حينما تبنى التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية مواجهة انقلاب الحوثيين ودعم الشرعية، اصطف معه بعض اليمنيين من منطلق إلحاق الهزيمة بعصابة الحوثي الإرهابية وإعادتها إلى الامتثال للقانون والتعايش مع اليمنيين، لكن السعودية كان لها أهداف خفية استطاعت أن تحول التحالف من تحالف لدعم الشرعية إلى تحالف لدعم الحوثي، ولسنا بحاجة إلى سرد الأدلة والوقائع، فيكفي أننا بعد تسع سنوات حرب، نرى السعودية والحوثيين يبرمون صفقة على حساب اليمنيين ودولتهم.
إن أمرا كهذا، ونقصد به الصفقة، وإن بدا أنه طبيعي في الظاهر، لكن ستتبعه عواقب وخيمة، وأنا هنا لا أقول كلاما من باب ضرب الودع أو الرجم بالغيب، فهذه الصفقة ستساهم في زعزعة المنطقة بأسرها، فقد تكفلت السعودية بضرب القوى الجمهورية المناوئة للحوثي، وما تبقى منها تضرب عليها حصارا متعدد الأوجه ولكي نكون منصفين فإن السعودية ما كانت لتتمكن من ذلك لولا قابلية هذه القوى لأن تكون مجرد أداة بيد من يضرب بها مشروع الجمهورية والدولة اليمنية.
ما الذي تغير بالنسبة للحوثي حتى تقدم السعودية على مثل هذه الصفقة، لا شيء، فالحوثي أصبح أكثر قربا من إيران وأصبح ممثلا للثورة الإسلامية التي هي جزء من المشروع الصهيوني الذي زرع في قلب الأمة العربية لكي يمارس الإذلال على الوطن العربي، ولهذا أعتقد أنه ليس هناك من خيار أمام اليمنيين سوى المقاومة باعتبارها مسألة حياة أو موت، ومشكلة الصف الجمهوري أنه يعاني من التردد والضياع والانقسام وأغلبهم لا يسمعون أو أنهم لا يريدون أن يسمعوا، فالصف الجمهوري يعاني من ثلاثة أمراض، الأول مرض التبعية لقيادات تكلست وأثبتت بأنها تعمل ضد وحدة الصف، والثاني عدم القدرة على اتخاذ القرار، والثالث، الحقد والكراهية ضد بعضهم البعض.
ألم يكن الحوثي هو الذريعة لتدخل السعودية في اليمن، وتدخل السعودية ألم يكن الذريعة للحوثي للتنكيل باليمنيين وقتلهم والزج بهم إما في السجون أو في الجبهات لمواجهة العدوان، فكيف نقبل اليوم بتمرير صفقة بين العدوان الداخلي والعدوان الخارجي؟ وكيف نصدق أن الذي أسس بنيانه على العنصرية سيقبل بالسلام والتعايش؟ وكيف نفسر حرص أمريكا وبريطانيا على مد يديهما إلى هذه الجماعة المتوحشة والبربرية الفاشية، إلا أنها جزء من المشروع الصهيوني الذي ترعاه الدولتين ؟
أقولها للتاريخ، أن النظام السعودي يلف الحبل حول عنقه، فعصابة الحوثي الإجرامية ليست خطرا على اليمن فحسب، بل على المنطقة كلها، لقد أجرمت السعودية بحق الشرعية اليمنية وحرصت على التدخل في إدارتها وأوصلت الحثالة إلى قيادتها لكي تهين بهم اليمنيين وأكثرت من تلقيح الشرعية بمليشيات مناطقية تعمل ضد الحريات الفردية والجماعية، مليشيات تزج بالشباب في مستنقع حروبها القذرة وتعمل على توقيف التنمية، واسألوا ماذا فعلوا بعدن خلال السنوات الماضية، والآن بعد أن شرعن معين عبد الملك للحركة التجارية بالتوجه صوب ميناء الحوثيين في الحديدة، سيفجرون الحرب في عدن، وقد هيأ رشاد العليمي لذلك بتشكيل قوات درع الوطن، بعد أن نزع منها الوطن وأبقى الدرع لحرب قادمة في عدن وأبين وشبوة وحضرموت.