لا تراهنوا على محور المقاومة الإيرانية في الدفاع عن غزة، والقدس الشريف، لأن في انتصار "غزة"، والقضية الفلسطينية العادلة، سقوطاً لأحلام النظام الإيراني في المنطقة، ولمبررات مساومة الغرب لتحقيق مصالحه الكبرى.
إيران باعت القضية الفلسطينية مقابل السماح لها استكمال إنتاج القنبلة النووية، بتقديم غزة كبش فداء لإسرائيل.
فعبر التاريخ القديم والمعاصر، لم يحدث أن حررت إيران شعبًا من شعوب العالم المُستعبدة. وقد استطاعت أن تلعب دورًا في أن تضع فصائل المقاومة الفلسطينية في فخ كبير لن تخرج منه إلا بغزة محروقة، وهذا هو السيناريو المتفق عليه إيرانيًا، وإسرائيليًا، ضمن محادثات سرية تجري بين الطرفين منذ سنوات.
لم تطلق إيران على إسرائيل منذ قيامها، وحتى اليوم، طلقة واحدة، ولن تطلق مستقبلًا طلقة، البتة، لأن إيران الوجه الآخر للغرب، والنظام الإيراني من أبشع الأنظمة الدكتاتورية في العالم، ومع ذلك لم نسمع منها موقفًا رادعًا صريحًا حقيقيًا يتصدى لها، بل إن النظام الإيراني يقوم بقمع كل ثورة شعبية مناهضة له، بكافة الأسلحة، والإمكانات المختلفة، وسط دعم غربي من تحت الستار.
ألم تطلق إيران سراح خمسة أمريكيين مسجونين منذ سنوات في سجونها، في عداد الرهائن، ضمن صفقة مبادلة مثيرة للجدل، توسطت فيها قطر، مقابل إطلاق 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المحتفظ بها في كوريا الجنوبية، إلى البنوك في الدوحة، ضمن الاتفاق الأخير بين الطرفين الأمريكي والإيراني؟ وهناك تفاهمات واتفاقيات خفية جارٍ تنفيذها، بين إيران وإسرائيل، من جهة، وبين أمريكا وإيران وإسرائيل، من جهة أخرى.
يوم 8 أكتوبر الحالي، كتبت منشورًا في حائطي في "فيسبوك"، فحصدت سخرية من القراء، فضلًا عن أقذر رسائل السفه والتهديد. في مقابل آراء محترمة شاطرتني رأيي، ولست، هنا، ضد كل من اختلف معي، قلت فيه: "من الذي دفع حركة حماس الفلسطينية، لإشعال "طوفان الأقصى"؟ طبعًا إيران.
ومن الذي دفع بأمريكا إلى تحريك حاملات طائرات إلى إسرائيل؟ طبعًا بحجة الدفاع عنها.
أرأيتم كيف ورط الفارسيون الشعب الفلسطيني الذي يتضامن أحرار العالم مع قضيته المصيرية، في سبيل استعادة دولته المحتلة من قبل الكيان الصهيوني؟!
هناك معطيات كثيرة تقودنا إلى أن إيران تخدم إسرائيل، منذ سنوات، في سياق صفقات بينية، وقذرة، لم ولن يستوعبها الكثيرون، وبخاصة في هذا الظرف الذي تمر به فلسطين المحتلة".
إذن، ماذا تريد إسرائيل من الشعوب العربية؟ تدميرها من الداخل، فإذا لم تستطع تنفيذ أهدافها، أوكلت المهمة لإيران، وقد نجحت في ذلك تحت قميص آل البيت، وعسكرة "الشيعة العرب" لتدمير أوطانهم.
ولو نظرنا إلى العراق الغارق بعشرات المليشيات المسلحة المتناحرة عقائديًا، فلا شك في أن إيران استطاعت أن تعمل على تفكيك المجتمع العراقي، واجتثاث حضارته العظيمة واستبدالها بالخرافات، والرذيلة.
سوريا هي الأخرى، كيف أصبحت؟ ألم تشارك أمريكا بغزوها بدعم إيراني مفتوح، وتتظاهر إيران أنها حليفة لبشار الأسد، مثلما ادعت أنها حليفة للعراق؟
لننظر إلى لبنان، ألم تنشئ إيران حزب الله لحماية إسرائيل، والعمل عل تدمير الدولة اللبنانية وإبقائها مترهلة، لضمان أمن إسرائيل؟
إيران تنفي ضلوعها في الهجوم المباغت الذي نفذته حركة "حماس"، واستهدف إسرائيل، فجر السبت، قائلة إن تلك الاتهامات تستند إلى "دوافع سياسية". هذا صحيح، لكن، إيران ضالعة في دفع حركة حماس لخوض معركة مع الكيان الصهيوني، في وقت يجهل الكثيرون أهدافها الشيطانية. أعود وأكرر: في وقت يجهل الكثيرون أهدافها الشيطانية.
ويوم 7 أكتوبر الماضي، قلت في منشور في حائطي في "فيسبوك" من جملة واحدة: ولا أستبعد أن تتدخل إيران لإنقاذ المحتل الإسرائيلي، بحجة "ضبط النفس". وفعلًا طلب وزير الخارجية الإيراني، خلال لقائه أمين عام حزب الله اللبناني، حسن نصر الله، من طرفي الحرب، ما سماه "ضبط النفس". هذا هو النظام الإيراني، الذي يُظهر للعالم أنه مع قضية فلسطين العادلة، بدعم فصائل المقاومة الفلسطينية، دعمًا مفتوحًا، باطنه احتواء القوة الدفاعية لفصائل المقاومة في فلسطين، ليس إلا.
إنه المشروع الفارسي الذي يتشوق للرجوع بالأمة العربية إلى ماضي الخرافات، في زمان الخنوع العربي، ولكن لن يحصل هذا، وهنا سدًا عربيًا بشريًا سيتجاوز إشارات الحكام العرب الذين أصبحوا أدوات للكيان الصهيوني، فدماء الفاتحين لاتزال تغلي في عروق الشعوب العربية الحرة، ومازالت ملاحم البطولات تغذيهم بروح الشموخ والنخوة العربية.
إيران، وأمريكا، وجه واحد لدعم الصهيونية، ومن ينكر ذلك عليه أن يراجع مواقفها الفعلية، وسيجد نفسه أنه كان سخيفًا يوم صدق أن إيران عدو لإسرائيل وحليف لحماس.
ولذلك، نعول على كل أحرار العالم، مناصرة الشعب الفلسطيني، بكل السبل المتاحة أخلاقيًا، وسياسيًا.
فرجال وشباب المقاومة الفلسطينية، هم القادرون، فحسب، على تحرير غزة، والقدس الشريف، وكل شبر من أرض فلسطين المحتلة.