;

خرافة العولمة العادلة.. أكاذيب ترضي الضمير .."الحلقة «74» 1411

2009-12-17 04:38:40



أشرنا في الحلقة السابقة إلى أن المؤسسات متعدية
الجنسية شيدت مصانع ووسعت ما كانت قد شيدته كما ارتفعت الصادرات بمقدار "6% " في
السنة وتراجعت المديونية الخارجية التي كانت قد أدت في عام 1982 إلى انهيار اقتصاد
البلد، ولأول مرة شهدت المكسيك تنامي الطبقة الوسطى.

حقاً كان حجمها لا يزال ضئيلاً إلا أنها توافرت لها قوة
شرائية جيدة مكنتها من تأسيس المشروعات الجديدة والمشاركة في دفع الضرائب إلى
الحكومة غير أن المعجزة اقتصرت في واقع الحال على جزء ضئيل من الاقتصاد ومن السكان
فالمصانع الجديدة التي نشرت الازدهار في إنتاج الكيماويات والكهربائيات والسيارات
كان مصيرها شديد التعلق بالاستيراد وبالتالي فإن ما خلقته من فرص عمل كان ضئيلاً
نسبياً من ناحية أخرى تركزت ملكية المشاريع الحكومية السابقة في أيدي أقلية من
المساهمين الكبار فخمسة وعشرون من الاتحادات الصناعية فقط كانت تسيطر على شركات
تنتج نصف إجمالي الناتج القومي في الوقت ذاته عصف الانفتاح السريع على الولايات
المتحدة الأمريكية بقطاعات اقتصادية وطنية مهمة إذ أنها لم تستطع الوقوف في وجه
المنافسة الأمريكية فأغرقت الواردات البلد وركعت الصناعات المتوسطة الحجم المنتجة
للبضائع كثيفة العمل البشري.
ففي صناعة المكائن بمفردها توقف الإنتاج في نصف
المصانع وعلى نحو مشابه كان الحال في صناعة النسيج وهي صناعة كانت تتمتع بالاستقرار
حتى ذلك الحين فأنخفض معدل النمو الحقيقي إلى ما دون معدل نمو السكان وتمت الرأس
ماله المتصاعدة للقطاع الزراعي بنتائج وخيمة كانت ينبغي لها أن تكون عاملاً مساعداً
على زيادة التصدير والصمود أمام المنافسة الأمريكية العملاقة فقد حلت الماكينات محل
العمل البشري الأمر الذي أدى إلى فقدان ملايين كثيرة من الفلاحين المكسيكيين فرص
عملهم ونزوحهم إلى المدن المكتظة بالسكان أصلاً وابتداءً من عام 1988 تزايد
الاستيراد بمعدلات نمو بلغت أربعة أضعاف معدلات نمو الصادرات فأرتفع العجز في
الميزان التجاري ارتفاعاً عظيماً حيث صار مجموعه في عام 1994 يضاهي مجموع العجز في
مجمل بلدان أمريكا اللاتينية معاً إلا أنه ما كان بوسع القائمين على مقدرات
الاقتصاد المكسيكي التراجع عما سلكوا من طريق ومن أجل تهدئة خواطر الناخبين ولكي
تبقى أسعار المواد المستوردة عند مستوى منخفض رفعت الحكومة أسعار الفائدة على
القروض الممنوحة بالعملة الوطنية وهكذا وبعد عشر سنوات من الإصلاحات ذات الطابع
الليبرالي المحدث أضحت أمة المائة مليون مواطن في وضع أسوأ مما كانت عليه من قبل
فابتداءً من حرب العصابات التي يقودها الفلاحون في الجنوب وانتهاء بالمليون مواطن
من أصحاب المشروعات المتوسطة الذين لم يعد بمستطاعهم تسديد أسعار الفائدة المرتفعة
على ما بذمتهم من قروض أخذت حركات المعارضة المختلفة تعصف باستقرار
الدولة.
وبهذا المعنى لم تكن حصيلة مغامرة تأسيس منطقة التجارة الحرة النافتا في
مصلحة الجار الشمالي العملاق أيضاً فحينما راحت المصانع الأمريكية تهاجر باتجاه
الجنوب كان لا يزال بوسع إدارة كلينتون القول بأن التصدير المتزايد إلى المكسيك
سيخلق للصناعة التصديرية الأمريكية إلا أن انهيار الاقتصاد المكسيكي أدى إلى تراجع
الطلب المكسيكي على البضائع الأمريكية أيضاً وبالتالي فقد تحول فائض التجارة
الأمريكية مع المكسيك إلى عجز في عام 1994م.
وعلى هذا النحو تثبت التجربة
المكسيكية أن الزعم بأن السيادة المطلعة لقوى السوق هي التي ستحقق الرفاهية
الاقتصادية ليس سوى إدعاء ساذج فحيثما حاول بلد أقل نموا الوقوف من دون سياسة تهدف
إلى تشجيع الصناعة وبلا رحمة جمركية في وجه المنافسة القوية القادمة من البلدان
الصناعية الغربية فإن مصيره كان الفشل دائماً.
فالتجارة الحرة تعني أن الغلبة
ستكون للأقوى فقط ليس في أمريكا الوسطى فحسب وتركيا هي المكسيك الأوروبية فعلى
آمال تحقيق تطور سريع وقعت حكومة أنقرة مع الاتحاد الأوروبي اتفاقية ترمي إلى إنشاء
اتحاد جمركي ستدخل حيز التنفيذ ابتداءً من مطلع عام 1996 وكان الصناعيون الأتراك قد
توقعوا أن هذا الاتحاد الجمركي سيؤدي إلى زيادة صادراتهم إلى الاتحاد الأوروبي غير
أن المتطلعين إلى التنمية على ضفاف البوسفور قد اخطئوا في تقدير النتائج التي
سيفرزها الانفتاح على أسواقهم مثلما أخطأ من قبلهم المكسيكيون.
فمنذ أن صار في
الإمكان دخول البضائع من كل إنحاء العالم إلى تركيا بالشروط نفسها السارية على
البضائع القادمة من الاتحاد الأوروبي.
نمور بدلاً من شياه. .
المعجزة
الأسيوية: منذ سنين كثيرة تستوي قلوب الأجانب فجوها البحري المعتدل وأراضيها الخصبة
أغرت المستعمرين البريطانيين في القرن الماضي بالقدوم إلى هناك إن ما يستهوي قلوب
الزائرين اليابانيين والأوروبيين والأمريكيين الذين يقفون في صالة المطار في
الطابور منتظرين وصول حقائبهم، وليست Penang سوى رمز واحد من الرموز الكثيرة للثورة
الاقتصادية المذهلة التي يعيشها منذ خمسة وعشرين عاماً هذا البلد الزراعي سلفاً،
لقد خرجت ماليزيا منذ أمد ليس بالقصير من قائمة البلدان النامية فمنذ عام 1970 ينمو
الاقتصاد الوطني سنوياً بمعدلات تتراوح في المتوسط بين سبعة وثمانية في المائة أما
الإنتاج الصناعي فإنه ينمو بمعدل يزيد على العشرة في المائة وبدلاً من خمسة في
المائة يعمل اليوم خمسة وعشرون في المائة من السكان في سن العمل في القطاع الصناعي،
والذي صار يخلق ثلث الناتج الإجمالي وتضاعف حصة الفرد الواحد من الدخل القومي في
الفترة الواقعة بين عام 1987م وعام 1995 فوصلت لدى هذا الشعب البالغ تعداده عشرين
مليوناً أربعة آلاف دولار في العام وإذا سارت الأمور على ما ترتئيه الخطط الحكومية
فسترتفع هذه الحصة حتى عام 2020 إلى خمسة أضعاف أي أنها ستصل إلى المستوى السائد في
الولايات المتحدة الأمريكية.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد