اللقاح صناعة نصرانية، والنصارى ما يشتوا خير للمسلمين.

يكفي أن يؤتىٰ باللقاح في قالب أو صورة نمطية "صناعة نصرانية" لتتداعى الأحكام المسبقة المرتبطة بلفظ نصراني في ذهن المتلقي، فيهرب من هذا البعبع المسمى "اللقاح" هروبه من الغول، ولن يجبره على الوقوف والاستدارة إلا أنات طفله المنسحق تحت وطأة المرض، أو غمرات الموت، وربما استفاق متأخرا على صراخ زوجته مذكرة له بوقوع ما حذرته منه مسبقا.

يكفي أن يهاجم اللقاح بوصف خارجي فيه "مكان تصنيعه"، فيعمىٰ الجمهور عن رؤية جوهره "التداوي والوقاية"، وتنسى الشواهد التي رأوها في أجسادهم، ولمسوها في العالم من حولهم على مدى عقود من الزمن.

يكفي أن ينقر على الانتماء الديني لدغدغة العواطف، ما يجعل القطيع يسحب آليا عن جهالة ودون وعي أو تفكير، وراء الهدف المروج له، دون التحقيق في مصداقيته. وهكذا تدحض شرعية اللقاح المقنن له في الدستور اليمني، والذي لم يحرمه الشرع، طالما وانتفى عنه ما يضعه في إطار المحرمات. وهكذا يمنح للمهرج الحق في تحريم اللقاح.

يستحم بشامبو هيد آند شولدرز "أمريكي الصنع"، يغطي جسده ببخات من عطر فرنسي، يلبس بدلته الإيطالية وساعته السويسرية، يدس أحدث جوال من شركة سامسونج الكورية في جيبه، يركب سيارته المرسيدس بنز "ألمانية الصنع"، يسير على طريق عبده الصينيون، ليلحق بطائرة الإيرباص المتجهة لبلد النصارى لأغراض علاجية وسياحية، وأكله وملبسه وأثاثه ومسكنه نصراني × نصراني، يحرص على شراء أدوية ربما لعام أو أكثر نصرانية الصنع، فهو لا يثق بالأدوية التي يستقدمها من الهند في شركته المحلية؛ لأنه يخاف أن يقتل بها، فهي لم تصنع حسب مواصفات الجودة الدوائية، يعود إلى بلده محملا بأنواع الهدايا ذات العلامات التجارية النصرانية، متباهيا وأقرباؤه أمام أصدقائهم وزملائهم، ثم يقف خلف طاولة مصنوعة من الخشب السويدي وقد رصت عليها ميكرفونات بريطانية الصنع، ويلقي خطابا في تحريم اللقاح، لأنه منتج نصراني!!!

حتى نسمح بحظر اللقاح كونه منتجا نصرانيا، يجب أولا تقديم بدائل غير نصرانية ومؤتمنة وذات جودة، وثانيا يجب على المغردين بهذا، التجرد من كل ما هو نصراني، وفي عصرنا الحالي سيجدون أنفسهم ملقون خارج نطاق الجاذبية.

فمن المستهدف من كل هذه الزوبعة: اللقاح لذاته، أم أطفالنا؟

يتبع...