شكري عبدالغني الزعيتري
على الرغم من أن الألمان قد بدءوا العصر النووي بتجربة العالمان ( ستراوشمان واوتوهانز ) في نهاية عام 1938م إلا انه اتضح فيما بعد الحرب العالمية الثانية إن ألمانيا لم تبن أسلحة نووية وان البحث النووي فيها لم يعطى الأهمية الكافية وعلى عكس ذلك فان العلماء الأمريكان والغربيين من اليهود الذين هاجروا من أوروبا إلى أمريكا بسبب الحرب والاضطهاد الذي مورس عليهم في أوروبا هم من سعوا لبناء ترسانة الأسلحة النووية لأمريكا لأنهم أدركوا الأهمية الحربية للطاقة النووية وبدءوا التفكير الجدي في استغلالها في الأغراض الحربية وشجعوا على ذلك. حيث اجتمع العلماء الأمريكان وخبراء ضباط في الجيش الأمريكي وبرئاسة العالم (فرمي) يناقشون مدى إمكانية بناء قنبلة تستند إلى حادثة الانشطار والتفاعل المتسلسل وبعدها اتفقوا على أن يبعث العالم (اينشتاين) وهو عالم يهودي الأصل أمريكي الموطن برسالة إلي رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حينئذ فرانكلن روزفلت وفي ربيع عام 1940م. وقد كتب العالم (اينشتاين) رسالته الشهيرة إلي روزفلت يحذر فيها من ألمانيا بقوله ربما كانت تبني قنبلة نووية وينصح فيها بان تقيم الولايات المتحدة الأمريكية برنامجا واسعا لصنع الأسلحة النووية. . إذ في ديسمبر عام 1940م بدأ (غلن يبيرغ ) تجارب أدت إلي اكتشاف البلوتونيوم وتمكن من صنع مقادير منه لا تزيد عن بضعة أجزاء من مليون جزاء من الغرام بينما تحتاج القنبلة النووية إلي أطنان من البلوتونيوم. وفي يناير 1941م تم البرهان علي أن البلوتونيوم كاليورانيوم تنشطر نواته بفعل النيترونات. وفي أوائل عام 1941م قرر الرئيس الأمريكي (روزفلت ) تأسيس المجلس الوطني لأبحاث الدفاع. وفي بداية عام 1943م إنشاء مشروع مانهاتن السري لبناء سلاح نووي تحت إشراف الدكتور (روبرت اوبنيهايمر ) الأستاذ بجامعة كاليفورنيا. وبعدها قام العالم (لورنس ) الفيزيائي الأمريكي بتطوير المسرع النووي الدائري (السكلوترون ) ليجعله قادر على فصل النظائر بمقادير صناعية وقد نجح لورنس في تطوير مسرعة (السكلوترون ) الذي أصبح الجهاز النموذجي الذي بنيت على أساسه الآلات التي تفصل النظائر والتي أنتجت واحدة منها اليورانيوم (235) المستعمل في أول قنبلة ذرية تلك ألتي ألقيت علي هيروشيما والتي ما تزال بناتها مستخدمة حتى اليوم. وقد تم حينها تعين ثلاثة علماء نوويين رؤوسا لمشروع صنع القنبلة النووية هم (كنتن ولورنس ويوري ) وكانت مهمة كنتن هي الإشراف علي برنامج تبنى به قنبلة تستخدم البلوتونيوم من اليورانيوم وقد اعد كنتن برنامجا لذلك قسمة إلى أربع مراحل وحدد فترة زمنية لكل مرحلة فكانت المرحلة الأولي و التي قرر أن ينبغي الانتهاء منها في يوليو عام 1942م يتم التأكد من إمكان تحقيق تفاعل متسلسل ينتج البلوتونيوم. وفي المرحلة الثانية وقرر أن يتم الانتهاء منها في يناير 1943م يتم تحقيق التفاعل المتسلسل الأول. وفي المرحلة الثالثة وقرر أن تكون نهايتها في 30 يناير 1943م يستخرج البلوتونيوم من اليورانيوم وفي المرحلة الرابعة والأخيرة يناير 1945م تصنيع القنبلة النووية. وقد تحققت هذه المراحل الأربع في مواعيدها الزمنية المحددة وتم الوصول في نهاية مشروع البرنامج إلى امتلاك الولايات المتحدة الأمريكية لأول قنبلة نووية في يونيو عام 1945م. حيث استخدمت طريقتا الفصل معا أي الفصل بالانتشار الغازي والفصل الكهربائي المغناطيسي مضافا إليهما الفصل بالانتشار المائع التي كان قد طورها (فليب ابلسن ) فأمكن بذلك معالجة بضع عشرات من أطنان اليورانيوم الطبيعي لإنتاج ستين كيلوغرام من اليورانيوم (235) القابل للانشطار استخدمت في القنبلة النووية التي ألقيت علي مدينة هيروشيما اليابانية. . كما استمر حينها في إنتاج البلوتونيوم (239). وعند بناء أول مفاعل نووي أمكن التفكير في بناء نماذج مطورة تكون علي مقياس صناعي ويمكن استخدامها لإنتاج البلوتونيوم اللازم للقنابل النووية. وقد قامت الشركة الكيميائية الكبرى (دوبون) بتنفيذ المشروع الصناعي التي اعتمدت على فصل البلوتونيوم المتولد من النتائج الأخرى لانشطار اليورانيوم في المفاعل النووي. وبنت شركة (دوبون) المفاعل الأول في (اوك ردج) في عام 1943م وكانت استطاعة هذا المفاعل التجريبي (مليون واط ) وكان قادرا في البدء علي إنتاج غرام واحد من البلوتونيوم في اليوم ثم ارتفع هذا المقدار عدة أضعاف وكان استخراج هذا البلوتونيوم يتم في المصنع الكيميائي الذي بني لهذا الغرض. وبعد نجاح المفاعل التجريبي والمصنع الكيميائي بنت المصانع في (هانفرد) وكانت مؤلفة من ثلاثة مفاعلات نووية وثلاثة مصانع كيميائية للفصل وكانت استطاعة كل مفاعل مائتي مليون واط. وفي صيف عام 1945م كان الإنتاج قد وصل إلي عدة كيلوا غرامات من البلوتونيوم استخدمت في 16/ يوليو 1945م تم إجراء أول انفجار تجريبي نووي في صحراء الماجوردو بولاية نيومكسيكو الأمريكية. . و في تاريخ 6 أغسطس 1945م ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية من قاذفة حامله أمريكية القنبلة النووية الأولى والتي كان مقدار الطاقة المتولدة الانفجارية التدميريه المخرجة عن هذه القنبلة والتي حملت عشرة كيلوغرامات من اليورانيوم القابل للانشطار (235) و انفجر منها حوالي اثنان بالمائة وولد طاقة انفجارية تساوي الطاقة المتولدة من حوالي أربعة ألاف طن من الدينامت. و لصناعة القنبلة النووية تحتاج إلي أطنان من البلوتونيوم. وإنتاج البلوتونيوم يتطلب محطة خاصة بمعالجة وقود المفاعل المحروق لاستخلاصه. وهذا النوع من محطات معالجة الوقود ينتج منه نفايات كيميائية عضوية ونفايات نووية غاية في الخطورة على البيئة بشكل قد يفوق المخاطر البيئية للمفاعل نفسه. . . ومنذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي و الذي ظهرت فيها جهود ناجحة في إنشاء المفاعلات النووية لتوليد الكهرباء لإغراض التنمية وتطورها. إذ شهد تطورا متسارعا في بناء المفاعلات النووية وفي تطوير تكنولوجيا المفاعلات النووية. إلا أن ذلك صاحبه تطور مأساوي في تطوير وتكديس أسلحة نووية ذات قدرة تدميرية اشد كافية لإنهاء الحضارة الإنسانية من على وجه هذا الكوكب بل وإحداث تغيير جذري مروع في بيئة هذا الكوكب لا قدر الله تعالى. . . . . . . تابع بالعدد القادم غدا الحلقة التاسع عشر بعنوان( من أسلحة الدمار الشامل القنبلة الذرية النووية). <
Shukri -_alzoatree@yahoo. com