almonef 86@ yahoo.com
في بلادنا أمور عجيبة جداً، ففي الوقت الذي تكتظ فيه المكتبات والأكشاك بالكم الهائل من الصحف الحكومية والحزبية والأهلية وغالبيتها تجثم على صدور الأكشاك والمكتبات حتى نهاية الأسبوع ليتم سحب العدد السابق واستبداله بالعدد الجديد.
لم تكن ولادتها إلا لشغل حيز من الفراغ أو إرضاء لأحد المعمرين الذي أفنى معظم عمره على كرسي الوظيفة فقط ليدير حركة أرصدته في البنوك، كما أن هناك صحفاً تتصدر مبيعاتها سوق الصحف اليمنية والسبب يعود لرغبة الموالعة في حل كلماتها المتقاطعة للتخلص من هموم ما بعد التخزينة دون الالتفات إلى ما تحويه أسطرها من سم زعاف.
المؤلم جداً أننا نلاحظ كثيراً من الصحف تعتمد في أخبارها على الصحف التي سبقتها في الإصدار بإضافة بعض مساحيق التجميل وعلى طول من المنتج إلى المستهلك، حتى أن أحد الكتاب روى قصة زيارته لمقر إحدى الصحف المثيرة للجدل كيف أنه لم يجد في المبنى سوى شخص واحد بشحمه ولحمه هو من يقوم بدور الكتاب الوهميين والمحررين ورئاسة تحرير الصحيفة وكأنه في فقاسه لتفريخ الدواجن.
بينما فكري قاسم ذلك المبدع صاحب العبارات اللذيذة والكلمات المحشوة بالشوكلاتة والأحرف المسجاة بابتسامات مقالاته الساخرة والهادفة يحرم من ترخيص لصحيفة "حديث المدينة" وقد استوفت كل الشروط القانونية المطلوبة من وزارة الإعلام بعظمة قدرها.
يقال أن هناك جهات نافذة دفعت بكل ثقلها لتمنع "حديث المدينة" من أن ترى إشراقة النور.
فلماذا كل هذا الخوف من قلم فكري؟ وكيف بإمكاننا التخلص من الفساد الجاثم على صدر هذا البلد المنهك إذا كانت الصحف أسيرة والمشانق تنصب لكتابها تنفيذاً لرغبات الأباطرة الملطخة أياديهم بنهب ثروات البلد واستنزاف عائداته؟
متى سيسمح لهذه الصحيفة أن تنظم إلى رفيقاتها في ساحة النضال الإعلامي للدفاع عن المال العام والمطالبة باستئصال الفساد الذي استفحل في معظم أجهزة الدولة وملاحقة الفاسدين وبتر الأيادي التي تنهش في جسد هذا الوطن وتمتص دماء أبنائه..بالتأكيد سيظل الترخيص أسيراً بين يدي صاحب الجلالة عفواً صاحب الوزارة حتى إشعار من جهة عليا، وليس مطلوباً من الأستاذ فكري قاسم سوى تفعيل القاعدة التي تقول "الغاية تبرر الوسيلة" ليستنجد بأحد الرؤوس النووية في هذا البلد حتى إذا ما ذهب إلى وزارة الإعلام وجد تصريح صحيفته موقعاً ومختوماً وفوق ذلك بوسة على جبينه خوفاً من استخدام السلاح المحرم دولياً والإطاحة بالوزير من منصبه.
أتمنى أن يأتي اليوم الذي لا نحتاج فيه إلى رؤوس نووية ولا قنابل عنقودية بل نكتفي بتطبيق القوانين المسجونة في الكتب التي يضعها الساسة كخلفية للصور التي يلتقطونها في مكاتبهم.
أسأل من الله أن يفك أسر صحيفة "حديث المدينة"، وأن يهدي قيادتنا السياسية إلى ما فيه خير هذا الشعب وصلاح وزارة الإعلام.