حصار صنعاء
وأن السرية التي سوف تجهزونها سيتم تقسمها إلى أربعة مجموعات كل مجموعه تتكون من 25 فرداً ولهم من الحقوق والواجبات ما هو لصف وضباط وجنود القوات المسلحة، واعتقد أن هذا هو الحل السليم اغتنموا هذه الفرصة لأنه لا سمح الله لو استمريتم في عنادكم ومقاومة الحكومة فسوف يتم الأتي:
1 ضرب أي مقاومه على طول الطريق حتى العاصمة صنعاء من قبل القوات الجوية وتم عرض كروكيات خاصة بقطاعات الطريق وفيها تحديد لمناطقهم بالكيلومترات دون علمهم من أين حصلنا على هذه المعلومات.
فأيقنوا أن الجدية في استخدام القوة واردة حيث تم تحديد مساحة ما يسيطر علية كل شيخ من الأراضي وهذا أرهبهم كثيرا.
2 ستقوم الأسلحة الثقيلة بدك أي موقع يظهر أي مقاومه تجاه الحملة.
3 سيتم احتلال أي منطقة تقاوم الحملة من قبل كتيبة المشاة الهجومية بعد تظهيرها بالأسلحة الثقيلة التابعة للكتيبة.
4 سيتم عمل الخطاط على منطقة الحيمتين من قبل القوات المسلحة.
"وباختصار أن كل منطقة سوف تتضرر إلى ابعد الحدود والخيار لكم وأمامكم أربع ساعات للتشاور وإذا قبلتم الحل فعلى بركة الله وسوف يتم تحركنا بعد الفجر".
وكانوا أثناء الحديث يطلبون الانفراد فيما بينهم للتداول ولمرات عديدة.
وأخيراً قبلوا وتم تجهيز ما طلب منهم وتم منحهم بعض أنواع من المواد التموينية وبهذه الصورة تجنبنا معركة ساخنة وهذا كان هو الانتصار الأول والذي لا يقدر بثمن لما كنت أحس وأشعر به من الدخول في معركة لا أريدها ولا تريدها الحملة ولا يريدها الوطن.
وبعد مغادرتهم مقر القيادة استمعت إلى عبارات جادة وصادقة من النقيب نعمان قائد راجح ما لفظه تهنئتي وتهنئة نفسه وتهنئة البلاد بما وصلت إليه المفاوضات من حلول فشلت فيما سبق.
وللعديد من المرات كون الاتفاق مع المشائخ سوف يفك الحصار عن القوات في مؤخرة المنار منذ مدة طويلة وأن الله سبحانه وتعالى يحقق بالسلطان ما لم يتحقق بالقرآن.
كان الاتفاق الشفوي غير المكتوب قد حسم مع مشائخ "الحيمه" الأربعة المخالف كلياً لما يعتقده الطرف الآخر في حكم المستحيل ومع ذلك فقد توجب افتراض اختراق ذلك الاتفاق لعدد من الأسباب منها عدم حضور الفريق شرده قائد المحور الغربي أو الإشارة إلى موافقته.
قيام أحد الأمراء الصغار الذين يترددون على الحيمتين لعدد من المرات مع جماعات من المتشددين بأخذ الثأر من العواضي لا سيما وأن المطلوب البحث عنه والوصول إليه لأخذ الثأر قد أصبح يتحداهم في عقر دارهم وللمرة الثالثة، علماً بأن الاتفاق شمل مشاركتهم في دوريه لحماية بلادهم في كل من "الحيمه" الخارجية والداخلية وتحملهم المسؤولية فيما إذا حدث أي اختراق لأي سبب من الأسباب وبموجب هذا الافتراض وضع برنامج عمل اليوم الثاني كما لو كانت الحملة داخلة في احتمال يحتم عليها حدوث الاشتباكات ضد قوات معادية على طول خط السير من "مغربة مناخه" وحتى الوصول إلى مؤخرة "جبل المنار".
كانت الأوامر لتحرك الدوريات الثلاث على طول الطريق دورية من الشرطة العسكرية المرافقة للحملة وأخرى من القوات المتواجدة في "مناخه" والثالثة تتحرك في مواقع أربعة تابعة لأهالي "الحيمتين" الداخلية والخارجية.
لقد شكل الاتفاق أولى الخطوات الهامة على طريق الانتصارات القادمة لانتزاع المواقع الإستراتيجية المغتصبة وصولاً إلى تحقيق الانتصار النهائي لفك الحصار، كي تتحقق المعجزة الثانية في البرهان الساطع والدليل القاطع لعودة الحقوق إلى أصحابها إلى جانب ما سبق تحقيقه من مكاسب هامة هي حتما بالنسبة للأعداء خسائر فادحة ومن نتائجها المؤكدة كسب الانتصار النهائي.
ومن أبرز تلك المكاسب ثلاث مراحل هي "التفكير والتخطيط والبرمجة" من قيادة الحملة المتطوعة لإنجاز ثلاثة إنجازات هامه هي وضع الخطة نظرياً وشفهياً بالتالي تحركات عمليه لتكوين الحملة الرئيسية والتحضير لحملات فرعية تساندها وتدعمها.
لقد كانت القيادة المتطوعة دون علم الأعداء رغم ما كان يفترض عند تحركات الحملة الرئيسية ووصول أخبار إلى قيادة الأعداء باعتبار ذلك "تهويس" ولسببين:
1 عدم وجود قوات احتياطية في القوات المسلحة.
2 لعدم مشاركة العواضي بدون قوات مسلحة وبالتالي استحالة اختراق المحور الغربي من أي قوه دون مشاركة العواضي أما مشاركة العواضي فذلك هو المستحيل بعينه.
وقبل تحديد برنامج العمل لليوم الثاني كان الحديث قد سبق مع قائد قوات منطقة "مناخه" النقيب/ نعمان قائد راجح والذي كان على استعداد للمشاركة مع قوات مسلحة لفك الحصار.
كان خلاصة الحديث هو الأتي:
1 انضمامه إلى الحملة الرئيسية للقوات المسلحة.
2 ما سبق الحديث عنه مع النقيب احمد عبد ربه العواضي من شروط طرحت عليه ووافق فوراً وعلى أساس أن يستمر الإمداد والتموين كما كان عليه الحال من "الحديدة" وكان يهمه في الدرجة الأولى الانتصار ضد الملكية لأسباب عديدة منها أخذ الثأر لأخيه عبد اللطيف راجح إلى جانب وطنيته.
3 مشاركته في حل أي مشكلة قبلية قد تحدث بين "مغربة مناخه" ومؤخرة "المنار".
وكان الواجب الأول لهذه لقوات النقيب/ نعمان قايد راجح، تجنيد 25 فرداً يشاركون في الدوريات مع الشرطة العسكرية والواجب الثاني وهو الأهم تحديد سرية في حدود مائة فرد يستحسن إن يكونوا جنوداً تابعين للقوات المسلحة يتم إعدادهم للمشاركة فيما إذا حدث هجوم مضاد من جهة الغرب من قبل الفريق/ شرده.
والواجب الثالث لما تبقى من القوة يكون احتياطاً سواء للهجوم أو الدفاع إذا ما تطلبت الأحوال ذلك، وبهذا الاتفاق تم تحريك القوات المرابطة في منطقة "مناخه" وتشغيلها في نطاق حمله القوات المسلحة لفك الحصار وكان هذا يعتبر من الأمور الهامة في ضم قوات جديدة للحملة.
وقبل الذهاب لنيل قسط من الراحة لبضع ساعات دار التفكير حول وضع برنامج عمل اليوم
التالي 31/ 1/ 1968م، وكان على النحو التالي:
1 تتخذ الحملة شكل السهم.
2 تتحرك الحملة على أساس ترك مسافات بين الوحدات من 50 150 متراً تتسع وتضيق بحسب ما تفرضه طبيعة الأرض على أن تكون تحركات القائد على طول خط سير الحملة في المقدمة بعكس ما هو معمول به في الجيوش العسكرية الأخرى.
وعلى افتراض إن هناك اختراق للاتفاق الذي تم مع مشائخ الحيمتين فإن على السرية الأولى التي تمثل الرأس والأجنحة أن تختار وبسرعة أعلى المرتفعات وتتصدى لذلك الاختراق يعقبها مباشرة السرية الثانية من الخلف لتحل محلها في الرأس والأجنحة ويستمر سير الحملة دون توقف وكأن شيئاً لم يحدث وإذا حصل شيء خارج هذا الترتيب وأصيب شخص أو أشخاص فعلى وحدة الإسعاف معالجتهم بالإسعافات الأولية وإذا كان الجريح مصاباً بإصابات بالغة ولزم مغادرته فيتم نقله بطريقة سريه للغاية إلى الحديدة. وإذا ما توفي فيتم إجراء المراسم بسرعة تامة بعد نقله إلى الحديدة، وتستمر المسيرة دون توقف مع احتمال أن وجبة الغداء ستكون أثناء السير وهي عبارة عن تناول بعض التمور على أن يتم تعويضها في وجبة العشاء بعد الوصول إلى النقطة المحدودة وهي بين السفوح الغربية لمؤخرة "جبل المنار" وقرية "بيت غوبر".
كانت الخاتمة لوضع هذا البرنامج هي تبليغ القادة المشاركين في الحملة خط السير ووقت المغادرة وبعدها أخذت قسطاً من النوم لسويعات.
أحداث يوم 31/ 1/ 1968م:
مع أذان فجر ذلك اليوم كان الإيقاظ لقوات الحملة لأداء فريضة الصلاة والاستعداد للانطلاق وفي حوالي الساعة السادسة صباحاً تحركت الحملة من "مغربة مناخه" مروراً بحجرة بيت المهدي بيت القرعبي بني منصور الحليله، "وتناول وجبة خفيفة وجافه ظهراً" ومواصلة التحرك مروراً بمفحق سوق الصميل خميس مذيوب وصولاً إلى مؤخرة جبل المنار ومن حسن الحظ والتوفيق كانت الأقدار الإلهية قد نسجت غلافاً غطائياً وقائياً من الضباب الكثيف جعل الرؤية ضعيفة بالنسبة للعدو وسهل تحرك الحملة واستمر الضباب منذ بداية التحرك حتى وصولنا إلى المكان المحدود وإذا بالضباب ينقشع قبل غروب الشمس بدقائق بعد أن تمكنا من الحصول على مساحة ومواقع ملائمة لمبيت قوات الحملة في منطقة بين قرية غوبر ومؤخرة جبل المنار وهي النقطة الأخيرة لسير الحملة في ذلك اليوم والتي استمرت ما يقارب الأثنى عشر ساعة حيث كانت المساحة كافية لمبيت الحملة وقد تم سير الحملة وفقاً لبرنامج العمل الذي وضع في اليوم السابق وكانت الأماكن التي تسمى بالمقاهي خالية، وبمجرد وصولنا إذا بأصحابها قد حضروا رجالاً ونساءً لتقديم الخدمات للمسافرين وكان هذا المظهر رغم بساطته من المظاهر التي كان لها الأثر في تحريك الحياة من جديد في هذه المنطقة حيث أمكن توفير وجبة ساخنة لأفراد الحملة.
وكانت المواقد قد بدأت تشتعل فيها إيذانا بتجدد الحياة، لقد أعطت الحملة وعدا بسلامة جميع الأهالي وإنقاذهم من عزلتهم تمكنت قوات الحملة من تعويض الوجبة الرئيسية في وجبة العشاء.
وقد كان وصول الحملة إلى موقعها الحالي تعتبر فكا للحصار عن قواتنا المحاصرة في مؤخرة جبل المنار من جهة الغرب.
وفي مساء ذلك اليوم والذي كان برنامجه سرياً للغاية لم يتم التمكن من وضع برنامج عمل لليوم التالي بسبب عدم الحصول على استطلاع دقيق ولكني كنت سعيداً للغاية بما قد تم إنجازه في ذلك اليوم حيث وقد كنت قلقاً من حدوث أي اختراقات للاتفاق الذي تم مع مشائخ الحيمتين وبحمد الله تم وصول الحملة إلى هذه المنطقة دون إراقة أي دماء وقد كان ذلك بالنسبة لي وللحملة بشكل عام يعتبر مكسباً كبيراً. وقبل الذهاب لأخذ سويعات من النوم استمر التفكير حول قيام الحملات الفرعية بمهامها في الأوقات المحددة بحسب ما تم الاتفاق عليه مع القائد العام الفريق/ حسن العمري. <