كان خطاب مرشح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية باراك أوباما أمام مجلس الإيباك مطلع الشهر الماضي كبرنامج من مسلسل الاستراتيجيات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط والذي توعد فيه بمواصلة دعم إسرائيل كونها الحليف الأساسي لأميركا في المنطقة، بيد أن جوهر الخطاب كان مركزاً على أمن إسرائيل والتحديات التي تواجهها من قبل أعدائها حيث توعد بوقوف أميركا في وجه أعداء إسرائيل كإيران وسوريا وحزب الله في لبنان، بالإضافة إلى حركة حماس والذين يشكلون خطراً كبيراً يهدد أمن إسرائيل والمصالح الأميركية في المنطقة.
لذلك ستواجه المنطقة العربية وعلى المدى القريب تحدياً كبيراً لم يسبق له مثيل.
إذ أن الولايات المتحدة الأميركية قد أحكمت سيطرتها وهيمنتها في المنطقة خلال حقبة زمنية مضت وما تزال وتحدث تغييرات سطحية ومنها جذرية على مستوى الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية من خلال حل أنظمة في دول المنطقة وإقصاء حكوماتها، ويبرز ذلك في حل نظام طالبان في أفغانستان ثم أعقبه احتلال العراق واغتيال الرئيس الشهيد/ صدام حسين.
ويتكرر السيناريو في ظاهرة استهداف وإقصاء الحكام بطريقة همجية وتقريباً أن هذا الاستقصاد لن يكون إلا ضد من لا يلبي رغبات أميركا ويسير في ركبها أو رعاية مصالحها في منطقة الشرق الأوسط وربيبة الشر إسرائيل، ويأتي آخر استهداف مؤخراً ضد الرئيس السوداني/ عمر حسن البشير بإصدار حكم ضده من قبل محكمة الجزاء الدولية كمجرم حرب بداعي قضية وأزمة دارفور.
ونستغرب لماذا لم تصدر محكمة الجنايات الدولية قرارات وأحكاماً ضد الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وكذلك الرئيس الأميركي جورج بوش الابن كمجرمي حروب تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ في فلسطين والعراق، أولئك المجرمين الحقيقيين من سفكوا دماء الأبرياء وهتكوا الأعراض ونهبوا الثروات وسلبوا حريات شعوب في كلٍ من أرض الأقصى الشريف وبلاد الرافدين وكذلك أفغانستان، وارتكبوا فيها أبشع الجرائم في حق الإنسانية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، أليست معادلة غير متوازنة!
طبعاً كل هذا حدث ويحدث وسط خمول واضمحلال موقف عربي وإسلامي، وإن كان هناك تحركات من بعض القادة العرب إلا أنها تحركات خجولة، وفي الأخير لا تسمن ولا تغني من جوع، كما أن حكومات الدول العربية والإسلامية أصبحت مشغولة بالمكايدات والفتن الطائفية والمذهبية التي سطرتها إيران وأذكتها الولايات المتحدة الأميركية والتي ألقت بظلالها سلباً على المجتمعات العربية والإسلامية.
وفي هذا الوضع الصعب والمعقد الذي تشهده الساحة العربية حالياً نتساءل: هل سنرى مشروعاً عربياً يتبلور في الراهن القومي لوضع إستراتيجية على كافة الصعيد السياسية والاقتصادية والثقافية؟ لمواجهة التحديات الخطيرة التي ستواجهها حتماً على المدى القريب، فإذا كان هذا هو الوضع حالياً كما ذكرنا، فإلى أين يتجه مستقبل منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية على وجه الخصوص؟ خاصة وأن باراك أوباما قد كشف عن نواياه قبل أن يتربع على عرش البيت الأبيض والإمبراطورية الأميركية.
أم أن أعين العرب وحكامها تشخص ناظرة إلى ملعب المراوغات والتهديدات الوهمية بين إيران وإسرائيل وأميركا وإيران، وتنسى مستقبل أمن المنطقة العربية.