;

حقوق الإنسان.. والزيف القادم من الغرب ..الحلقة«الأولى» 884

2010-02-24 04:01:45

حين يقر
الغرب حقوقاً للإنسان ويهب للدفاع عنها، ويثور لانتهاكها، ويعقد المجالس والهيئات
القضائية والإدارية والإعلامية والاقتصادية لصيانتها فهو يكذب، فما يدعوه بالإنسان
ليس هو غير المواطن. . تكذب دساتير الغرب وتنافق إذ تدبج توطئتها بما تسميه وهماً أو
خداعاً حقوق الإنسان أو
المواطن، إن حقوق الإنسان هنا محشوراً حشراً في غير موقعها حشر
السليم في الأجرب إلا أن يضاف
إليها الفرنسي أو الانكليزي أو المواطن الغربي
عامةً وهو سقوط في التكرار الممل، وحتى هذا الإنسان لا يحمل تكريماً في ذاته لأنه
إنسان وإنما تكريمه في انتمائه لنسق تاريخي واجتماعي وثقافي معين اسمه "الوطن" أو
"الطبقة" أو "الجنس الأوروبي". . هذا ما أثاره كتاب "الحريات العامة في الدولة
الإسلامية" لمؤلفه الشيخ/ راشد الغنوشي والذي أثرى كتابه بنقاش علمي رصين في تناوله
لما ذكر سلفاً. . الأمر الذي جعلنا نرى أن ما يحويه هذا الكتاب جدير بالنشر. . إن
الإنسان في ما يسمى بعلوم الإنسان بالغرب مجرد ذرة اجتماعية وليس حقيقة متعالية
متفردة بخصوصيات أخلاقية، فليس للإنسان طبيعة وإنما له تاريخ، ففي الإنسان لا توجد
دوافع نفسية ثابتة إلا دافع الجنس والأكل، ليس في طبيعة الإنسان خاصيات أولية
مشتركة بين الناس لأنه ليس للإنسان طبيعة.
إن تصور الفعل الحر على أنه الفعل
الحالي من الإكراه يؤكد الطبيعة السلبية ا لميكانيكية للحريات الفردية ذلك أن عوائق
الإرادة الحرة ليست كلها خارجية فمنها ما هو ذاتي ولعله الأهم سواء كان عائداً
إلى سيطرة الاندفاعات والنزوات أو إلى غياب الوعي ونقص المعرفة فضلاً عن أن الإكراه
يمكن أن يتخذ صوراً شتى قد تبلغ من الدقة والدهاء والخفاء في ممارسة عمله انعدام
شعور الضحية وهو ما يحصل فعلاً في مجتمعات الديمقراطية الشرقية والغربية من سيطرة
للدولة أو للمؤسسات الرأسمالية على أدوات الاتصال والتعليم والتثقيف مما يجعل لها
نفوذاً عظيماً على عقول الجماهير وتكييف أذواقها بما يكفل الأمن وإدارة اللعبة
السياسية في الإطار المحدد لها وليست الحملة العالمية التي تديرها المؤسسات
الأمريكية وأتباعها هذه ا لأيام على ما تسميه الخطر الأصولي بما مكنها من نحت أو
حفر صورة موحدة محددة المعالم في الرأي العام الغربي وحتى العالمي للعربي وللمسلم
على أنه إرهابي متوحش خطر على الحضارة إلا مثالاً واضحاً على أساليب الإكراه
المعاصر التي تمارسها الدولة الحارسة للميثاق العالمي لحقوق الإنسان الأمر الذي
يؤكد شكلانية وسلبية وخواء الحريات العامة في غياب أساس فكري متين ثابت يقوم عليه
البناء العام للحرية ولحقوق الإنسان. .
ورغم أن الرأسماليين اضطروا مدفوعين بهاجس
الثورة الاشتراكية وضغوط الحركة النقابية إلى أن يكسوا مواثيق حقوق الإنسان بما
يستر العورة من الضمانات الاجتماعية بالقياس إلى ما هم فيه مترفون من العيش فإنه
طالما بقيت موازين القوى هي المحدد للحقوق والحريات رغم التشدق بالحقوق الطبيعية
فليس هناك ما يمنع من التراجع عن تلك التنازلات في صورة تغير موازين القوى لصالح
المترفين والصقور وذلك ما شرع في التحقق فعلاً بفعل إنحسار المد الماركسي ونفوذ
النقابات.
الدولة الرأسمالية. .
إستعباد لم يسقط ويبقى النقد الماركسي على
قدر إصابته في تعرية الحريات والحقوق والديمقراطية الغربية نقداً جوهره الهدم
والنقاق فقد تركز نقده الحريات الفردية على شكلانيتها بسبب عريها من ضمانات التحقق
وهي أساساً حيازة الثروة في يد الرأسماليين الأمر الذي يجعل آله الدولة في خدمة
مصالحهم وأنه لا سبيل إلى الحريات السياسية طالما لم تنتزع الملكية الخاصة وتنتقل
إلى الجماعة وتسقط بتلقائية عجيبة كل أسباب الاستعباد بل تسقط الدولة ذاتها وتتلاشى
لانعدام مبرر وجودها وهو القمع خدمة للملكية الخاصة بينما الذي حدث وكان ينبغي أن
يحدث وقد تحققت مقدمات الحلم أو "الأتوبيا" بانتزاع الملكية من أيدي الرأسماليين
والإقطاعيين منذ ما يزيد على نصف قرن الذي حدث أنه ولئن تحقق للسوفيات وأمثالهم
نسبياً إطعام الجائعين.
وتحقيق الحد الأدنى في أمثل الحالات من ضمانات البقاء
فلقد كان الثمن الذي دفعته تلك الشعوب من أرواحها وحرياتها وكرامتها باهظاً. .
إذ
أن السلطة لم تتلاشى ولا هي اتجهت في طريق التواري بل قد عظمت وتضخمت وأحاطت بالفرد
المسكين من كل جانب كيف لا وقد احتكر وسائل البطش والإغواء: السلطة والثروة
الإعلامية والثقافة دون منازع؟ الأمر الذي هيأ لها المجال فسيحاً لفرض نظريتها في
الحرية ولك أن تقول في الاستبداد والاحتقان وذلك ما يكشف على أن السند الأساسي
للحريات السياسية الاجتماعية في الغرب الرأسمالي أو الاشتراكي ليس الإيمان بالإنسان
فرداً أو جماعة كقيمة مطلقة تمثل مصدراً للحقوق والحريات، فكل ما جد في ذلك لا يعد
وحلماً رومنسياً لما سمي بعصر النهضة الأوروبية إن الفكر الغربي في جوهر لا يقر
بغير المادة وحركتها مما يجعل هذا الكائن المسمى إنساناً لا يعدو كونه لحظة
متقدمة في حركة تطور المادة. .
إنه ظاهرة ليس ما هي والنتيجة أن المحدد الأساسي
بل الوحيد للحريات والحقوق لا الله ولا الطبيعية الإنسانية ولا الحق الأزلي كما
ذا أنغلز إنما هو إله آخر يملى موازين القوى. .
والسيطرة الثروة. .
ذلك معبود
الغرب ومصدر قيمه وعبثاً يحاول المستضعفون والمعذبون في الأرض أن يقنعوا جلاديهم
بمختلف أسمائهم أن يجودوا عليهم باسم الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ومختلف
المواثيق الدولية وبينات الأمميات ببعض حق فكل ذلك محصن خداع للنفس السبيل الوحيد
التي يفقهونها: موازين القوى وهي اليوم لصالحهم ولكنها قابلة للتعديل وليس في هذا
بخس للجهود التي تبذلها القوى الحرة والمنظمات الإنسانية في الغرب لصالح ضحايا
القمع بل إن تقديرنا لها كمسلمين عظيم ونحن وإياها في جبهة واحدة ضد قوى الهيمنة في
بلادهم وبلادنا ولكن تأثيرها في البيئات الغربية لا يزال محدوداً وموازين القوى
ليست بعد لصالحها.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد