السنوار وقادة حماس لم يوجّهوا أسلحتهم يوماً نحو الشعب الفلسطيني أو الشعوب العربية. لم يدعموا جماعات مسلحة طائفية بالسلاح لقتل الشعوب. فقد كان وما زال سلاح حركة حماس موجهًا نحو الكيان المحتل.
نختلف معهم في علاقاتهم بإيران، ولكن تلك العلاقة لم تجعلهم أداة بيد إيران تقتل بها الشعوب العربية والإسلامية. كنت شاهداً على إحدى المفاوضات في صنعاء لإقناع حماس بترك إيران وتوجيه علاقاتها نحو العرب، وخاصة السعودية. كانت المفاوضات تجرى مع السفير السعودي محمد آل جابر، الذي كان آنذاك قنصلاً في صنعاء.
قطعت المفاوضات شوطًا كبيرًا، ووافق قادة حماس على هذا التوجه. وانتهت المفاوضات بترتيب زيارة نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، موسى أبو مرزوق، للقاء القنصل، ومن ثم ترتيب انتقال الوفد إلى الرياض. تم إبلاغ محمد آل جابر بوجود وفد حماس، وطلب مهلة حتى اليوم التالي للرد. وبعد 48 ساعة، اتصل محمد آل جابر ليبلغنا بالاعتذار وإلغاء سفر الوفد إلى الرياض.
قال لي حينها: "جماعتنا اتخذوا قرارًا بوقف التفاوض مع جماعة الإخوان المسلمين، بما في ذلك حماس." شعرنا بالصدمة من هذا الموقف، لكن قادة حماس لم يبدوا مفاجأة. قال الأستاذ موسى أبو مرزوق: "كنا نتوقع هذا الرد، لكننا قررنا طرق كل الأبواب والسعي إلى تعزيز العلاقات مع أشقائنا في السعودية حتى لو كان الأمل ضئيلاً. لن نيأس."
أكد جميع قادة حماس الذين التقينا بهم في صنعاء أن الدول العربية أهم لهم من أي علاقات أخرى. تلك قناعة راسخة لديهم، ولكنهم يجدون معظم الأبواب مغلقة في وجوههم.
ورغم كل هذه العداوة غير المبررة تجاه حماس، لم نسمع يوماً عن أي إساءة صادرة من قيادتها تجاه المملكة العربية السعودية أو الدول العربية بشكل عام. ما تتعرض له حركة حماس من تحريض ممنهج لتشويه سمعتها، يقيناً أنه غير مبرر. حماس ليست حزب الله الطائفي، ولا هي مليشيا طائفية كالمليشيات العراقية أو الحوثية. حماس حركة إسلامية سنية وطنية فلسطينية، توجه كل طاقاتها ومعاركها نحو الكيان الإسرائيلي المحتل.
نعم، هناك تصريحات تصدر عن بعض قادتها قد تستفز البعض عندما يتحدثون عن حلفاء إيران في المنطقة. في تلك اللحظات، نوجه لهم عتابًا وانتقادات حادة. لكن اليوم، استشهد القائد يحيى السنوار في غزة مقاتلاً في الخطوط الأمامية، مؤكدًا على أن قضيتهم الأولى والأخيرة هي تحرير فلسطين.
إذاً، لماذا هذا الحقد الأعمى تجاه حركة حماس؟ مع التأكيد على أن كل الفصائل الفلسطينية المسلحة داخل فلسطين لا تقل تضحية ولا وطنية عن حماس. يجب علينا جميعًا أن نتعامل بمسؤولية مع حركات المقاومة الفلسطينية. نعم، لهم أخطاؤهم، لكنهم قبلوا أن يدفعوا ثمن قراراتهم بحياتهم.
هل رأينا توحدًا في مظاهرات ضد الفصائل الفلسطينية داخل أراضي السلطة الفلسطينية؟ الشعب الفلسطيني يواصل مقاومته للاحتلال، حتى لو استمر ألف سنة أخرى، داعمًا جميع فصائل المقاومة.
إذاً، لماذا نتجه إلى معاداة إرادة هذا الشعب وفصائله المقاومة؟ هذه التضحيات التي تروي أرض فلسطين من النهر إلى البحر لن تذهب هدرًا. خذلناهم كدول وجيوش، فلا يجوز لنا أن نخذلهم إعلاميًا ونتحول إلى أبواق تهاجم هذا الشعب وفصائله البطلة.
لدينا معركة مع إيران وميليشياتها الطائفية، وهي معركة لن نتركها. ولن نصدق أن إيران وأتباعها صادقون تجاه القضية الفلسطينية. ولهذا السبب، يجب علينا أن نمنع إيران من العبث بالقضية الفلسطينية وبدماء شعوبنا تحت ذريعة التحرير.
يجب أن نرسم حاجزًا بين إيران وقوى التحرير الفلسطينية، ونعيد ترتيب علاقتنا مع هذه الفصائل، ونعيدها إلى حضنها العربي، رافعين راية الإسلام والعروبة. فلسطين عربية، فلسطين إسلامية، ولا مكان للطائفية أو الأطماع الإيرانية فيها.