;

حين يتدمر الاستقرار بالعولمة .."الحلقة الرابعة" 932

2009-09-23 08:22:20



العولمة بشكلها الراهن وقواعدها
المعاصرة. .
مشروع أميركي لا يستثنى من مكاسبه الكثير من البلدان النامية
والغالبية العظمى من دول القارة الأفريقية فحسب، بل ويرمي إلى العودة بالعالم إلى
العصر الاستعماري وترسيخ الهيمنة على خيرات الشعوب، من خلال السيطرة على الموارد
البترولية في العالم والهيمنة على حقوق براءات الاختراع والملكية الفكرية، والتحكم
بوسائل الاتصال الدولة،
واحتكار
إنتاج البذور الزراعية المعدلة جينياً، باعتبار أن احتكارها يمكن الولايات المتحدة
الأمريكية من السيطرة على أنتاج المواد الغذائية في العالم أجمع.
. يتناول هذا
الكتاب تحليل قضية العولمة من منظور عقلاني شامل يحيط بها من مختلف أبعادها ومن
منظور إنساني إذ عالج الأبعاد المختلفة للعولمة وما صاحبها من تدهور مستوى المعيشة
وأتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء وتقليص دور الدولة في مجال الخدمات، كما تتميز
بالدفاع عن العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
الكتاب الذي ترجمة
الدكتور/ عدنان عباس علي والصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت
قدم مؤلفاه "هانس بيتر مارتين وهارالدشومان " وجهة نظر مختلف عما هو شائع من
الأحاديث والأفكار الملتهية حول العولمة والتي تدور الآن بين المثقفين
العرب.
أشرنا في الحلقة السابقة كيف تناول المؤلفان الآثار المترتبة على أبعاد
الدول عن التدخل في الحياة الاقتصادية وتجاهل البعد الاجتماعي الذي يؤدي إلى تدمير
الاستقرار الاجتماعي وأن دعوى أي يسوق ينظم نفسه بنفسه ما هي إلا أوهام ستؤدي إلى
تدمير الاستقرار الاجتماعي الذي عرفته الدول الرأسمالية الصناعية في عالم ما بعد
الحرب ، إبان عصر دولة الرفاه كما يشيران إلى أن الديمقراطية الحقة تمارس فقط حينما
يكون الناس في مأمن ضد عوائل الفقر والمرض والبطالة وأنه مالم يتحقق الاستقرار
والتقدم في حياة الناس، فسيبقى الناس مهددين بأن تحكمهم نظم تسلطية.
النزعة
الشوفينية ويعتقد المؤلفان أن ديمقراطية العولمة التي تنحاز بشكل مطلق إلى الأغنياء
هي المسؤولة الآن عن كثير من مظاهر التوترات الاجتماعية المتصاعدة في مختلف أصقاع
المعمورة "مثل العداء للأجانب في البلدان الصناعية المتقدمة ، تهميش الفئات
المستضعفة ما ينجم عن ذلك من آثار ، نمو النزعة الشوفينية ، التظاهرات والاعتصامات
والاحتجاجات الجماهيرية مقاطعة الانتخابات نمو الجريمة والعنف وانتشار المخدرات إلى
آخره".
صحيح أن تكامل الأسواق عالمياً وحرية التجارة وضمان تنقل السلع ورؤوس
الأموال دون حواجز. .
من شأنها أن تزيد من الدخول القومية للبلاد الصناعية
المتقدمة ، إلا أن التوزيع الملائم لمكاسب هذه الزيادة وبما يضمن إشراك غالبية
المواطنين فيها لا يمكن أن يتم مالم تتدخل الدولة وسيكون عدد الخاسرين في هذه
البلاد أكبر بكثير من عدد الرابحين في غيبة هذا التدخل.
ولهذا يعتقد المؤلفان أن
عجلة العولمة لا يمكن أن تستمر في الاندفاع دون وجود ما يسمى ب"التكافل الاجتماعي"
الذي ترعاه الدولة، ويريان أن وجود نظام حكومي يرعى هذا التكافل هو الضمانة الأكيدة
لاستمرار التأييد الواسع الذي لا يزال يمنحه المواطنون في البلدان الصناعية لنظام
السوق.
ومع ذلك لا يقع المؤلفان في وهم إمكان العودة إلى "بهجة" عصر الستينيات
وأوائل السبعينيات ، حينما سادت دولة الرفاه وكانت الدولة تتمتع باستقلالية نسبية
تمكنها من تبني السياسيات المالية والنقدية التي تضمن تحقيق قدر معقول من العدالة
الاجتماعية وتتيح بها التخفيف من وطأة التقلبات الاقتصادية.
فعالم اليوم بما فيه
من تعاظم من علاقات التشابك التجاري والنقدي ومن تعميق لدرجة تقسيم العمل الدولي
،ومن إضعاف للسلطة الاقتصادية للدولة يجعل مثل هذه العودة مستحيلة. .
لكن
المؤلفين ينبهان إلى ضروة العمل للتحريك لتوجيه التنافس عالمياً بما يخدم الجانب
الاجتماعي والديمقراطي في حياة الأمم ويؤيدان في هذا السياق الضريبة التي أقترحها
جيمس توين على مبيعات النقد الأجنبي وعلى القروض الأجنبية وتخفيض سعر الفائدة
وإصلاح النظام الضريبي وتطوير نظم التأمينات الاجتماعي وإدخال إصلاحات جذرية تضمن
توسيع النظام التعليمي وترفع من جدارته وإجراء تعديلات هيكلية تمكن من المحافظة على
البيئة لكن المشكلة الأساسية هنا تتمثل في غياب الحكومات القادرة على أخذ زمام
المبادرة لأجراء هذه الإصلاحات للوقوف في وجه العولمة المنفلتة من دون أن تعاقب على
هذه الإصلاحات بهروب رؤوس الأموال منها وهما لا يعتقدان أن المبادرة في هذا الخصوص
يمكن أن تأتي من الولايات المتحدة ا لأمريكية وإنما من الممكن أن تأتي من أوروبا
وهذا يعني أنه يتعين على دول الاتحاد الأوروبي أن تقدم خياراً أوروبياً يضاهي
العقيدة الليبرالية الانجلو ساكسونية المتطرفة وهذا الخيار يمكن حسب اعتقادهما
أن يكون مزيجاً من الأفكار السياسات التي نادى بها "جون ما بزدكينز ولودفيج
إيرهارد"، وليس الأفكار والسياسات التي نادي فريدرش خوت هايك وميلتون فريد
مان".
الحكام والدفاع عن الأسواق الوطنية وعلى الرغم من أن نذر قيام حرب عالمية
ثالثة مدمرة قد ضعفت تماماً بعد انتهاء الحرب ا لباردة فإن الخطر الذي تفرزه
الرأسمالية العالمية يعد أشد خطر إذا ما حدث انهيار اقتصادي عالمي بسبب ضعف وهشاشه
ضوابط الرأسمالية على صعيدها الإعلامي وغياب ضوابطها على الصعيد المحلي ويتوقع
المؤلفان أنه في ضوء هذه المخاطر المتوقعة سيتحول حكام البلدان الصناعية المتقدمة
الذين يغالون الآن في الدعوة إلى " العولمة المتحررة تماماً من أي قيود" بين ليلة
وضحاها إلى الدفاع عن الحماية والأسواق الوطنية والانكفاء على الذات وما أصدق قول
"أوميرتو أحبللي" المدير السابق لشركة فيات الإيطالية عندما ذكر "حينما تبلغ
التكاليف الاجتماعية للتكيف مع السوق العالمية حداً لا يطاق سترد عقلية الانكفاء
على الذات في مختلف دول العالم ستزدهر".

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد