;

«تلك أمة قد خلت لها ما كسبت» 1309

2009-11-14 04:53:40

شكري
الزعيتري


في عصرنا هذا وفي ظل تقدم العلوم ووسائله ورقي
العقل البشري اليوم نرى بأن هناك من المسلمين ما زالوا ينجرون وراء ماضي وأحداثه
التاريخية الدامية لمسلمون قد ذهبوا وقضوا نحبهم ولت أحداثهم الدامية ولا نريد
إعادتها .
ومؤخرا استغرب من قنوات فضائية عربية تبث عنف
الماضي وتعطي المتربصين بالأمة المستمسك ومن ذلك حلقات النقاش
والتي كان موضوعها يدور حول المذهب الزيدي وفرقه والاختلافات بينها ومع غيرها من
فرق المذهب الشيعي والمذهب السني والذي تضمنه برنامج )تاريخ الأمم (ويذاع عبر قناة
المستقلة واستمرت تلك الحلقات لتسعة عشر حلقة خلال الشهر الماضي أكتوبر 2009م حيث
وقد تخلل النقاش المهاترات والجدل والتنقيب في أحداث إسلاميه ماضية كانت دامية
ومؤلمة ومثل هذا الانجرار ما هو إلا تعبير عن الفكر والثقافة العربية والإسلامية
(حاضرا ) والتي طوقها التنقيب في اثر المشاكل والخلافات لاستحضارها بالوقت الحاضر
وتعميقها .
فاليوم نقراء ونسمع من مسلمين علماء دين وقادة رأي وثقافة التنقيب عن
أفعال وسلوكيات شخصيات لمسلمين أوائل فيذهبون نحو التفنيد والتحليل والتصويب
والتخطئة والإفتاء الديني لأحداث لم يكن أحدا من رجال اليوم جزء منها أو بينها
وإنما يعتمدون في سعيهم علي ما كتبه مؤرخين كثير منهم لا نعلم صدق رواياتهم ومدي
معايشتهم لتلك الأحداث .
وبهذا التنقيب الذي يحدث اليوم وفي الماسي ما هو إلا
نبش لتاريخ ماضي يعمل علي إثارة اللغط الذي لا يفيد امة الإسلام ولا يعبر إلا عن
أهداف أعداء أمه الإسلام بها يكاد لها ودينها الإسلامي ويراد تحقيقها تلك الأهداف
العدائية وعبر مدسوسين من أبناء الأمة الإسلامية ومن نفس البيت الإسلامي (والمر
علقما ) بان هؤلاء المنقبين للشر والماسي غالبتهم يلبسون لباس الدين ويقفون خلفه
ويفسرونه ويخضعونه وكلا علي هواه ولما تحقق أهداف من وراءه ..
وآخرين يلبسون
لباس الحكم والسياسة فيصرعون هذا بذاك وعلي المبدءا الصهيوني (فرق تسود ) ويعدون كل
هؤلاء أنفسهم مسلمين وهم من يضرون بدين الإسلام وأمته (حاضرها ومستقبلها بين الأمم
الأخرى ) .
بان ينجرون ويجرون الشعوب العربية والإسلامية إلي أحداث الماضي
التاريخية لتكون اليوم مجسمة بأفعال تشعل الفتن والتناحر علي ارض الواقع المعاش
وبها تعمق الفرقة بين امة العروبة والإسلام وتشغلها عن حاضرها ومستقبلها
..
بينما الشعوب الأخرى من غير المسلمين تنظر للإمام وتسير نحو الأفق وتجتهد
بعمل اليوم وتثابر لإنتاج الحاضر لبناء المستقبل .
فقد ظهر بهذا الانجرار
المتوالي للأحداث الدامية أن تعمقت الفرقة وزادت الصراعات ووجدت الفرق الدينية
الإسلامية المختلفة بل والتي وصل بعض أتباعها إلى تكفير غيرهم والقدح فيهم والتأليب
ضدهم وكأن لا مسلمين سواهم فأولئك ممن ينجرون اليوم إلى إحداث الماضي التاريخية
الإسلامية المؤلمة والتي أظهرت الانشقاق عن مذاهب إسلامية رئيسية (كالمذهب السني
والمذهب الشيعي) وتزداد تلك الفرق المنشقة حده في الاختلافات والخلافات فيما بينها
فمثلا المذهب الشيعي انشق عنه فرق دينية إسلاميه عدة كفرقة الشيعة الأمامية (الاثنى
عشرية ) وفرقة الشيعة (الجعفرية ) وفرقة الشيعة (الزيدية ) والتي تفرع عنها فرقة
الجارودية وفرقة الهادوية وغيرها .
وكذلك ظهرت فرق شيعية أخري كفرقة القرامطة
وفرقة الإسماعيلية والتي انشق وتفرع عنها عدة فرق كفرقة الإسماعيلية الفاطمية وفرقة
الإسماعيلية الحشاشون وفرقة إسماعيلية الشام وفرقة الإسماعيلية البهره وفرقة
الإسماعيلية الاغاخانيه وفرقة الإسماعيلية الواقفه ..
الخ .
وكذلك المذهب
الإسلامي السني والذي انشق عنه عدة فرق دينية إسلامية سنيه كفرقة السنة (الاباضية)
وفرقة السنة (جماعة التبليغ ) وفرقة السنة ( السلفية ) وجناح لتنظيم عسكري هو
(تنظيم القاعدة ) ويعتبر نفسه من أتباع المذهب السني وابتعاده عن قول الله تعالي :
( ادعوا إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنه ..
الخ الآية ) وجناح سني سياسي
(الإخوان المسلمين)..
الخ .
وأيضا ظهرت فرق دينية إسلامية ( لا سنية ولا
شيعية ) فبعضها خليط من المذهبين (السني والشيعي ) وبعضها بعيد عنهما وحتى عن الدين
الإسلامي الصحيح والقران والسنة النبوية كفرقة البابية والبهائية وفرقة الروحانية
الحديثة وفرقة السيخية وفرقة القاديانية وفرقة المهدية وفرقة النصيرية وفرقة
اليزيدية , وفرقة الدروز ..
الخ .
وبهذه الانشقاقات والتفرعات ظهرت
الاختلافات فيما بين أتباع الفرق ومعتقداتهم والذي اوجد عداء وصراعات و كلا يعمل ضد
أتباع فرق دينية إسلامية أخري لمحاولة تصفيتها ويكون بهذا خرج من خرج عن الدين
الإسلامي الحنيف والصحيح ونجد أن معظم هذه الانشقاقات وفرقها انطلقت في معتقداتها
علي أساس طلب الحكم والسلطة وطلب المال والثروة وطلب الامتيازات والتمييز وطلب
الاصطفاء لنفسها دون غيرها ولأتباعها ونجد من يسيرون وراء هذا التوجه من العامة
الأتباع كثيرون ولا نجد عندهم عاقة بالدين الإسلامي الحنيف الصحيح ولا علاقة
بإعمالهم وتوجهاتهم وفكرهم ومعتقداتهم وأهواءهم ورغباتهم ولا يعملون لأجل بالدين
الإسلامي الحنيف الصحيح ..
مع أن كلا يدعي الإخلاص والصحة لما عنده من معتقدات
وفكر ويعتبر نفسه وكأنه على الدين الإسلامي الصحيح .
كما نرى بان غالبية هذه
الفرق ارتكزت على الجر والانجرار نحو أحداث الماضي وفكر وسلوكيات مسلمين وأئمة ممن
قد ولوا وماتوا وقضوا نحبهم واخطئوا ولا يعبرون إلا عن أنفسهم وفقط يتم هذا التنقيب
والجر لأجل ضرب فرق دينية إسلاميه أخري هي (ضد) .
كما ونشهد كلا من أتباع فرقه
دينية إسلاميه يسبون ويلعنون ويكفرون أئمة وأتباع فرق أخرى ولديهم تعصب وولاء لفكر
شخصي وكلا الائمة فرقتهم ممن كانوا قبلهم ودون التفكير والتمعن فيما قد يكون صحيحا
أو خطأً فيما يجره وينجر إليه فيكون فكر شخصي وفتاوى واجتهادات بالوقت الحاضر وهم
يعدون أئمة وعلماء اليوم بان يجعلون عقولهم واعية ومن منطلق أنه لا يوجد إنسان أو
عالم مقدس ومنزه عن الخطأ فقد قال هذا رسول الله (ص) حين قال في حديثه الشريف : (كل
ابن ادم خطاء وخير الخطاءين التوابون ) فاليوم نري الكثير يبتعد عن أن يكون القران
وأصول الدين الإسلامي والسنة النبوية هو ميزان الحكم والتفريق بين الاختلافات وبين
كل ما يرد للساحة من فكر وللعامة من الشعوب الإسلامية وتقييمه اهو صحيح أم خطاء
سواء عند هذه الفرقة أو ذاك المذهب أو عند تلك الفرق أو تلك المذاهب الدينية
الإسلامية ودون تعصب ..
حيث نجد اليوم وقد أصبح الفكر الشخصي والفتوى ألسفري
وأحداث التاريخ الإسلامي الدامية المؤلمة هي ما يحتكم إليها ويرتهن بها ويسيرون
وراءها ويسيرون العامة من المسلمين .
وكائن اليوم أن البعد عن حكم الفصل والقول
الحكيم وهو القران الكريم والسنة النبوية أن عمق هذا البعد الفرقة والشتات وولد
الصراعات وأشعل الاقتتال بين امة الإسلام ومنها ما هو بفي داخل البلد الإسلامي
الواحد مع أن الله تعالي قال في محكم كتابة القران الكريم : (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ
خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا
كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (سورة البقرة 134 ) وقد جاء عند المفسرين ابن كثير والقرطبي
والطبري تفسيرهم لهذه الآية بقولهم أن لفظ ( تلك ) يشير لمن مضي ومات من السلف
الماضين من الأنبياء والصالحين والآباء والأجداد الأولين .
ولفظ (امة ) في هذا
الموضع تعني الجماعة .
(قد خلت ) يعني : مضت لسبيلها .
وقد قيل للذي قد مات
فذهب : قد خلا : لتخليه من الدنيا فاستعمل لفظ خلا في الذي مات.
ويعني بقوله
تعالى : (لها ما كسبت) أي لكل نفس إنسانية ما عملت من خير أو شر ولا تؤاخذ نفسا
بعمل غيرها وفي أي زمان أو مكان وقال المفسرون بان الله تعالي يخاطب الناس بمعني
يأيها الناحلون لا تؤخذون بما نحلتم عمن قبلكم من ملل لأن لكل نفس ما كسبت وعليها
ما اكتسبت .
فدعوا انتحالهم وانتحال مللهم ويراد هنا عن ملل الأنبياء والرسل من
بعثوا قبل الرسول محمد (ص) , وإن الدعاوى غير مغنيتكم عند الله شيئا وإنما يغني
عنكم عنده ما لكم من صالح أعمالكم إن كنتم عملتموها وقدمتموها .
كما ولا ينفعكم
انتسابكم للأولين وان كان النسب يعود لأنبياء اصطفاهم الله تعالى بالنبوة إذا لم
تفعلوا خيرا يعود نفعه عليكم فإن لهم أعمالهم التي عملوها ولكم أعمالكم ( ولا
تسئلون عما كانوا يعملون ) أي لا يؤاخذ أحد بذنب أحد مثل ولا يذهب إليها
...
وعلية اختم لما أريد أن اخلص إليه بالقول : فهاهم اليوم المسلمون إخوة الدين
الإسلامي الواحد تفرقوا وفرقتهم أحداث تاريخية ففي لبنان مثلا اليوم يتصارعون شيعة
وسنة ومارونيون مسيح ..
وها هم اليوم أهل السنة الشيعة في العراق يقتلون بعضهم
بعضا ..
وهاهم اليوم في اليمن تقوم حرب ضروس وهي السادسة ..
وفي إيران الشيعة
يلاحقون ويضيقون علي أتباع المذهب السني من الإيرانيين أبناء جلدتهم وتمتد
الملاحقات إلي خارج الحدود الجغرافي لبلدهم..
وفي المغرب أهل السنة و التيجانية
يلاحقون أتباع المذهب الشيعي ..
وفي مصر يلاحقون أهل السنة الجناح السياسي من
الأخوان المسلمين ..
الخ .
فما نشهده اليوم وهو كائن عداء وصراعات واقتتال
داخلي وحروب ضروس من موطن إسلامي إلي آخر وتنشر من وقت لآخر وبين أتباع فرقة دينية
إسلامية مع أخرى ..
فشتت كلمة امة الإسلام وأضعفتها أمام أعداءها وجعلتها لقمة
سائغة للأعداء فعبثوا بأمة الإسلام وافتروا على دينها الإسلامي الحنيف .
وعاثوا
فساداً في بلدان الإسلام .
وغالبية قادة الأمة العربية والإسلامية سواء حكام أو
سياسيين أو علماء دين أو أصحاب فكر أو أهل ثقافة يتغاضون بان يغمضون العينين
كالأنعام أو أنهم لا يعون ما يحاك للأمة الإسلامية ودينها وما يراد بها من قبل
أعداءها .
فقد أصبح الهم الغالب هو مكاسب دنيوية شخصية
s_hz208@hotmail.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد