القرابة لا تمنحك حتى شطر حسنة ولا شبرا في الجنة، وحاشا الله العدل أن يرفع أحدا أو يخفضه لقرابته من فلان أو فلان، حتى لو كانت هذه القرابة قرابة من نبي مرسل أو صحابي عظيم.
إن الذي يرفعك هو العمل الصالح لا الأب الصالح، هي التقوى لا وشائج القربى، هو الدين لا قبضة الطين، هو الإسلام لا الإنسان، هي الاستقامة لا السلالة، ها أنت تتلو في صلاتك وخارجها "تبت يدا أبي لهب وتب"، وتقرأ أيضا قوله عليه الصلاة والسلام "إني لأسمع دف نعليك في الجنة يا بلال".
فما الذي رفع صاحب الحبشة حتى سمع النبي قرع نعاله في الجنة، وأخزى صاحب قريش حتى هاجمه القرآن ووعده بالنار؟
لو كانت القرابة تنفع لنفعت أبن نوح، أو نفعت آزر والد إبراهيم، أو نفعت أبا لهب عم النبي، لقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لقطعة فؤاده وحبة قلبه رضي الله عنها وأرضاها: "يا فاطمة بنت محمد اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئًا".
ربطها بالعمل وأعلن عجزه أن يفعل لها شيئا إذا هي لم تعمل صالحا مع أنها بنته وهو أكرم نبي وأعظم مخلوق، أفتظن أن المدعي الكذاب الذي جاء من "مران" بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- بأكثر من ألف وأربعمائة سنة ليقول لنا إنه ابن ابن عم النبي ستغني عنه هذه القرابة وتنفعه هذه المقولة بينما النبي نفسه يتلو آيات ربه التي تهاجم عمه وتزدريه!
"تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ، مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ، سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ، وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ، فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ".