;

إنتصار الجرار والعنف العمالي .."الحلقة «60» 659

2009-12-01 03:59:37

أشرنا في
الحلقة السابقة إلى أن " هايس" كان قد أنفق طواعية ساعات لا تحصى في إصلاح طرائق
العمل وفي تركيب المكائن الموجهة بالكمبيوتر وفي تدريب الكوادر ذات الكفاءة العالية
في موقع العمل….
وكانت هذه الإصلاحات
قد مكنت المؤسسة من أن تستعيد مكانتها في القمة العالمية وفي عام 1992م حيث بدأت
المؤسسة كما يتذكر هايس في تحقيق مبيعات قياسية وأرباح دسمة أعلنت الإدارة الحرب
على العاملين إذا طالبت بتخفيض الأجور بمقدار عشرين في المائة وبالعمل ساعتين
إضافيتين وفي هذا كله لم يكن مجلس إدارة المؤسسة مستعداً للتقاضي بهذا الشأن أصلاً
وكان الموقف بالنسبة إلى هايس وغالبية زملائه من قدماء العاملين واضحاً: إنه يتطلب
العمل مع نقابتهم ِ Workers Auto (UAW) United.
بغية تعبئة إضراب يعم جميع مصانع
المؤسسة في الولايات المتحدة الأمريكية وكان الأمر قد بدا لهم شرعياً سواء من وجهة
النظر القانونية أو الأخلاقية: فلم لا ينبغي بالعاملين أن يحصلوا على حصة من
الأرباح المتزايدة؟ ومع أن أربع سنوات قد مضت على طرح هذا السؤال إلا أن هايس لا
يزال يجهل الجواب وكان العاملون لدى "Cat" قد أضربوا مرات عديدة كان بعضها في داخل
مواقع العمل وبعضها الآخر في خارج مواقع العمل واستمر إضرابهم ثمانية عشر شهراً
متواصلة.
وما كان قد بدا إضراباً عادياً ضد إدارة مشروع مستمرة سرعان ما تحول
إلى أطول وأعنف صراع عمالي في أمريكا منذ الحرب العالمية الثانية وكان الإضراب قد
كلف النقابة العمالية ثلاثمائة مليون دولار دفعتها لتعويض أعضائها عن خسارة أجورهم
ومع هذا لم يجدِ هذا كله نفعاً ففي يوم الأحد المصادف 3 ديسمبر 1995 سمع هايس
ورفاقه المضربون ومن سكرتير نقابة UAW ريتشارد أتوود : " أن الأشخاص الوحيدين الذين
أضر الأضراب بهم فعلاً هم أعضاؤنا الأوفياء".
وأن المرء لم يستطع تركيع
(Caterpillar) وأن من الأفضل للماضربين العودة إلى عملهم من جديد وهكذا عاد هايس
إلى عمله ولكن وفق الشروط الجديدة لكنه لا يزال لا يفهم كيف آلت الحال إلى ما هي
عليه الآن إذ يقول مستنكراً إنه ما كان يعتقد " قط أن الشركة ستعاملنا على هذا
النحو القبيح" وفي الواقع ليست الشركة سوى دونالدفيتس هذا الرجل الذي تسلم عام 1991
رئاسة مجلس إدارة (Caterpillar) وحظي بتقدير رجال الأعمال الأمريكيين على نحو يكاد
يكون نادر المثال ويعود هذا التقدير إلى أن Fites قد أبان الطريق للكيفية التي يقلم
بها المرء أظافر النقابة العمالية وينتهي مالها من قوة نهائياً فهذا الرجل المعروف
عنه أنه أكثر مديري المؤسسات الأمريكية عزيمة أستطاع أن يثبت ما لا يزال يصعب تصوره
في غالبية البلدان الصناعية : الإضرابات لم تعد قادرة على أن تحقق بالإكراه زيادة
في الأجور حتى إن دامت سنوات عديدة ورافقتها حملة دعائية وتظاهرات على مستوى البلد
كله بل العكس فبالنسبة إلى المؤسسة الناشطة على المستوى العالمي تهيئ الإضرابات
الفرصة المواتية لتخفيض تكاليف الأجور وزيادة أرباح المؤسسة متى ما تحركت قيادة
المؤسسة بإصرار وعزيمة كافيين.
وحتى مطلع الثمانينات ما كان بوسع المرء أن يتصور
هذا أبداً فشركة (Caterpillar) كانت مؤسسة أمريكية مرموقة يمتد نشاطها من إنتاج
مسمار البريمة وحتى الجرارات.
وغيرها من آلات البناء وكذلك كانت الحال في فروعها
في العالم الخارجي العاملة على مدار الساعة ابتداء من عام 1981م أخذ المنافس
الياباني يغرق السوق الأمريكية بأسعار دون الكلفة كانت قيمة الين المنخفضة إزاء
الدولار والسياسة التي أنتهجها بكل حماس المصرف المركزي الياباني للإبقاء على هذه
القيمة عند مستواها المتدني قد سهلت هذه الهجمة التصديرية على نحو أكيد فأصيبت
(Caterpillar) بخسارة تلو أخرى ولمواجهة هذا الحال شرعت قيادة المؤسسة في إعادة
هيكلة المشروع على نحو جذري والتخلي عن إنتاج بعض الأجزاء وتفضيل شرائها من موردين
صغار كان العديد منهم قد بدأ بالإنتاج لتزويد (Caterpillar) بها على وجه
الخصوص.
وكان العاملون لدى هذه المشروعات الجديدة في العادة شباباً ورخيص الأجر
ذلك لأن الكثير من هذه المشاريع كانت قد استوطنت من المناطق الريفية من الولايات
الجنوبية التي لا تقدر النقابة العمالية فيها على تنظيم نفسها إلا بصعوبة في الوقت
ذاته.
دمجت قيادة "Cat" مصانعها عن العالم الخارجي بمراحل الإنتاج واستمرت "1.8"
الأم وكان النقابيون قد دعموا هذا كله فهدف الجميع هو أن تحقق المؤسسة أرباحاً من
جديد وكانت النقابة UAW قد وافقت حتى اتفاقيات تعاون استثنائية ترمي إلى زيادة
الإنتاجية كما أنه وافقت ومن دون أي تردد على غلق العديد من المصانع غير أن هذه
التحولات كانت قد تسببت في تغيير تركيبة العاملين ففي عام 1979 كان عدد العاملين في
المؤسسة يقرب من المائة ألف وكان نصفهم تقريباً أعضاء في النقابةUAW يعد ثماني
سنوات كان (Caterpillar) لا يستخدم سوى خمسة وستين ألف أمريكي لم يكن سوى ربعهم
عضواً في النقابة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد