تتشابه جرائم المليشيات المنفلتة والخارجة عن سلطة الدولة، في الشمال والجنوب، إلى حد التطابق في الاختطاف والتعذيب الوحشي والقتل الذي يطال الأبرياء دون مبرر، ففي الشمال تطلق ميليشيا الحوثي الإرهابية مصطلحات الدعشنة والارتزاق ضد كل من لا يؤمن بفكرها العنصري، وبهذه الشماعات مارست بحق اليمنيين القتل والاختطاف وتفجير المنازل ونهب الممتلكات، واحتلال مؤسسات الدولة، ومصادرة رواتب الموظفين، وحرمان اليمنيين من أبسط مقومات الحياة،
وفي جنوب اليمن تترصد عصابة مسلحة تشكلت خارج سلطة الدولة كل يمني ينتمي للمحافظات الشمالية، باعتباره هدفا مشروعا لا يبرح نقاطها المسلحة، أو سجونها الغير قانونية إلا جثة هامدة، وبطريقة همجية تتنافى مع القوانين والأعراف تمارس ميليشيا الانتقالي القتل بالهوية.
ما تقوم به مليشيا الانتقالي من جرائم متواصلة طالت الكثير من أبناء المحافظات الشمالية، هو انعكاس خطير للغة التحريض التي تطلقها قيادات سياسية وإعلامية في المجلس الانتقالي ضد من ينتمي لمحافظات شمال اليمن، بدعم وتوجيه من دويلة خارجية أيقظت النعرة الطائفية، وتضع كل ثقلها في هذا المسار اللا أخلاقي، وتدفع بكل إمكاناتها نحو تقسيم اليمن إلى شمال وجنوب وشرق وغرب.
سياسة التحريض الممنهج التي تطلقها قيادات جنوبية، سياسية وإعلامية ونشطاء، على أساس مناطقي أفرزت جرائم بشعة، وتسببت في إزهاق أرواح الكثير من الأبرياء، طوال السنوات الماضية ولاتزال آلة التحريض تحصد المزيد من الضحايا حتى اللحظة، فمن المديرية التي أنتمي إليها "مديرية حزم العدين" خلال ثمانية أشهر فقط ذهب اثنان من أبنائها ضحايا لهذا التحريض والشحن المناطقي، الأول الشاب زكريا عبد الله والذي قتله مسلحا يتبع الانتقالي في مدينة عتق في نوفمبر الفائت وهو يعمل في كافتيريا وسط المدينة، والآخر محمد حسن مهدي، اختطفته إحدى النقاط التابعة للانتقالي في أبين وقاموا بتعذيبه بطريقة بشعة حتى فارق الحياة.
الخلاصة أن كل كلمة تحريضية تخرج من لسان ناشط انتقالي موتور بالمناطقية المقيتة، تحط رحالها في فوهة بندقية مسلح انتقالي أيضا، وتتحول إلى رصاصة غادرة، أو آلة تعذيب لتخترق جسد مسافر بريء مثقلا بهموم الحياة، ومنشغلا بالبحث عن لقمة العيش لأطفاله وأسرته.
أمام هذا العبث المتواصل بأرواح الأبرياء، تقع المسؤولية على مجلس القيادة الرئاسي والحكومة في إيقاف مسلسل التحريض الذي ينتهجه المحسوبون على الانتقالي، والمتبوع بجرائم القتل ضد أبناء المحافظات الشمالية، ولن تتوقف هذه الجرائم إلا بتقديم مرتكبيها للعدالة وإنزال أشد العقوبات الرادعة بحقهم، هذه الدماء البريئة التي تراق بين الحين والآخر هي في أعناق قيادات المجلس الرئاسي والحكومة ووزير الداخلية ومجلس النواب، وكل القيادات الوطنية، ومن يصمت تجاه هذه الجرائم النكراء هو شريكا في القتل، وعند الله تجتمع الخصوم.