المرونة اللامحدودة التي تتسم بها مواقف رئيس المجلس الرئاسي الدكتور رشاد العليمي صارت السمة البارزة لشخصيته، ففي حين ظن الكثير من اليمنيين فيه خيرا، كونه المسؤول الأكثر فهما بتركيبة المجتمع اليمني والأوسع علاقة بالطبقة السياسية وبالفاعلين الإقليمين، على نحو يمكنه من انتزاع الكثير من المكاسب لليمن، رغم كل التحديات والعوائق والأزمات، إلا إن الواضح حتى الآن أن الدكتور رشاد العليمي بمرونته اللامتناهية، وبمواقفه الزئبقية التي تصل إلى حد اللاموقف، تصب في اتجاه إعاقة كافة المشاريع السياسية، ومنها الحفاظ على الوحدة ومشروع اليمن الاتحادي، بل حتى مشروع الانفصال، وفي حين يرتبط دور الرئيس بمنع استئناف القتال وإيقاف أي محاولات للحسم العسكري، ليس من ضمن مهامه التقدم باتجاه تحقيق أي إنجاز في عملية السلام، فدوره يكمن في توسيع الهوة الواسعة في الأصل بين جماعة الحوثي والحكومة الشرعية، بما يعنيه ذلك من إعاقة للسلام وللحرب معا .
وليس من المبالغة القول أن العليمي هو المسؤول الوحيد الذي بوسعه أن يدلي بتصريح في الصباح يعترف فيه بوجود مشكلة معينة، كنوع من المكاشفة والصراحة، وبسرعة غير متوقعة يستجيب للضغوط فبنفي في مساء وجود المشكلة التي أقر بها صباحا، يصدر قرارا يضمن عدم تقدم قوات المجلس الانتقالي نحو حضرموت وآخر يزيح قيادات مرتبطة بالجيش اليمني، ويوما بعد يوم يتحول الرئيس العليمي من ربانا للسفينة إلى سفينة بلا ربان، فهو من يمارس مهامه في عدن ويقيم في الرياض، ينجح في كشف إعاقة المجلس الانتقالي لعمل مؤسسات الدولة، ويستجيب في الوقت نفسه لضغوط المجلس الانتقالي عن بعد، فيطالب الاتحاد الأوروبي بتحري الدقة وعدم وصف الانتقالي بما ليس فيه .
فمواقف الدكتور رشاد هلامية غير واضحة المعالم، وهو أمر متوقع حدوثه منه، فنقاط الضعف التي يمكن أن تؤخذ عليه من وجهة نظرنا نحن الذين نحلم بتحقيق السلام واستعادة الدولة اليمنية على كامل التراب الوطني، تعد في نظر غيرنا وتحديدا في نظر الفاعلين الإقليمين خصائص ومميزات دفعت بهذا الرجل إلى سدة الحكم ومن شأنها أن تجنبه الاصطدام بتطلعات القوى الإقليمية والمحلية، إلا إن المرونة اللامتناهية، التي أكسبته تأييد دولتي التحالف العربي، ستفقده التأييد الشعبي، واللقاءات التلفزيونية والفيديو كنفرنس التي لا يقابلها أي إنجاز على الأرض أو أي فعل ملموس في الواقع، تجعل ظهوره أشبه بالغياب، وخطاباته لا تختلف عن صمت سلفه .