حكم الإعجاب والمتابعة والاستضافة للذين يؤذون الله ورسوله....
الكفر درجات وأقبحه الردة مع إيذاء الله ورسوله
ولهذا حجب الله عنهم الهداية فقال :
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا)
وقال بعدها وفي سياقها محذرا من السماع لهم :
: {وَقَدْ نزلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) }
عمل متابعة على وسائل التواصل لمن يسب الله ورسوله ويستهزئ به وبدينه وشريعته أو يشكك مشمول بهذا النص، والمتابعة أولى من القعود؛ لأن القعود طارئ لدقائق أو لزمن معين أما المتابع فدائم..
فإن كان المتابع لهذه المنشورات موافقاً راضياً فهو مثله في الكفر لقوله تعالى: (إنكم إذا مثلهم)
وإن كان متابعاً صامتاً غير راض فهو عاص لله داخل في العقوبة في قوله تعالى: (إنكم إذا مثلهم) لإطلاق النص وعدم تفريقه بين هذا وذاك.
ومعنى النص مثلهم في الفعل أو الإثم أو الفعل والإثم وهذا من بلاغة القرآن حيث أتى بكلمة تشمل سائر المراتب؛ لأنه قد يكون رافضاً لهذا فتعتبر المثلية في حقه أنه أشبههم في الفعل
حيث تابع منشورات الكفر والزندقة وعصى الله في قوله تعالى: (فلا تقعدوا معهم) وأما مقدار إثمه فلا يعلمه إلا الله تعالى.
ولا يخلو فاعل ذلك من إثم النفاق -والعياذ بالله- وقد يكون راضياً فهو مثلهم في الفعل والحكم الكفري..
ولذلك يحرم متابعة هؤلاء
حتى بحجة الرد، لأن من أراد الرد فيمكنه الدخول للقراءة ثم الرد والبيان بدون متابعة وتكثير وإشهار لمنشورات الكفر والنفاق والزندقة، وأما من لا يريد الرد أصلاً، بل مجرد المتابعة فيحرم عليه ذلك لأنه تكثير لهم فيكون مثلهم.
ومن علامة الموافقة إشارة الإعجاب أو مشاركة المقال ترويجاً له فهذا أخطر على دين الشخص والعياذ بالله، فإن فاعل ذلك مشارك في في أفعال النفاق والكفر مروّج لها فإن دل على الرضى بتعليق ونحوه فقد فعل الكفر فينظر في حاله وتقام عليه الحجج وينصح ويبين له.
قال الرازي: «وتصويب الكفر كفر والرضا بالكفر كفر، فيستحيل أن يبقى مؤمنا مع كونه بهذه الصفة».
وإن فعل الكفر أو قاله مرحاً وهزلاً لا جدا فلا فرق بالإجماع.
لقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) }
قال ابن العربي: «لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جدا أو هزلا، وهو كيفما كان كفر؛ فإن الهزل بالكفر كفر، لا خلف فيه بين الأمة »
قال النووي: «روضة الطالبين وعمدة المفتين» (10/ 65):
«والرضى بالكفر كفر، حتى لو سأله كافر يريد الإسلام أن يلقنه كلمة التوحيد، فلم يفعل، أو أشار عليه بأن لا يسلم، أو على مسلم بأن يرتد، فهو كافر»
والملاحدة المرتدون الذين يؤذون الله ورسوله
كتب الله عليهم أنهم في الأذلين المهانين فقال
.
(إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ أُوْلَٰٓئِكَ فِى ٱلْأَذَلِّينَ)
فالمؤمن يهينه ويذله
لا يكرمه ويعينه.
ومن أعانه وأكرمه فهو مثله كما تقدم.
فمقاطعة وحظر صفحات المنافقين والزنادقة والملاحدة والمرتدين الذين يؤذون الله ورسوله
واجب على من يحب الله ورسوله لما قدمنا من الآيات
وبيان بطلان قولهم والرد عليهم واجب كذلك. وهو من جهاد المنافقين بالحجة المأمور بها في قوله تعالى: «وجاهدهم به جهادا كبيرا»..