٢٢ مايو هو أفضل ما أنجزه اليمنيون في تاريخهم الحديث؛ حيث مثل هذا الحدث خلاصة النضال للحركة الوطنية على كل الجغرافيا لقرن كامل، ومهما تكن الأخطاء التي رافقتها، فإن الثابت لا ينبغي المساس به بأي حال من الأحوال أو التفريط به.
إن الفراغ الذي أحدثته السنوات الأخيرة على المستوى الوطني، وانهيار الدولة، وجُبن النخبة السياسية وانتهازيتها هي ما جعلت المشاريع الصغيرة تبدو أكبر حجما من إنجازات اليمنيين العظيمة و الخالدة.
لقد أنتجت الحرب في ظل هذا الفراغ القيادي نخبة مرتعشة ظلت تمالئ السلاح المنفلت منذ انقلاب الحوثي في صنعاء حتى اليوم، فلم تعد النخبة قادرة على التعبير عن وجدان اليمنيين وثوابتهم، ولا السلطة أو مؤسسات الدولة قادرة على القيام بواجباتها القانونية والدستورية.
إن العالم لا يعترف بتمزيق الأوطان أو المساس بوحدة ترابه، لكنه يدير ظهره لكل الفوضى التي تنتجها الحروب وتأخذ مدى من عمر الأجيال؛ فلا الهويات الفرعية قادرة على البقاء إلا بعوامل خارجية تحكمها ظروف وعوامل دولية وإقليمية، ولا الإرادة الشعبية انتصرت في طل هذا الشتات والتيه.
هذه اللحظة الفارقة في التاريخ توجب على النخب اليمنية شمالا وجنوبا التوقف لمراجعة النفس، إن لم يكن من أجل البلاد فمن أجل الذات فالتاريخ لا يرحم!
تحتاج اليمن اليوم لكل أبنائها، تحتاج للشمال قبل الجنوب، للوجاهات وللرموز الاجتماعية قبل السياسية ولرجال الأعمال والطلبة والعمال والجنود وكل أولئك الذين يمكن أن يقولوا كلمتهم الحاسمة في وجه الهيمنة المليشياوية، التي تسببت في الذهاب بالبلد إلى هذا الهوان، علينا أن نعي المخاطر ونواجهها بعيدا عن حسابات الخارج وتكتيكاته، لأننا نحن من سيدفع الثمن لعقود قادمة.
لنترفع ونسمو على الجراحات، لنحدد بوصلتنا بصورة دقيقة، فالمركب يترنح في ما تبدو رحلة أخيرة نحو الغرق التام، وأي شعب حي ونخب تمتلك الحد الأدنى من الضمير، قادرة على تلافي ذلك ولو بالقدر الذي يحد من هول الخسائر، فهل نحن مجبرين على المضي مغمضي العين نحو حتفنا؟
ليس هناك مأساة حلت على اليمنيين في كل تاريخهم توازي هذه الماثلة منذ لحظة الانقلاب الأولى على الإجماع اليمني واختطاف البلد نحو المجهول الذي صار معلوما الآن ويكاد يبتلع كل شيء.
فما هو الأسوأ الذي لم يحدث بعد لكي نستيقظ؟
علي المعمري
عضو مجلس النواب