;

الوطن فوق القبيلة 1629

2010-02-10 04:35:04

جبران
شمسان


القبيلة منظمة اجتماعية وليست منظومة سياسية،
وليست بالبديل السياسي، وإذا كانت متغطرسة أو عصية فإن حلولها السياسية تكون حلول
الحرب وهي ترفض الاختلاف أو الحوار ورابطتها الدم والنسب القريب قبل اللغة أو الدين
أو التاريخ المشترك والشعب يجب أن يكون متماسكاً على أساس المواطنة وليس على أساس
القبيلة والذي قام بثورة 26 سبتمبر 1962م هو تنظيم الضباط الأحرار
برجاله الذين تعاهدوا على التخلي عن النزعة
القبلية والطائفية والحزبية والمناطقية ووراءهم رموز مدنية ( بين قاض وتاجر ومثقف)
تعاهدوا جميعاً على أن الوطن فوق الجميع ولا بد من إنقاذه من براثن ظلم الإمامة
والنظرة الطائفية والتعصب القبلي والاستغلال والفرقة والتخلف والاستعمار وهنا
نستعرض ما حصحص الحق لأن يستعرض.
لعب سكان المدن أدواراً عظيمة بطولية ومشرفة
على مر التاريخ في إقامة الحضارة وإقامة الدين السمح ودرء الغزاة والدفاع عن الوطن
ومقاومة المحتلين والمستعمرين وإذا كانت قد ظهرت في التاريخ الإسلامي أدوار إيجابية
للقبيلة فإن الكثير من هذه الأدوار قد تراجع وانقلب رأساً على عقب على مر القرون
والعواصف وعاد إلى طبيعته الجاهلية الأولى وتفكيره السلبي في النهب دون الوهب وفي
الأخذ دون العطاء، وعادت القبيلة لتكون متكورة على ذاتها، عصية وتستعبد الآخر،
علماً بأن الذين أقاموا الإسلام السمح ودولته وكانوا الأنصار الأوائل هم سكان مدينة
تحرروا من عصبيتهم ونزعتهم القبلية بالدين الحنيف، فنصرهم الله على أعداء الرسالة
من الأعراب وأهل البداوة وغلاظ القلوب من ذوي التمسك العشائري بمكة.
وبينما قامت
الحضارات في المدن، وكان للمدن نصيب الأسد من الثورات كانت القبيلة إما أن تشن
الهجمات على المدن أو على الثورات وإما أن تكون أداه بيد الحاكم المستبد يغريها
بالمال ويبيح لها نهب المدينة كما فعل الإمام أحمد مع صنعاء في 1948م أو تكون
طيَّعة للمحتل متواطئة معه ولكنها عصية على المدينة وعلى كامل الشعب وعلى التاريخ
كما سنرى في بعض الأمثلة من بعض البلدان العربية.
ففي التاريخ الحديث والمعاصر
في شرق المتوسط والجزائر ومصر والعراق نجد أن القبيلة تحولت من الجانب الإيجابي إلى
السلبي فقد تحولت إما إلى الإستكانة أو إلى الترحيب بالمحتل أو مؤازرة الحاكم
الظالم أو التمرد على مركزية الدولة أو محاربة الثورة التي جاءت من أجل الجميع ضد
الظلم، فالكاتبة الإنجليزية ( مس بل) (Miss Bell) تشير إلى أن الذين وقفوا ضد
الإنجليز بسواحل المتوسط الشرقية هم قادة المدن وليست القبائل التي كان موقفها على
العكس من ذلك تماماً ويشير الرئيس الأسبق أحمد بن بللا: إلى أن روح الثورة
الجزائرية كانت هي ( ولاية باتنة ) وليست ( ولاية القبائل) وهما من بين الست
الولايات في الجزائر.
وبعد نكسة 5 يونيو 1967م حاول عبدالحكيم عامر في
الوقت الضائع الرجوع إلى العشيرة إلى جانب ضباطه للإستعانة بهم في الإنقلاب ضد جمال
عبدالناصر الذي استبق ذلك وفوت الفرصة عليه واعتقله إلى أن مات.
أما في عراق
اليوم فقد وصل إلى علمنا أن المقاومة ضد الإحتلال عند وقوع الغزو في 2003م لم تكن
من العشائر؛ بل إن مدينة ( أم قصر) وهي ميناء عراقي صمدت 14 يوماً في وجه أكبر قوة
في العالم عند بدء الحرب لغزو العراق بينما لم تطلق العشائر طلقة رصاص واحدة
حينها.
أما في اليمن فنجد أن القبيلة هي التي انقضت على ثورة 1948م الدستورية،
ثم شنت حرباً ضروساً على النظام الجمهوري لسنوات عديدة وهو النظام الذي أتى لتخليص
القبيلة نفسها من الظلم والظلام.
وكان المرتزق الأجنبي والمرتزق المحلي القبلي
يقفان جنباً لجنب وكتفاً لكتف، لقصف العاصمة صنعاء بمنشآتها وأحيائها السكنية ودون
اعطاء أدنى اعتبار للمدنيين من نساء وأطفال وشيوخ.
وهكذا كانت مثل تلك القبائل
العصية على الدوام في الاتجاه المعاكس من أي طرح مهما كان نبيلاً أو شرعياً أو
وطنياً أو مثالياً أو محقاً، وهذه المخالفة الدائمة ليست إلا لسبب وحيد واضح هو
الطمع المادي والجشع والرغبة المستمرة في الكسب والاشتغال بتجارة الحرب والإرتزاق
نظراً للفراغ في الوعي والعمل وعدم مراجعة الإيمان والضمير وليس في الأمر مبادئ
ثابتة أو قيم ومثل علياً بل الدافع هو الوقوف على النقيض المكلل بالغطرسة كمرض مزمن
إلى جانب الجنيهات الذهبية.
يقول الأستاذ/ الراحل أحمد محمد نعمان* ( صانع
الأحرار كما لقبه الزبيري) في صفحة 218 من كتاب الأستاذ/ مذكرات أحمد محمد نعمان"
في طبعته الأولى 2003م : " فوجئت ببعض القبائل جاؤوا إلي يسلمون عليّ ويحيوني،
فظننت أنهم يشكروني على حل المشاكل، وإذا بهم يقولون: " أنت رجل ابن ناس وتحب الخير
للناس، نترجاك أن تبحث لنا عن فتنة نعيش منها".
وفي جنوب الوطن اليمني مثلت
القبائل التي تسلمت الحكم عند التاريخ المقرر للإستقرار قمة التناحر والصراعات من
أجل مصالحها الخاصة وامتلاك ( السلطة والثروة والمرأة. . ) بحسب اعتراف نبيل لرئيس
أسبق ولو كانت مصلحة الوطن هي العليا بالنسبة لها لما حدثت تلك الصراعات.
ورغم
الانتفاضات القبلية العفوية ضد المستعمر في جنوب الوطن لفترات قصيرة ومتقطعة إلا أن
القبيلة وحدها هي التي انخرطت في جيش صنعه المستعمر ليكون ضد الشعب وكان نواة امتدت
طويلاً لتنقض على صناع الثورة الحقيقيين وتطاردهم قبل وبعد الاستقلال ووجه هذا
الجيش مدافعه ضد الثورة السبتمبرية في حربين.
shamsan@yahoo. com
Gibra

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد