بقلو / أحمد عمرابي
عبارة «الجهاد» دخلت قواميس اللغات الغربية بمعنى «الإرهاب المقدس» وكأن النضال الوطني تحت شعار إسلامي سبة حتى لو كان ضد احتلال أجنبي، وللحديث مناسبة، فقد نشرت صحيفة «هيرالد تربيون» الأميركية خلال الأسبوع الماضي تحقيقاً صحافياً مفاده ان الجيش الإسرائيلي يقاتل الشعب الفلسطيني بأسره انطلاقاً من عقيدة دينية «مقدسة»، وكمدخل لهذا التحقيق أشارت الصحيفة إلى الشهادات السرية التي أدلى بها جنود إسرائيليون حول الانتهاكات الإجرامية التي مورست ضد المدنيين الفلسطينيين خلال مسلسل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
فقد ورد في التحقيق أن هذه الانتهاكات لم تكن ممارسات عفوية وعشوائية وإنما تعكس برمجات تدريبية على أساس ديني ترتب لها القيادة العليا في الجيش وتفيد بأن القوات الإسرائيلية تخوض ضد الفلسطينيين حروباً مقدسة، وورد في كثير من الشهادات ان الهيئات الدينية اليهودية توزع على الجنود بانتظام كتيبات ومنشورات ذات رسالة واضحة.
وعلى سبيل المثال تقول بعض الكتيبات «نحن الشعب اليهودي جئنا إلى هذه الأرض طبقاً لمعجزة إلهية، ونحن الآن مضطرون إلى القتال لطرد غير اليهود امتثالاً لإرادة الله«. ويقول تحقيق الصحيفة الأميركية انه خلال الأربعين عاماً الأولى من عمر الدولة اليهودية كان الجيش الإسرائيلي يخضع لسيطرة اليهود «العلمانيين» الذين يعتبرون أنفسهم غربيين.
ولكن خلال العشرين عاماً الأخيرة تمكن اليهود المتدينون، ومعظمهم من سكان المستوطنات المقامة على أراض فلسطينية محتلة، من الاستيلاء على المناصب العليا في الجيش بمن في ذلك حاخامات ذوو رتب عسكرية. وأبرز هؤلاء كبير الحاخامات أفيشاي رونتسكي «وهو من المستوطنين» الذين يحمل رتبة «عميد».
وكان له نشاط مرموق خلال الحرب على غزة حيث كان يقضي معظم وقته مع القوات في الميدان. وقد أصدر خلال الحرب منشوراً إلى الجنود قال فيه: «لا ترحموا الفلسطينيين قساة القلوب».
على أن أخطر الشهادات التي وردت على ألسنة كثير من الجنود هي توعدهم بالعصيان اذا صدرت اليهم تعليمات بتفكيك مستوطنات. قالوا هذا استناداً إلى ما تلقوا من فتاوى دينية صادرة عن خامات. والآن لنتساءل: أليس الأجدر بنا ان نتعلم من عدونا؟
«حماس» و«الجهاد» يصنفها الإسرائيليون كمنظمات إرهابية. ولأن إسرائيل تدرك خطورة النضال الذي ينطلق من عقيدة دينية راسخة فإنها لا ترفض فقط الاعتراف بهذه المنظمات بل تسعى إلى تدميرها. <
