريعة وهي حمل
النظام الإسلامي الذي أختاره الله لحياة البشر وهو واجب إنقاذ وهم آثمون إن لم
يقيموه ولا سبيل إلى إقامته إلا في مجتمع سياسي مستقل بأرضه وقيادته مشبع قناعة
بالشريعة وأصولها فإن إقامة ذلك النظام "الحكومة الإسلامية" يكون من الضرورة حسب
قول المؤلف الذي يبدوا أنه رأي شخصي، ويتأكد هذا الأصل بالنظر إلى الشريعة من حيث
شمول مضامينها حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية والخلقية والسياسية والعلاقات
الدولية والعقوبات ففي الشريعة أوامر عامة كإقامة العدل والشورى والمساواة وفيها
شرائح تفصيلية تأمر بوسائل محددة لكفالة المحتاجين وتوزيع الثروة منعاً
للتكديس. .
وفيها أمر للأئمة بالعدل والشورى وللأمة بالسمع والطاعة والنصيحة
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفيها أوامر بمحاربة كل ضروب الفساد وأوامر
بحماية الأمة من أعدائها وصيانة الإسلام والدفاع عن المسلمين وتوفير حرية الاختيار
للناس كافة والتعريف بالإسلام وحمل رسالته وفيها نظام مفصل للأسرة ونظام دولي ونظام
للعقوبات ونظام للتعليم فكيف يمكن لغير جاهل أو مدخول النية أن يخطر على باله كله
ممكن التحقيق في إطار سياسي يقوم على مبادئ وأهداف معادية أو "محايدة" في علاقتها
بالإسلام وعلى يد رجال لم تتشبع أرواحهم بقيمة أن ذلك من أشنع ضلالات الملحدين
وضحايا الغزو الفكري، إنه تلبيس إبليس والردة المعاصرة.
* السلطة الإجتماعية:
ولا يعني التأكيد على ضرورة السلطة في الإسلام أو للإسلام كونها جزءاً منه فليس في
الإسلام أمر مباشر بإقامتها ولكن عدم قيامها يأتي أو يكاد على جملة الشرائع التي
جاء بها الإسلام لأنه طالما أن الاجتماع ضروري لحياة البشر ورقيهم وأنهم في
اجتماعهم لا مناص لهم من سلطة تقيم العدل بينهم وأن الإسلام هو شريعة لإقامة العدل
فإن هذه السلطة لا يخلو حالها إما أن تقوم على إنقاذ تلك الشريعة فتكون إسلامية
وإما أن تقوم على إنقاذ شريعة أخرى فتكون غير إسلامية سمها عندئذ ما شئت إلا أن
تنسب إلى الإسلام. .
وهي بمجرد تجاهلها الإسلام فضلاً عن محاربته ستعمل بوعي أو
بدونه على تهميشه وإيجاد مناخات نفيسة وفكرية واجتماعية تحاصره تمهيداً
لطرده. .
الأمر الذي يجعل الإسلام يصادم أو يتوارى.
* إلزام العلماء بالحسبة :
إن السلطة بهذا التصور لئن لم تكن جزءاً من الإسلام فهي وظيفة أساسية لقيامه فتندرج
بذلك ضمن الوسائل لا ضمن المقاصيد. .
وقيامها تبعاً لذلك لا يحتاج إلى تنصيص من
الشارع لأن سنن الاجتماع تقتضيها الضرورة. .
وإنما الذي احتاج إلى تنصيص وعناية
هو الضمانات الأساسية لعدم خروجها من وظيفتها: إقامة العدل. .
كالأمر بالشورى
والمساواة وإشاعة الثروة ومنع أبتاع الأموال للحكام يأكلونها بالباطل وإلزام الأمة
كلها وخاصة علماءها بالحسبة على الحكام وإشاعة العلم كل ذلك لإنتاج رأي عام يقظ
يقوم بالرقابة العامة لحراسة الشريعة ضد كل انتهاك من الحكام والمحكومين من خلال
الممارسة الدائمة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إن الإسلام لم يحتج إلى أمر
بإقامة السلطة لأن سنن الاجتماع تقتضي ضرورة قيام تلك الوظيفة عادلة أو ظالمة
تماماً كما هو الشأن مع وظائف الحياة. .
فلم يأمر الإسلام بالأكل والشرب والتنفس
والراحة لأن الناس بطبيعتهم يفعلون ذلك وإنما أحاط إشباع هذه الغرائز بجملة من
القيم والتعاليم تجعل قيام تلك الوظائف بطريقة إيجابية تحفظ الحياة ورقيها.
فمنع
الإسراف والتقتير والبغي والاحتكار كما أحاطها بجملة من الآداب تضفي على الأداء
جمالاً.
إن الدولة الإسلامية وسيلة لا غنى منها طالما أن الإنسان اجتماعي
بطبعه وأن الإسلام نظام شامل للحياة لإيجاد بيئة اجتماعية تتيح لأكبر عدد ممكن من
أفرادها أن يعيشوا في توافق مع القانون الفطري الذي جاء من الله وهو الإسلام، إن
الدولة على الخير والعدل تحق الحق وتبطل الباطل في الأرض كلها حتى تكون عبادة الله
والتقرب إليه بالطاعات وفعل الخيرات وإقامة العدل أمراً مرغوباً ميسوراً
مجزياً. .
ومحاربته بالكفران والمعاصي وإنتهاك الحرمات وإشاعة الشرور واقتراف
المظالم صوراً بغيضة عسيرة مرهوبة في المستوى الاجتماعي على
الأقل.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد