;

انهيار الصناعة الألمانية والنقابات تخسر أعضاءها .."الحلقة «70» 969

2009-12-13 04:12:48

تطرقنا في
الحلقة السابقة إلى أن ما يحصل عليه العاملون من دخل في الشركات الجديدة في ألمانيا
قد انخفض بمقدار ستة آلاف إلى سبعة آلاف في السنة، وأنه إذا ما استمر الحال على ما
هو عليه فلن نحصل على ماهو سائد في ألمانيا ولا حتى بعد خمسين عاماً من
الآن.

ومع أن النقابيين يحاولون
باستمرار تقريباً الوقوف بوجه عمليات الابتزاز هذه إلا أنهم يخسرون في هذه
المواجهات دوماً وذلك لأن بمقدور أرباب العمل أن يوقعوا بين العاملين وأن يبتزوا
بعض مناطق الاستيطان الصناعي بالمناطق الأخرى.
كما يقول شاكياً رئيس نقابة الصلب
والحديد كلاوس زفيكل ولا يزال هناك بعض المسؤولين النقابيين يوهمون أنفسهم بأن
مشاركة ممثلي النقابات في مجالس إدارات المؤسسات بحكم القانون وكذلك انظواء جميع
النقابات في تنظيم نقابي موحد عاملان قادران على "صد التطور الوخيم" الذي ركع
النقابات الأمريكية فالتسريح وتجزئة المؤسسات والاعتقاد بأن العضوية في النقابة
تكلف رسوماً نقدية إلا أنها لا تنفع شيئاً عند الحاجة لا بل أنها يمكن أن تكون
سبباً لفقدان فرصة العمل وقد أدت إلى أن يخسر الاتحاد العام للنقابات الألمانية
حوالي خمس أعضائه منذ عام 1991م.
فنقابة الحديد والصلب خسرت بمفردها سبعمائة
وخمسة وخمسين ألف عضو وهذا يعود إلى إنهيار الصناعة في الشطر الشرقي من ألمانيا إلا
أن هناك ما يقرب من مليون عامل نقابي في الشطر الغربي كانوا قد تخلوا عن عضويتهم
وكما هي الحال ببعض الشركات.
كان سبب نجاح عمليات الابتزاز يكمن إلى جانب عوامل
أخرى في أن عدد العمال المنضوين تحت راية النقابة كان في هذا المشروع عشرة في
المائة من مجموع العاملين لا غير.
ومنذ مطلع عام 1996 تستغل اتحادات أرباب العمل
الألمانية ما أصاب النقابات العمالية حديثاً من ضعف ووهن فراحت تشن عليها هجوماً
تلو آخر.
وبتشجيع من الحكومة الاتحادية طالب رئيس إتحاد الصناعيين الألمان "أولف
هنكل" في مايو 1996م بأن تلغى جميع القطاعات الشروط العامة للعمل التي كانت تدفع
للعامل عند مرضه، فاتحاد صناعة الصلب والحديد يريد أن تقتصر المفاوضات الخاصة بعموم
المصانع على النسب المئوية التي يتعين رفع الأجور وفقها وعلى تحديد مدة العمل
السنوية وبناءً على هذا فإنه يطالب بإلغاء حق النقابات في الإضراب كوسيلة لتحقيق
تصوراتها بشأن هذه الأمور.
وذلك لأن الإضراب لم يعد يتماشى مع طابع العصر أصلاً
ولأن الإضراب يعني "خسارة المشروعات لأسواقها" وعلى ما يبدو لم يدرك stumpfe بان
محاولته هذه تتعارض مع حق مضمون دستورياً.
من ناحية أخرى امتنع hemnkel و
stumpfe وزملاؤهما في الاتحاد عن الموافقة على وضع حد أدنى للأجور في قطاع البناء
وإن كان الاتفاق على هذه الحد مطلباً مهماً بالنسبة إلى النقابات وأرباب العمل معاً
فبناء على استقلالية أرباب العمل والنقابات في مفاوضاتهم بشأن العمل وشروطه كان سن
قانون إتحادي بشأن الحد الأدنى للأجر يتطلب موافقة أرباب العمل إلا أن ممثلي أرباب
العمل استمروا على رفضهم وإن كانوا يعلمون أن رفضهم هذا قد تسبب في انهيار العديد
من شركات البناء الألمانية واندلاع أكبر مواجهة إفلاس تمر عليها منذ الحرب العالمية
الثانية وذلك لأنها لم تعد قادرة على مواجهة ما تقوم به الشركات الأجنبية من عمليات
إغراق للسوق الألمانية ومن هنا فإن هناك ستة آلاف شركة ستعلن الإفلاس وثلاثمائة ألف
فرصة عمل ستلغى بناء على ما أعلنه الاتحاد المركزي لشركات البناء.
تحرير
الأسواق: جنون منظم ليس قادة صناديق الاستثمار والمؤسسات الصناعية بمفردهم
المسؤولين عن ضياع فرص العمل وتدهور الأجور فهناك مجموعة أخرى من الناشطين في هذا
السياق: إنها الحكومات الوطنية فلا تزال الغالبية العظمى من الوزراء والأحزاب
الحاكمة في بلدان منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي تعتقد أنه متى ما تراجع تدخل
الدول في الاقتصاد على نحو كاف فسيتحقق الازدهار وستزداد فرص العمل بصورة عفوية
وبناء على هذا البرنامج تهدم شيئاً فشيئاً من طوكيو وحتى واشنطن وبروكسل مشروعات
احتكارية أو شبه احتكارية تديرها الدولة في داخل حدودها الوطنية.
لقد صارت
المنافسة كل شيء ، ولم تعد هناك أهمية لفرص العمل إلا أن الحكومات تتسبب حينما تقوم
بخصخصة البريد والاتصالات الهاتفية ومشروعات الكهرباء والمياه والنقل الجوي وسكك
الحديد وتفتح الباب على مصراعيه للمتاجرة الدولية بهذه الخدمات وتمنح الأسواق
الحرية على اتخاذ القرار في كل الأمور ابتداءً من التكنولوجيا وحتى أساليب حماية
حقوق العاملين.
نعم حينما تقوم الحكومات بهذا كله فإنها تسبب في الواقع تعميق
الأزمة التي انتخبت هذه الحكومات من أجل معالجتها إن هذا التناقض واضح في الولايات
المتحدة الأمريكية وبريطانيا وضوحاً تاماً ولعل تحرير قطاع النقل الجوي الأمريكي هو
خير مثال عليه فالأسباب تتعلق بالسلامة والسيطرة، كان هناك كارتل حكومي يقوم بتوزيع
الرحلات على الشركات المختلفة في السبعينيات أما المنافسة فقد كانت حالة استثنائية
وكانت شركات الطيران تحقق آنذاك أرباحاً مجزية كما أنها كانت تقدم فرص عمل مضمونة
في الغالب إلا أن أسعار الرحلات كانت مرتفعة نسبياً ولذا فمن كان لديه الوقت الكافي
ولا يستطيع دفع السعر المطلوب كان بإمكانه السفر بالحافلة أو بالقطار إلا أن إدارة
ريجان قلبت كل شيء رأساً على عقب فانهارت الأسعار ومعها العديد من المشروعات أيضاً
وتحولت شركات الطيران وكذلك المؤسسات المنتجة للطائرات إلى قطاعات تفتقر إلى
الاستقرار على نحو عظيم وكانت حصيلة هذا كله تسريح جماهير عريضة من العاملين
وعمليات شراء معادية للشركات أي عمليات شراء يراد بها تصفية هذه الشركات والتخلص من
منافستها وحالات تتسم بالفوضى في المطارات.
وفي نهاية المطاف لم يبق على قيد
الحياة سوى ست شركات مسيطرة صارت تبيع رحلات أكثر مما كانت تبيعه في سالف الزمن وإن
كان عدد المستخدمين لديها قد أصبح أدنى مما كان قبل عشرين عاماً ولا مراء في أن
السفر الجوي قد صار زهيداً على نحو لا مثيل له في السابق إلا أن فرص العمل الجيدة
قد ضاعت إلى الأبد وكان هذا البرنامج قد فاز في الثمانينيات بتأييد الطليعة
الإدارية المواجهة للمؤسسات في أوروبا الغربية تأييداً متحمساً ، المشكلة كانت تكمن
فقط في أنه باستثناء بريطانيا لم تكن هناك أكثرية سياسية تؤيده إلا ما ندر غير أن
المفوضية الأوروبية التي كان موظفوها يصوغون الجزء الأعظم من القوانين الأوروبية
بتعاون وثيق مع شركات استثمارية تخضع للقطاع الصناعي ومع منظمات غير موضوعية كانت
قد أضحت القلعة لدعاة نظام السوق المتطرفين.
ومن دون أي مناقشات علنية تقريباً
جعل المرء من خصخصة وتحرير جميع القطاعات المدارة في الدولة جزءاً من الخطة الكبيرة
الرامية إلى تطبيق السوق الواحدة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد