يتحمل المجتمع الدولي المسؤولية الأخلاقية والإنسانية والتاريخية جراء الضغوط الاعتباطية التي يمارسها على الحكومة الشرعية في اليمن ومن خلفها دول التحالف المساند للشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات. وذلك فيما يتعلق بمحاولة فرض مقترحات سياسية لاتفاق مشوه مع مليشيا الانقلاب الحوثية الإرهابية يفتقر لأدنى معايير وأسس السلام المستدام.
كيف للمجتمع الدولي والأمم المتحدة المغامرة الكارثية ومحاولة تمرير بنود اتفاق سياسي هش طرفاه الشرعية ومن خلفها اليمنيون وإرادتهم الشعبية ومصالحهم ومستقبلهم وطرف مليشياوي انقلابي إرهابي متطرف عابر للحدود يتمثل في عصابة الحوثي العنصرية الفاشية وأحد الأذرع التدميرية الإرهابية لملالي إيران المصدر للعنف والطائفية والإرهاب عالميا، وكل ذلك يراد له أن يتم دون التعاطي مع المشكلة والحرب من جذورها والبحث بداية في كيفية القضاء على مسبباتها.
ليدرك المجتمع الدولي والأمم المتحدة أن التعاطي مع الملف اليمني اليوم يختلف تماما عن العام الماضي والفائت وما قبله حتى نصل إلى سنة الحرب الأولى وقبلها تاريخ الانقلاب نقطة البداية لكل هذا الوضع ومرتكز القضية وجذرها، حيث تكمن الأسباب وتتضح المسؤوليات والالتزامات والمهام جليا، وعليها يمكن البناء لمقترحات ورؤى الحلول والبقية تفاصيل.
وإنه بالقدر الذي اتسعت رقعة الحرب وكلفتها وزمنها وتشعباتها وتداخلت الأجندات الدولية شيئا فشيئا وتنامت، بذات القدر تأتي التعقيدات، فيما مبعوثي الأمم المتحدة ومبعوثي الدول المهتمة وممثليها السابقين والحاليين ينهجون ذات الطريق وذات الدور وذات الأسلوب والأدوات التي فشلت من قبل كثيراً، مع تكرار وإصرار عجيب على اعتماد نماذج كانت فداحتها لا تختلف عن فداحة الحرب ومثال ذلك اتفاق الحديدة "ستوكهولم" الذي كان هدية مجانية للحوثي ومع ذلك لم تنفذ مليشيا الانقلاب أو تلتزم بأي من بنوده التي تخصها، مقابل الالتزامات والتنازلات الكبيرة التي قدمتها الشرعية والتحالف ومضوا فيها حتى اليوم.
وهنا ننصح جديا المجتمع الدولي وبمقدمتهم الأمم المتحدة ومن بعدها مجلس الأمن أن ارتجال الرؤى والقفز على جذور الملف اليمني والكيل بمكيالين وممارسة أكبر قدرا من الضغط على المملكة وابتزازها وعلى الشرعية وإضعافها مقابل تقديم التنازلات والخدمات للانقلاب الحوثي لن ينتج حل ولا اتفاق يعتد به ويقف على قاعدة صلبة وعليه من الرقابة والحزم والخيارات الرادعة ما يضمن المضي فيه دون تنصل ونكث واستهتار، وان مشروعية الشرعية الدولية وحيادها ومسؤولياتها وهيبتها لن تصاب في مقتل وتنحدر إلى المحك.
وباعتقادي أن هذا لن يتحقق إلا باعتماد أساس الحلول المعروفة والمتفق عليها من مرجعيات الحل النافذة المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن الدولي وبمقدمتها 2216 وما تلا ذلك من وثائق ومقررات تتعلق بالوضع اليمني ومسار المستجدات المرحلية ومنها مخرجات مؤتمر الرياض ونتائج المشاورات اليمنية التي رعاها مجلس التعاون الخليجي مؤخرا، وإضافة إلى التعريج على المقترحات التي أنتجتها أو بحثتها سابقا المشاورات بين الحكومة الشرعية ومليشيا الانقلاب في الكويت وجنيف وستوكهولم وغيرها. بما في ذلك القرارات والمواقف الدولية والاتفاقيات المبينة لمشروعية التدخل العسكري لإسناد الشرعية في اليمن والأهداف التي ينبغي تحقيقها وفقا للشرعة الدولية.
تسطيح المشكلة اليمنية بخطورتها والقفز على جذورها وأبعادها مثير للريبة ويفتقر لأبسط درجات الثقة بالنجاح والجدية وفقا للطريقة التي تدار بها وتمضي محاولات تقرير اتفاق سلام من قبل المبعوث الأممي وممثلي الدول المشاركة، على الرغم من المخاطر الوطنية والإقليمية والعالمية من مليشيا الانقلاب الإرهابية الدموية ومن خلفها أعنف وأخطر نظاما فاشيا يتخذ من إيران قاعدة انطلاق ومحور ارتكاز لعملياته الإرهابية ونقطة تصدير للخراب وزعزعة الأمن والسلم الدولي في الإقليم والعالم.
لا يمكن أن يقف عاقل ضد السلام مهما كانت التنازلات التي يتطلب تقديمها ولعل الشرعية والتحالف باذلون دوما إزاء ذلك من التنازلات والحرص ما هو مجحف وفوق المفترض، مقابل أن الطرف الانقلابية ومن يقفو خلفه لم يلحظ أنه قدم يوم تنازلا في سبيل السلام، ومع ذلك لنا أن نتساءل هل بالإمكان الوثوق بعد بهذه العصابة وما قد يتم من التزامات أن تفي بها أو بجزء منها كما هي عادتها وديدانها المستمر مع كل اتفاق وميثاق والتزام أُبرم معها سابقا، سواء على المستويات المحلية أو على المستوى الوطني أو غيره.
إذ إن التجارب عديدة ومكررة وماثلة للعيان وما أكثرها مع مليشيا الحوثي الانقلابية الإرهابية وجميعها تؤكد تباعا أن لا جدية أو مسؤولية لديها، وأن لا وفاء والتزام بعهد ولا وعد في مختلف المراحل وكل الظروف والاتفاقات، وان الرهان عليها والوثوق بها مجددا ضرب من الخيال ومشوار من العبث!.
ينطلق المجتمع الدولي أو بعض دول وأنظمة الحكم في البلدان المؤثرة وعلى رأسها أمريكا والغرب، في ممارسة الضغوط وتسويق الوهم والتخديرات والأماني مع الشرعية اليمنية ودول التحالف ومع أنفسهم للدخول في عمليات سلام مزعومة وترفضها وتتنصل عنها عصابة الإرهاب الحوثية سلفا، وبلا اعتبارات ولا معايير ولا مؤشرات توحي بنجاح وسائل وأساليب وخيارات السلام والاعتدال لهذه الحركة الحوثية الفاشية والتخريبية والمكتملة الأركان والدلائل بكونها حركة إرهابية من أخطر المنظمات الإرهابية على الإنسانية والعدالة والديمقراطية والتنمية في اليمن ومحيطه العربي والإقليمي وممرات الملاحة والمصالح المشتركة للعالم أجمع وب مختلف المستويات وعلى المدى القريب والبعيد.
لقد تجاوزت الممارسات والسياسات الأمريكية والغربية تجاه الملف اليمني مع المملكة ودول التحالف والشرعية اليمنية حالة الانتهازية وتضارب المصالح وتنفيذ التجارب إلى أبعد من ذلك بكثير، مع سبق التكرار والتسطيح والتلاعب بملف لا يحتاج سوى الوقوف جديا مع الجذور والمخاطر والمهددات الإرهابية التي تتجاوز اليمن والخليج حتى، وصولا إلى تلك الدول التي لا ندري هل يكتنفها الحمق أم يطويها العمى لتصل إلى إهمال وتخطي حتى مصالحها المرتبطة باليمن العمق الاستراتيجي للجزيرة العربية، وتعتمد النهج الأهوج والغبي في تعاطيها مع الملف كلياً.
وما بين التجاهل حينا والتعامي تارة والابتزاز والانتهازية حينا آخر والوهم والغرور في مواطن أخرى يجري التناول والعمل مع ملف اليمن الواضح عمليا تقييما وحلولا ودينامية مع الجميع، فيما لن ينتج من ذلك أن تم، سوى مسكنات وتجميد آني للحرب والمخاطر ومن ثم نعود مجددا للوضع والمحاولات وكأنك يا بو هانس ما سعيت!.
* نقلاً عن موقع المصدر أونلاين