;

منتجون على حافة الهاوية .."الحلقة «67» 931

2009-12-09 04:28:12

تطرقنا في
الحلقة السابقة إلى أن شركة السيارات صارت تنتج ما وراء البحار أكثر مما تنتج في
اليابان ومن ناحية أخرى تنهار الصناعة الأمريكية لإنتاج السيارات، فيما لو تعين
عليها الاستغناء عن مورديها اليابانيين.

وأشرنا إلى أن المنتجين على الرغم من كل ما بينهم من منافسة اكتشفوا منذ أمد
ليس بالقصير أن باستطاعتهم الاقتصاد في التكاليف إذا ما تركوا معاً منتجين آخرين
ينتجون لجميع المؤسسات ما تحتاج إليه من معدات ومن هنا فبدلاً من إنتاج مئات أجهزة
المولدات الكهربائية المختلفة أضحى عدد لا يزيد على أصابع اليدين إلا بصعوبة من هذه
المولدات الصغيرة يسد حاجة السيارات الألمانية بمختلف أنواعها كما صار التشابك
وصيانة المعدات يعم حتى المحركات بل وحتى السيارات برمتها فسيارات "فولفو" تعمل
بمحركات ديزل من صنع Audi في المجر وتشتري مرسيدس المحرك ذا ست الأسطوانات للموديل
الجديد من فولكس فاجن وحتى شركة السيارات الفاخرة رولز رويز أخذت تصنع في سياراتها
ذات التقليد المجيد محركات من إنتاج BMW من ناحية أخرى فإن المؤسسات ماضية على قدم
وساق في إنشاء التحالفات والمشروعات المشتركة Joint - Ventures والاندماج جاءت وذلك
رغبة منها في تحقيق أعلى مستويات الجدارة والأداء فإلى جانب Audi ابتلعت فولكس فاجن
مؤسسة seat الإسبانية والمنت الرائد في أوربا الشرقية skoda أيضاً واشترت BMW مؤسسة
Rover التي هي أكبر منتج للسيارات في بريطانيا وتسلمت فورد مقاليد الأمور لدى Mazda
المنتج الرابع من قائمة منتجي السيارات اليابانية ومع مؤسسة فولكس فاجن أشترت فورد
في الجنوب من لشبونة مصنعاً لإنتاج السيارات الفارهة التي راحت الاثنتان تسوقانها
تحت أسم SHARON وتطبق فيات وبيجو الأسلوب ذاته من ناحية أخرى تنتج ميتسوبيشي لحساب
كرايلر في تايلاند سيارات صغيرة الحجم تباع في الولايات المتحدة الأمريكية تحت
لافتة أمريكية وتنتج ميتسوبيشي مع فولفو سيارات في هولندا.
وعلى هذا النحو تنسج
مؤسسات إنتاج السيارات شبكة متكاملة تحيط بالعالم أجمع شبكة تلبي من حيث ما هي عليه
من قابلية على التكيف والمرونة متطلبات ما تنتجه من بضائع ومن هنا لم يعد المنتجون
الحقيقيون "أي العمال" سوى عنصر بسبب التكاليف إنهم أدوات دونما حقوق أدوات
بالإمكان دفعها إلى حافة الهاوية في كل وقت.
ففي صناعة السيارات الألمانية فقط
ضاعت في الفترة الواقعة بين عام 1991 وعام 1995 ما يزيد على ثلاثمائة ألف فرصة عمل
وإن كان عدد السيارات المنتجة سنوياً قد ظل ثابتاً تقريباً في الفترة الزمنية ذاتها
وفي الواقع لا توجد دلائل على بلوغ هذا المسار نهايته ويعرب رئيس الفرع الأوروبي
لمؤسسة فورد ألبرت كامبارز عن تطلعات مؤسسته فيقول :إننا نخطط لفرع الجدارة بمقدار
6 7 في المائة سنوياً حتى عام 2000م.
مستخلصاً من هذا : إننا نحتاج اليوم إلى
25 ساعة لإنتاج سيارات FSCORT واحدة حتى عام 2000م ينبغي أن تكفي لذلك 17. 50 ساعة
والشعار لدى فولكس فاجن هو أيضاً سيارات أكثر وعمل بشري أقل فبناء على ما أعلنه
المدير المالي برونو أدلت BRUNO ADELT فإنه يتعين زيادة الإنتاجية بمقدار 30% خلال
أربع سنوات بمقدار 7000 8000 فرصته وسترتفع أرباح المساهمين في خلال هذه الفترة
حسب الوعد الذي قطعه لهم مجلس إدارة فولكس فاجن إلى خمسة أضعاف ما يحصلون عليه الآن
عن كل سهم ومع أن ضياع فرص العمل الناجم عن التشابكات العالمية قد بلغ حداً صار
ينذر بالخطر إلا أن الأمر الأكثر خطورة هو التخلي عن الاستراتيجيات التصحيحية التي
كانت تنتهجها في الماضي السياسات الاجتماعية والاقتصادية.
وحتى عقد التسعينيات
كانت الأمم الاقتصادية الكبرى تتخذ مسارات مختلفة فاليابان كانت قد طورت مبدأ
الاستخدام على مدى الحياة وكان يجرى توزيع أعباء التكيف على نحو متساو وكان للأمن
الاجتماعي الجماعي الأولوية لا في سلم القيم السائدة في المجتمع فحسب بل وفي
المشروعات تضعه في مرتبة تسبق مرتبة الربحية الأعلى لرأس المال.
وفي فرنسا حقق
التكنوقراط نتائج ناجحة في الكثير من الأحيان عندما لاحوا يطبقون سياسة صناعية عززت
مكانة فرنسا في الاقتصاد الدولي من دون أن تخفف المستوى المعيشي العام وكانت
ألمانيا قد تألقت بما لديها من نظام تدريب غاية في التطور وكما سادها من تعاون متين
بين رأس المال والعمل وعلى هذا النحو كان المستوى من حيث التكنولوجيا والعمل البشري
والوئام الاجتماعي قد غطى على السلبيات السائدة في القطاعات الأقل أداء.
أما
اليوم فلم يعد لهذا كله قيمة على ما يبدو ففجأة يمارس رؤساء المؤسسات اليابانية
أيضاً سياسة تخفيض العمل البشري ونقل الإنتاج إلى الخارج كما لو كانوا قد نسخوا من
زملائهم الأمريكيين وفي كل الحالات التي يكون فيها الطرد عملاً مستنكراً فإنهم
يعمدون إلى خفض قيمة العاملين لديها وذلك عن طريق نقلهم إلى وظائف أدنى أجراً أو
الإيعاز بتخفيض أجورهم أو نقلهم إلى فروع صغيرة أو تحويلهم إلى مندوبين تجاريين على
أمل دفعهم لترك العمل، وفي الواقع التسريح المباشر الذي يعبر عنه مجازا في لغة
الساموراي بقطع الرأس لم يعد من المحرمات الاجتماعية فقد طبق في البداية على غير
المدرب فقط أما الآن فإنه صار يشغل كاهل حتى أولئك العاملين في وسط السلم الإداري
الذين عملوا لمدة طويلة بالمشروع.
أضف إلى هذا أن هناك مصانع ومراكز إدارية تجري
تصفيتها بالكامل وفي هذا السياق قال جيرو أوشيتو مدير إحدى المؤسسات الإلكترونية
:في السابق كنا نتشارك في تحمل الآلام وكنا واثقين من أن الحكومة لن تخذ
لنا. . . .
أما في المستقبل فإن قواعد السوق فقط هي التي ستتحكم في الأمور، وفي
الواقع فإن الحكومة لا تزال تحاول التستر على النتائج فرسمياً لا يزيد عدد العاطلين
عن العمل على 4 ،3 في المائة وما هذا الرقم الواقع سوى كذبة إحصائية مكشوفة فمن
مضى عليه أكثر من ستة أشهر في البحث عن عمل يشطب اسمه من السجلات بكل بساطة فلو
أحصي العاطلون على العمل لبلغ معدل البطالة 8. 9% في المائة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد