عصام المطري
الدين الإسلامي الحنيف هو دين التوسط والاعتدال، والأمة المحمدية هي أمة الوسطية والاعتدال بتقرير المولى عز وجل في القرآن الكريم حين قال: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"، فتحقيق الشهود الحضاري على الناس يلازمه توسطاً واعتدالاً في الدين والخلق وفي السلوك والتصرف وفي الفكر والثقافة، فالإسلام يمقت التنطع والغلو والتطرف في الدين والخلق وفي السلوك والتصرف وفي الفكر والثقافة حيث يقول الرسول والنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه"، فهذا الدين عظيم، من يدخل فيه لا يكون إلا رفيقاً كما أخبر بذلك النبي والرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة وأبلغ التسليم.
إن الثقافة الوسطية المعتدلة هي الثقافة المرغوب بها مجتمعياً ودولياً وعالمياً ذلك لأنها تحتوي من حولها وتعبر عن المجموع الحضاري وهي سلسلة سهلة بسيطة هينة ليس فيها نتوءات تذكر بل إنها رفيعة عن المس والاشتباه، فهي ثقافة حية. . ثقافة البناء والإعمار للوطن الراسخ ومتمثلوها هم الناس النوابغ المجتهدون الكمل الذين لا يجدون في طريق تمثلها أي حرج أو تكلف في النفس وفي التصور والاعتقاد، إنها ثقافة سهلة تضع متمثلها أمام الحقائق الجوهرية البسيطة عن الكون والإنسان والحياة، وهي تعطي تفسيراً واقعياً للأحداث والوقائع من منطلق إسلامي بحت ويجنب الإنسانية مغبة الانزلاق في الهاوية وفي حبائل الشيطان الرجيم وأعوانه.
أما ثقافة الغلو والتطرف فإنها ثقافة مأزومة متطرفة متنطعة مغالية تقيم الأوضاع تقييماً خاطئاً فتجنح إلى الشر وتعادي الناس وتنفرد في الصوامع، وزوايا المساجد ذلك لأنها ليست الثقافة الحقة التي تخرج الإنسان من الظلمات إلى النور وهذا هو مقصد إسلامي صرف إخراج الناس من الظلمات إلى النور حيث يؤكد الله سبحانه وتعالى على فاعلية ثقافة التوسط والاعتدال في إخراج الناس من الظلمات إلى النور حيث يقول في سورة البقرة: "الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أوليائهم الشيطان يخرجهم من النور إلى الظلمات"، فالله يخرج الناس الذين والوه من الظلمات بصيغة الجمع لأن الظلمات أشياء كثيرة إلى النور الأحد المفرد الذي هو شيء واحد بينما أصحاب الثقافة الغاوية وثقافة الغلو والتطرف والتنطع تخرج الناس من النور إلى الظلمات وهي ثقافة الكفار قال تعالى: "والذين كفروا أوليائهم الشيطان يخرجهم من النور إلى الظلمات"، فتتبع معي أخي القارئ الكريم أهمية ثقافة التوسط والاعتدال في بناء الشخصية الإسلامية السوية، وأثر ثقافة الغلو والتطرف والتنطع التي تنتج شخصيات غير سوية تحارب المجتمع وتعتزله ويحدث شقاق بين الرجل وأمه وأبيه وأخيه فواحد من أولئك المتشددين يضرب أمه وما عرف أن الجنة تحت أقدام الأمهات، وأين الإسلام من هذا.
إن الأمة الوسطية المعتدلة هي أمة النجاة والانتصار العظيم لثوابتها وأهدافها وتطلعاتها، فهي أمة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم ذلك أن الأمة الوسطية المعتدلة تربي الشخصيات الإسلامية النيرة التي تعمل بحسب مواقعها المتعددة والمتنوعة خدمة للدين الإسلامي الحنيف في العديد من مجالات الحياة المتعددة والمتنوعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتعليمية والأمنية والتربوية والعسكرية والإعلامية وتلك هي الشخصية التي يفاخر المرء بها بشخصية متزنة وسطية معتدلة تحب الجميع وتحب العمل للجميع والله من وراء القصد. <